news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
أنا وأستاذي ...وديمقراطية العصا ... بقلم : الرحالة العربي ابن الجبيلي

جلست القرفصاء في ساحة المدرسة واضعاً يدي على خدي أندب حظي في الدنيا وكأنني شاب كبير . كانت السنوات السبع الاولى من عمري قد علمتني شيئاً من التمرد على الواقع
ولم يغفر لي استاذي في المدرسة الابتدائية نعتي إياه بالرجل القاسي . فجمع التلاميذ في فرصة الظهيرة وقد ناهز عددهم السبعمائة تلميذ وطلب من اثنين منهم حملي على الأكف وقفاي للأعلى وبدأ ينهال علي ضرباً بعصاه الغليظة.


وكم دعوت الله أن يكسرها بين يديه ليرحمني من عذابي . كانت تلك الحادثة قد حفرت في ذاكرتي صورة مخيفة عن الحياة . وقد توالت الظروف قي علاقتي مع استاذي تارة يغفر لي نظراتي الحادة نحوه لجرحه مشاعري وكبريائي ، وتارة اخرى يعود لتهديدي بالطرد من المدرسة وكأنها مزرعة خاصة يعمل فيها الفلاحون ويملكها الأقطاعيون الذين يشرعون قوانينهم وفقاً لظروف قبضهم على قوة العيش لدى العاملين عندهم . ومنذ تلك اللحظة تغيرت صورة المدرسة في خيالي .

وفي احدى الليالي وبينما كنت نائماً وخلال معمعة عظيمة عشتها من القلق حلمت بتبادل صور العلاقات بين الطلاب والمعلمين .أي بتحويل الطلاب الى معلمين ، والاساتذة الى تلاميذ ، وعندما جاء دور استاذي والذي لم يستطع الطالبان حمله لثقل وزنه نظرت اليه بتمعن شديد وأدرت له ظهري والعصا بين يدي ، وبدأت أخاطب التلاميذ بنبرة صوت متهدج :

 

علينا ياأصدقائي أن نعلم أساتذتنا أصول المحبة والتسامح واحترام الحقوق والانصاف والرأفة والعدالة ، وعندما نفعل ذلك نكون أهلاً للانتماء الى أمة عربية عظيمة وصلت حضارتها الى أقاصي الصين وسادت في الأندلس وطلبت منهم الاستفتاء حول الاعلان بصوت واحد عن تأييدهم بعدم معاقبة استاذنا على سلوكه السيئ ، وبقيت أصرخ وسط صمت الطلاب المطلق . حتى وجدت أمي الى جانبي على السرير توقظني وتغسل وجهي بالماء قائلة : لقد زال الحلم يا ولدي .

وبعد ثلاثين عاماً مضت على تلك الحادثة ، وخلال متابعة مسيرتي حول العالم ، ووصولي إلى الأرجنتين . تذكرت ذلك الحلم الجميل، وتمنيت لو تكرر اليوم وتبادل الأطفال الأدوار مع السياسيين ومختلف الزعامات في العالم. ولكني توقفت فجأة عن الاسترسال في تخيلاتي المخيفة ، وطلبت من الله أن يغفر لي خطيئتي الكبرى بتعريض الأطفال الى مواجهة تهمة خطيرة جداً . وذلك لممارستهم الديمقراطية المطلقة في الحياة .

 

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2015-02-23
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد