شيء ما منعني من الكتابة لك حتى اليوم ، حسناًً ليس مهماً ، لكن المهم أني أكتب لك اليوم , و منذ ساعات أجلس أختار ما أبدأ به هذه الرسالة و لكن لا جدوى
ربما أبدا لأقول من هذه المدينة البعيدة أكتب لك ، أو ربما أقول أرسل لك حبي و أشواقي و ربما أصارحك بدءاً بأني اشتقتك و أني مازلت كما كنت على حبك لا يهم كيف سأبدأ لكن المهم أن تصلك هذه الرسالة فبريدنا على حاله كما أذكر تطالعه جميع الهيئات الرقابية_ حرصاً منهم علينا _ فترى هل سيمررون بريدي
أتخيله ذاك الموظف البائس عندما يقرأ هذه الرسالة كيف سيضحك من كلماتي المهذبة و كيف ستمر أمامه براكين الشوق دون أن يحس نارها ، و كيف ستنطلق قربه صراخات الوجع دون أن تلفت انتباهه فهو كان و ما يزال يبحث عن شيء ضد الحكومة _ أطال الله عمرها _
و لن تهمه أشواق عاشق تفنن كيف يكتبها تذكرت لا داعي للبريد اليوم فالإيميل أسرع و لا رقابة هناك ، لكن المشكلة ما زالت في عنوانك البريدي أبحث عن ايميل لك .. لكن لا جدوى .. آه كم هي عاجزة هذه الحضارة عن إيصال كلماتي لك .
إذاً لا داعي للمقدمة ما دامت الرسالة لن تصل .. الحمد لله انتهيت من عناء المقدمة , عندما كنا على مقاعد الدراسة _ كما يتكلم الكبار _ أو في المدرسة _ كما يتكلم الصغار _ كان أستاذ العربي يقول أن الموضوع مقدمة و عرض و خاتمة , فترى أين ذاك الاستاذ ليشرح لي كيف أعرض لك و نشرتي الجوية ما زالت تشير الى تدهور مستمر في الايام القادمة سأكتب على طريقة الأخبار السورية و إليك التفاصيل :
داهمني اليوم مرتفع غير متوقع قادماً من عندك يحمل معه نسمات شوق لك و يتوقع هطول أمطار غزيرة قبل النوم و رغم الحر الشديد إلا أن الصقيع سيظل محاصراً بعض أجزائي و خصوصاً المناطق القلبية و الدماغية و لا يتوقع انحسار لهذه الموجة في الايام القادمة
البحر هادىء برغم العاصفة الرياح تجري دوماً عكس ما تشتهي سفني و درجة حرارة القلب أقل من معدلاتها بالنسبة إلى هذه الفترة من السنة و الحمد لله الموسم هذه السنة جيد و الدموع وصلت إلى معدلات قياسية كلما سمعنا من هذا أو ذاك أن الخير يعم الوطن.
دعينا من النشرة الجوية فهي لن تصدق يوماً و هيا لنستمع إلى الأخبار الاقتصادية و إليك التفاصيل:
دراسة جديدة تؤكد انخفاض المستوى العام لأسعار السلع الاساسية بالمقارنة مع العام الماضي و الحمد لله مؤشر جيد لأبنائنا المغتربين أن يقضوا إجازتهم في الوطن .
عجبت لهذا الكذب و اعذريني أن أقول : كل شيء رخيص في الوطن إلا الاسعار و سقا الله أيام زمان عندما كان المواطن لا يقارن بالأسعار , دعيناً من المواطن فأنا لم أعد كذلك فقد غيرت اسمي إلى مغترب و سعري اليوم ستة آلاف و خمسمئة دولار أمريكي و هذا الرقم قابل للارتفاع و الحمد لله أن الغربة رفعت ثمني من لا شيء إلى دولارات, و على سيرة الدولار يقولون أن عملتنا في ارتفاع و الحمد لله كل يوم نبني المصانع و نزرع المزارع و نشيد الصروح و المؤسسات و ما زال أبناء الوطن يقفون طوابيراً على أبواب السفارات و ما زال أبناء الوطن يحلمون بالنجاة .
الوطن بخير إذن و المسئولين يكبرون كل يوم في العمر و الكرش و الأرصدة البنكية كما المواطن يكبر في الهموم و الأعباء و الديون فهل هذه العدالة التي علمتني إياها و هل هذا الميزان الذي تحدثت عنه لا يهم فشيكات الدعم أفرج عنها أخيراً و جاءت رحمة السماء التي كنا ننتظر.
في الخبر الثاني من النشرة نتحدث عن العوائد السياحية و التطور السياحي الذي يشهده البلد في هذه الفترة
مع تزايد أعداد الشباب المهاجرين و ازدياد احلام المواطن _ مشروع مغترب _ فالحمد لله أن بلادنا جميلة معطاء و أصبح المغترب فيها سائحاً حسب احصاءات الوطن.
حسناً سئمت من الأخبار الاقتصادية و مدى جدواها و لكن اعذريني فلن أتحدث عن الأخبار السياسية ما دمت بعيداً عن الوطن و لكي لا يقولوا أني معارض للحكومة _ أطال الله عمرها_ سأنهي النشرة.
كانت هذه نشرة أخبار الثامنة و النصف من قناة المغتربين و تليها دعايات العلكة و البسكوت فصناعتنا تفخر بأجود أنواع العلكة حتى أن بعض المسؤولين في الوطن يدعمون صناعة العلكة و التعليك. و يدعمون أيضاً صناعة المنظفات و سائل الجلي و الليف و الصابون ، لكن مع كل هذا الدعم ما زال الوطن متسخاً بالفساد و ما زالت صابونتنا الوطنية غير قادرة على زحلقة المسؤولين عن الفساد في الوطن !!
سأنتهي هنا يا دمشق لأني أعلم جيداً أن الخير كله موجود في الوطن و أيقن أني سأعود يوماً فأنت الأجمل رغم ما فعلوا بك و أنت الام الحنون رغم قسوتك و أنت الحب لذلك سأعود حتماً لك .. سأعود حتماً لك
14/2/2010