news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
إيميري ... بقلم: م. مازن تكريتي

مجموعة خواطر تحمل بين طياتها حياة غادرتني وأمل انسحق، لقد أثقلتني آلامي وتفجرت لتخلل قلب منهك وتقويه على نفسه لتخرجه إلى النور لتسطر واقع جديد يكون الفرح حجر أساسه، لأصبح أقوى من ذي قبل ....


القصة رقم 12 ..

.. إيميري ..

بدت شاحبة الوجه خائرة القوى منهكة، رغم ذلك ما زالت تحافظ على ابتسامتها التي ما عهدت نفسها يوماً دونها .. إيميري لم تكن أقدم أخواتها فحسب .. بل كانت أجملهن أيضاً ..

مسرعةً التقى بها .. في ظروف استثنائية .. حاول أن يتعرف عليها لم يعلم كيف يبدأ؟ ومن أين! فقد غلُب عليها طابع الحزن وارتسم شبح الخوف على ملامحها، والوشاح الأسود الذي غط أغلب رأسها قد أعطى انطباعاً أن هناك أمراً جللاً لا تخاف منه فقط، بل وترتعد فرائصها منه ..


تلك السيدة التي أصبحت عجوزاً بثلاث سنوات فقط، وذاك البريق الساحر الذي استحال سواداً كقلوب أبناءها .. لازالت تلك الإيماءة القديمة مرسومة على وجهها الجميل .. مع هديل سرب الحمام حولها الذي تطعمه يومياً ..

استوقفها لدقائق معدودة وفي عينيه دمعةٌ أبتْ أن تُمسك نفسها وقال لها: أعذريني إن خَذلتُك يوماً فلم يكن الأمر بيدي .. مُذ تركتكْ لم يعُد لحبة الكستناء طعمٌ على موقد الشتاء .. آهٍ ما أقسى برد الغربة عندما يصبح الشوق كحبل سري مقطوع .. آهٍ .. كم كنتُ قاسياً عليك .. وكم كنت ضعيفاً ..

اقتربت منه قليلاً وهمست بأذنه بصوت خافت ..

"إن آلت دموعكم لشيء مفيد فتلك الدموع حقيقية ومشاعركم صادقة، أمّا إن لم تكن كذلك فأرجوكم لا تبكوا فلم يعد هناك متسعٌ لمزيد من النفاق"

أمسكَتْ حفنةً صغيرةً من التراب وراحتْ تتأمله بعناية ثم أفرغتها أمام عينيه وقالت له: انظر جيداً أنا كما هو تماماً لا يمكن تقييده فيستحيل رملاً يتغير وفق الظروف، أنا من علمتهم كيف يكتبون أصالة التاريخ وانظر كيف ردّوا إليّ الجميل، كم رغبت أن أسمع زقزقة الأمل ولطالما أحببت أن أراها أكثر طهارةً الآن فقد سأمتُ نعيق الخراب.

همّت بالذهاب، فجأةً طار سرب الحمام حولها بعيداً وكأنه يأس مكوثه في أرض الخراب إلا واحدةً لم تستطع الطيران .. أمسكتها برفق وقبّلتها وأفلتتها قائلةً لها..

حلّقي بعيداً وانشري ثقافة السلام فإنهم اليوم بأمسّ الحاجة إليها، الآن أكثر من أي وقت مضى، ربما يغسل مطرُ السماء - التي تعتصرُ حُزناً عليكم - جِراح قلوبكم وتطهّرها، علّه يولدُ ربيعٌ جديدٌ أنقى بعد أن يُكمل الشتاءُ مخاضه.



خلعت ذلك الوشاح وأسدلت شعرها الحريري وارتسمت تلك الابتسامة الخفيفة على مَحيّاها مجدّداً وشرعت بالرحيل وانساب عطر الياسمين حولها، عطرها الرائع الذي باتت تُعرف به وأكملت طريقها وتركته وحيداً وهي تتمتم ناطقةً ..

أرجوكَ دعني فأنا استطيع الاعتناء بنفسي جيداً ولكن أنتم .. هل تستطيعون؟

لا تخف إنها لا تغدو لسعة في حقبة زمنٍ مُر، وآن لي أن أحيا من جديد.


لحظة.. ولكنّي لم أعرف اسمك بعد .. أدارت وجهها بسرعة قبل أن تمضي في طريقها وأجابت اسمي إيميري شو .. ولكنهم كثيراً ما يدعونني .. بـ اسمٍ آخر. https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-12-28
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)