news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
السّنة و الشّيعة: أو "أوس " و "خزرج " العَصر الحَديث ... بقلم : رفيق دلال

في وقت تتكالب علينا أممُ الكفر من كل جانب لإطفاء نور الله الذي أراده لنا، و الذي أمرنا سبحانه بالسّعي لنشره على أمم الأرض جمعاء كي يعم العدل و الحق، تنقسم الأمّة على نفسها شيعا و طوائف بأسها بينها شديد، مُنخرطة بذلك في حمّى الطائفية المُتصاعدة في صراعات دموية تقسِم المُقسَّم و تجزئ المُجزأ، و تسير بالأمة جمعاء إلى حتفها رغم أنفها.  


 إننا أمّة لا تتعلم من ماضيها و لا تستخلص العِبر من تاريخها و تعود مرّات و مرّات لتـُلدغ من نفس الجُحر، و لتقع في نفس فخ الشيطان الذي وقعت فيه مرّات و مرّات.

 

كان بالأمس في يثرب قبيلتان قد جعل منهما اليهودُ عدوين لدودين، لا تكاد تنطفئ نار الحرب بينهما إلا و أعادوا إذكاءها و إلهابَها سعيا منهم لإشعال نار الفتنة التي لا يستطيعون العيش من دونها، و تنشيطا لتجارة السّلاح الذي كانوا يُحسنون صُنعه و يتفننون في إتقانه، مُتجاهلين في سبيل ذلك ما كان يُزهق هنا و هناك من أرواح العرب الغارقين في أحقادهم إلى الأذقان، إلى أن نزلت برَكة الإسلام السّمح بواديهم، يحملها نبيُّ الرّحمة إليهم تاليا قوله سبحانه : "كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله "، فانطفأت نارُ الفتنة التي أوقدها اليهودُ هناك بتوحيد القبيلتين اللتين اعتنقتا دين السّلام و المَحبة، و انقلب سحرُ اليهود عليهم و كان مَصيرهم الجلاء من أرض الإسلام إلى غير رجعة.  

 

 

 يعود التاريخ علينا  على أيامنا  بالذي عَاشته الأمة في تلك الأزمنة و تعود الفتنُ و الإنقساماتُ من جديد و يُوجه سلاحُ المُسلمين إلى صُدور مُسلمة، و يـُنادى بالجهاد المُقدّس ضد  "مُسلمين " وُصِفوا بـ  "الطواغيت " و  "الكفرة " و  "الضّالين " و  "المُبتدعة "، و نـُسفت مَساجدٌ تقام فيها الصّلواتُ باسم الإسلام دائما، و قـُتل نساءٌ و أطفالٌ كثيرون، و دُمِّرت مدنٌ و رُوِّعت أنفسٌ مُسلمة، و قـُتل علماءٌ على مَنابرهم، و حُزّت رؤوسُ بعضهم ليكونوا لمن خلفهم عبرة، و.. و.. و..

 

كل هذا و أعداءُ الإسلام المُتربّصين به ينظرون و يتلذذون برؤية أشلاء المُسلمين المُتطايرة هنا و هناك، و يتشفـّون بمَقتل الآلاف منهم و تهديم المَساجد دون أن يبذلوا في سبيل ذلك أدنى مجهود...لا بل حين يظهر أن الفتنة قد شارفت على نهايتها، قاموا بضخ المَزيد من السِّلاح لأحدى الفرقتين كي يتلذذوا بالأمر أكثر و أكثر، إلى أن يفنى الفريقان كلاهُما، و يخلو الأمرُ لأعداءِ الإسلام يـُتمّمون ما بقي من المُهمّة التي جعلتها الفتنة ُ أسهل من السّهل.

 

 

 أليس هذا هو ما نراه على أيّامنا في سوريا و مصر و العراق و لبنان و البحرين و غيرها من الدّول التي جعلت نفسها، بانقساماتها الطائفية فريسة سهلة لعدوها، كي يشعل فيها نار الفتنة و يقلب بعضَهم ضدّ بعض و يقضي بذلك أمرا كان مدبرا بمكر و إحكام؟

 ألم تـُبذل أموالٌ عربية، في سبيل إشعال هذه الفتن، لشراء الأسلحة من أعداء الأمّة و تنشيط إقتصاد أعدائنا لتدمير إقتصاداتنا و خلق البطالة و الجوع، مما يزيد الفتنة اضطراما؟

 

 

 ألم يَهبَّ  "علماءٌ " (من كلا الطائفتين) أعمتهم فتنتهُم الطائفية، إلى مَنابرهم من أجل الدّعوة إلى الجهاد المُقدّس ضد العدّو  "المُسلم " و الذي وصفوه ب "الطاغية " و  "الكافر "، متشبهين في ذلك بأهل الكتاب الذين قال الله سبحانه فيهم: " وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون "( البقرة 113 )  مع العلم أن النَّبيَ عليه الصّلاة و السّلام ذاتُه لم يُكفر علنا أناسا ظاهرهُم مُسلمين و لم يأمر بقتلهم، و الدّليل على ذلك طائفة المُنافقين الذين كانوا يحضرون مجلسه في المَدينة و الذي كان يعلم نفاقـَهم و كفرَهم وكذا مكائدهم ضد المسلمين، و حين استـُشير في قتلهم ردّ عليه الصّلاة و السّلام  "أخشى أن يـُقال أن مُحمّدا يقتل أصحابه " بل لقد كان يحضر جنازاتهم و يدعو لهم، إلى أن نُهي عن ذلك.

 

 

 إن استحضار التاريخ لإشعال هذه الفتن أمر غيرُ مقبول و لا يرضاه الله سبحانه لنا، لأن الذي حدث في الماضي علمه عند الله، أما أجيال اليوم فعليها أن تنظر لمُستقبلها، و أن تُغلـِّب مصلحة الأمة التي يتربص بها أعداؤها من كل حدب و صوب، قال تعالى: " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (البقرة 141) أمّا ما اختـُلف فيه من أمر العقيدة فلا يجب أن يكون سببا لإزهاق الأرواح المُسلمة و لنكتفي في ذلك بقول ربنا سبحانه: " فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ "( البقرة 113 ).

 

 

إنّ أعداء الإسلام، و على رأسهم الكيان الإسرائيلي، استغل عواطف بعض المُسلمين و دفع بشبابهم المتوثب حيوية إلى أتون حرب طائفية قذرة، مُستغلا في ذلك صدق نواياهم و حبهم لدينهم و إخلاصهم له و تفانيهم في التّضحية في سبيله.

 

 

 إنّ على علماء الأمة المُخلصين أن يقوموا بواجبهم لوأد الفتنة التي تحصد يوميا أرواحا بريئة في بلادنا المُسلمة: في مصر و سوريا و لبنان و غيرها... و كشف المُؤامرة التي تُحاك ضد الإسلام و المُسلمين، و أن يسعوا لتوحيد صُفوف الأمّة و نبذ الفرقة و ذلك بالمُسارعة بحقن الدماء المُسلمة التي تسيل ظلما، و تأمين روعات المُسلمين، و لنعتصم بحبل الله جميعا و لنأتمر بأمر رب العالمين القائل : " إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ " (الأنبياء: 92 ) و لنصوب سلاحنا نحو الوجهة التي أمرنا الله سُبحانه بقتالها من أجل حماية الدّين و حماية المُسلمين وأراضيهم و أعراضهم... 

 

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews


 
2014-05-06
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)