news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
أيها الموت ــ بالله عليك ــ كفى ! ... بقلم : وحيد كامل

في بلدتنا تحولت الأفراح إلى أتراح ، و السعادة إلى أحزان ، وانهارت الروابط الإنسانية ، وأصبح النهار أسوداً كالليل ، و الماء بطعم الدم ، فتجرع الجميع الويلات نتيجة حرب طاحنة لم تبقِ و لم تذر.

فقبل أشهر أعادوا لأم خالد ولدها الشاب بصندوق خشبي شهيداً ، وحتى الآن لا تصدق بأن وحيدها قد غادرها إلى السماء دون رجعة . منذ يوم دفنه وهي تذهب يومياً إلى قبره ، تجلس إلى جانبه وتحدثه من الصباح حتى غياب الشمس .


وجارتها أم سمير التي استشهد ولدها أيضاً ، في كل ليلة تطوف على بيوت أصدقائه و تسألهم عنه و تستغرب عن سبب تأخيره في العودة إلى البيت ، و كل مساء تجهز له طعام العشاء وتعيد تسخينه عدة مرات.

و الجار أبو عامر اقتنع بأن ولده قد انتقل إلى رحمة ربه شهيداً ، وفوض أمره إلى الله. ومع ذلك فلا يزال مقتنعاً بأنه حي يرزق، فيكلمه باستمرار بصوت مرتفع ، و يملي عليه النصائح والإرشادات. تستغرب زوجته ذلك و تنكره عليه ، فيرد بأن إيمانها ضعيف فهي تحسبه ميتاً ، لكنه حي يرزق ، وتحت رعاية وإشراف ابيه إلى أن يكبر و يشتد عوده و يبلغ مبلغ الرجال.


وسعاد شقيقة أبي عامر اقتنعت تماماً بأن ولدها قد استشهد ، ولن يستطيع حضور حفلة زفاف شقيقه ، لكنها أيضاً مقتنعة بأن الحفلة لا يمكن أن تتم إلا بوجوده ، فطلبت أن يصنعوا لها مجسماً له لينوب عنه بحضور العرس، وكان لها ما أرادت ، والتقط الجميع الصور التذكارية في الحفلة مع مجسم الشهيد. ولما خلت بنفسها في غرفتها أدركت بأنها تخادع نفسها، و أن الأرواح و الأجساد لاتعوض أبداً بالمجسمات. فلعنت الحروب منذ بدء الخليقة حتى اللحظة.


والعمة صبحية استشهد ولدها و زوجته ، وتركا لها ولداً معاقاً ، ولم يتركا لها قيمة مصاريف العلاج أو الطعام وهي العجوز الفقيرة البائسة شبه العاجزة صحياً ، والعاجزة كلياً مادياً. كان ولدها ينفق عليها ، ويحضر لها طعامها ودواءها. اليوم هي تجيد فقط التسول في الشوارع والبكاء.



وشقيقتها أم خليل التي لم تغادر بلدتها يوماً ، ساقها قدرها أن تزور عدة دول متنقلة بين أبنائها الذين تشردوا في أصقاع الأرض. فبعد استشهاد زوجها جار عليها الزمن، وقعت تحت رحمة اللئام من مخلوقات الله ، فأصبحت تنال لقمتها بذل و أذى ، بعدما كانت غنية وسيدة في بيتها وملجأً لكل محتاج ، وعونا لكل ضعيف .


في جميع أركان البلدة بكت وناحت الحجار وصاحت : أيها الموت ــ بالله عليك ــ كفى!

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-12-14
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد