إذا كانت خيانة الرجل، التي عالجناها
في مقال سابق، مقبولة ومبررة فإن خيانة المرأة جرم يعاقب عليه القانون. لذا فنسبة
الخيانة النسائية أقل انتشارًا خوفاً من الفضيحة ومن القتل كما يحدث في بعض البلدان
التي تشيع فيها جرائم الشرف.
ولأن المرأة في مجتمعاتنا العربية تنشأ على التبعية والخضوع وتتشبع مفهوم أنها أساس
العار الذي لا يُغسل إلا بالدم، لا تُعتبر الخيانة بالأمر السهل عندها بل تأتي
نتيجة اضطرابات نفسية ولّدتها ظروف تربوية واجتماعية واقتصادية وعوامل أخرى منها:
ـ حرمانها من أبسط حقوقها كالتقدير وتحقيق الذات
والاحترام ومنعها من إبداء رأيها.
ـ الكبت المتواصل من قبل المحيطين بها يدفعها لا شعورياً إلى سلوك قد تكون هي نفسها
غير راضية عنه.
ـ معاملة زوجها السيئة لها ولأولادها.
ـ شعورها بأنها لا تحظى بالإنتباه والاهتمام اللذين تريدهما من جانب الشريك المنسحب
من حياتها بشكل كامل عاطفياً وتفاعلياً وعلائقياً وجنسياً فتبحث عمّن يجعلها تشعر
بأنها ما زالت الأنثى المرغوبة.
ـ سوء العلاقة الزوجية وضمور الحب وشعور المرأة بالحرمان العاطفي وعدم الإحساس
الأمان.
ـ إنعدام الحوار بين الزوجين على مختلف الصعد لا سيما في ما يتعلق بطبيعة الرغبات
الجنسية والإشباع.
ـ تعامل زوجها معها على أساس أنها جسد مجنسن فقط.
ـ تعرض المرأة للاعتداء الجنسي في مرحلة معينة من حياتها أو تعرّضها للعنف الجنسي
من قبل الزوج. ـ خيانة الزوج التي ترمي بها إلى الفراغ الذي يولّد لها الإحباط الذي
تتضاعف معه وتيرة خلافاتهما وتزداد الهوّة بينهما اتساعاً، فتغرق المرأة في
الاكتئاب أو تقدم على الخيانة انتقاماً.
ـ إن من شأن شخصية المرأة المهيّأة للتوتر والقلق والاكتئاب بسبب ما تعانيه من
الحرمان أن تجعل عاطفتها تميل إلى من يقدّم لها المساعدة والدعم العاطفي والمعنوي.
ـ إن استرسال المرأة في العيش في عالم من الهوامات العاطفية الخيالية بسبب عدم
الإشباع العاطفي والمعنوي والجنسي يجعلها ترسم في خيالها صورة عن فارس الأحلام الذي
كانت تتمناه، حتى إذا وجدت من يقاربه في الصورة، ولو بالجزء اليسير، فقدت القدرة
على الضبط الذاتي من دون أي نية فعلية في الخيانة، لكنها تكون قد بررت فعل الخيانة
ومارسته في الخيال قبل أن يصبح حقيقة.
وبنتيجة ما سبق يتبين أن الخيانة عند المرأة هي ردة فعل أو احتجاج وتمرّد وعقاب
للذات وللزوج، وبحث عن الاكتفاء العاطفي ورغبة في إرضاء نرجسيتها وبلورة أنوثتها
وأهميتها كإنسانة.
لأنها تقتات من العاطفة... تخون
إنطلاقًا من أن المرأة تتصف في تكوينها النفسي بأنها عاطفية وحساسة، فهي بالتالي
تًعمل حواسها الخمس في حياتها الجنسية، تحب أن تسمع كلام الحب وأن تُلمس وأن تحس،
ما يجعلها تشعرها بمكانتها لدى زوجها كأنثى معشوقة تجذبه فيرغب بها، وهي أكثر
إصراراً من الرجل على استمرار العلاقة وأكثر رغبة منه في التجديد للمحافظة على
زوجها، لكنها في الوقت نفسه تخشى ردود أفعاله، فإذا تثقّفت جنسياً لكسر الملل بغية
التغيير شك في أمرها، وإذا آثرت عدم أخذ المبادرة اتهمها بالبرودة الجنسية وبحث عن
أخرى، وإذا أفشت له عن رغبتها طرح حول جرأتها ألف سؤال، وإذا صمتت حمّلها مسؤولية
فشل العلاقة.
كل ذلك يولّد أضراراً نفسية مؤلمة قد تؤدي إلى الخيانة التي لا تتفاخر بها المرأة،
كما يفعل الرجل، بل يتآكلها عذاب الضمير والشعور بالذنب تجاه نفسها وزوجها وأولادها
بشكل خاص، والقلق من أن يُفتضح أمرها، ما يؤدي بها إلى التراجع إذا تمكنت من
الإفلات من قبضة العشيق الذي قد يهددها بإعلام عائلتها، أو إلى الانهيار النفسي
والتدمير الذاتي.
https://www.facebook.com/you.write.syrianewss