news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
من قبر الرحالة العربي في أمريكا إلى الرئيس أوباما ... بقلم : الرحالة العربي ابن الجبيلي

على رصيف مذكراتي حول العالم
من قبر الرحالة العربي في أمريكا
إلى الرئيس أوباما


قد يكون من الغريب أن يرسل سجين وقع تحت سلطة الظلم رسالة إلى رئيس أكبر دولة في العالم . لا ليستعطف الرأفة بحالته الإنسانية ، ولكن لينصحه ويحذره من مغبة  وتبعات الغرور والممارسات التعسفية بحق الأفراد والدول ، والأوضاع الإنسانية على مساحات العالم ، وأنا أعرف بحكم خبرتي العالمية أنكم يا سيادة الرئيس تمثلون قوة المصالح والشركات والاحتكارات والتكتلات المالية والصناعية وهي التي تحكم وفق مصالحها ومخططاتها ، ولا يستطيع أحد أن يخالف توجهاتها الحقيقية .

 

 

لكني آثرت أن أذكركم بأنه بعد سنوات ستغادرون منصبكم ، وتعودون إلى واقع الحياة الفردية والاجتماعية كمواطن أمريكي يتساوى حقه مع أي مواطن آخر ، ولهذا أود أن أخاطب فيكم الانسان وأذكركم بانتمائكم التاريخي الذي تعمد بالظلم والمعاناة ودفع ثمنه أجدادكم وآبائكم الكثيرمن حياتهم ومستقبلهم ، وإني على ثقة بأنكم تدركون معنى القهر والظلم والاستعباد وخاصة حين يتأصل في ممارسات لاإنسانية نحو رعايا دول أخرى حلمت يوماً بحياة أفضل في القارة الجديدة . بغض النظر عن الفوارق الكبيرة بين قدم حضاراتهم والحضارة الأمريكية الناشئة ، وأود أن أسألكم :

 

 هل يمكنكم المضي في حياة هانئة لا ينغصها حكم الضمير الانساني والشعور بأن ملايين الأرواح قد أزهقت عبر قرارات خاطئة وتوجهات مصلحية على حساب الانسان والانسانية ، والكرامة الوطنية للدول ، وحق تقرير المصير للشعوب المستضعفة كالشعب العربي الفلسطيني الذي لم تفعلوا شيئاً لنصرة حقوقه ؟ .

 

 

 ولأني لازلت أذكر خطابكم التاريخي في مصر وتعبيركم عن الرغبة الأكيدة في إعادة قراءة واقع المنطقة ومواجهة متطلبات السلام وتغيير الصور النمطية عن أبنائها الأصليين ، والوعد بتنفيذ إجراءات من شأنها إعادة الثقة المفقودة بالولايات المتحدة ومواقفها المنحازة للإرهاب الاسرائيلي المتواصل ضد العرب ، واحترام بعض التوازن في العلاقات الرسمية وحق الدول في دفاعها عن سيادتها دون التدخل الفظ في شؤونها الداخلية ، والتعهد بوقف الممارسات الاستفزازية ضد العالم العربي والاسلامي ، والعمل بجدية لنزع عوامل التوتر والحرب

 

 

  لأني أتذكر خطابكم ووعودكم النظرية فقد صعقت حين غدر بي الزمن ووقعت ضحية ممارسات غير عادلة وعنصرية المنهج من دائرة الهجرة الأمريكية بسبب محاولات ابتزاز أمني لم تنجح في زعزعة مبادئي وفلسفتي وأفكاري ورسالتي الانسانية والتزامي بحرية العمل من أجل تعزيز فرص السلام العادل والشامل بين الشعوب على قاعدة الحوار بين الحضارات والقيم الدينية والأخلاقية ، وخلق مناخات ايجابية تحقق التواصل بين مختلف الأطراف وفق تطور للشرعية الدولية قابل للحياة ، وكنت في نشاطاتي أسعى لخلق رأي فكري عام يتطور مع قيم الحياة المعاصرة ويؤدي إلى ولادة جيل يتحمل مسؤولية النهوض بمتطلبات واحترام الأمن والسلام الدوليين على قاعدة العدل والمساواة للمثل الثقافية والتراثية للشعوب والأمم

 

 

 وكم صدمني التعامل اللاأخلاقي لدائرة الهجرة وهي تفصل أطفالاً ولدوا في أمريكا عن أهلهم في ممارسات يندى لها جبين الانسانية بالخجل والعار ، وتتعارض مع مواثيق وشرعة حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي العام .هذه الممارسات وغيرها دفعتني كي أوجه رسالتي إليكم لأحذركم بأن تلك الممارسات والتجاهل المتعمد للحقوق المختلفة لأبناء الشعوب الأخرى هي تأسيس معاكس لخطابكم التاريخي في القاهرة ، وهي ممارسات تتعارض مع الدستور الأمريكي الذي نحترم نبل مقاصده وتطوره ، وهنا أتساءل سيادة الرئيس بعدما لمست بأم عيني وبالإقرار الصريح بأن دائرة الهجرة فوق كل القوانين .

 

 

هل هناك حكومتان في الولايات المتحدة ؟؟؟ . إحداها تحت رئاستكم ، والأخرى مجهولة الرئاسة والمرجعية القانونية ، وتفاخر بقوة بطشها وتجاهلها للحقوق الانسانية ، ولأني أتضامن مع الجياع في العالم أود أن أعلمكم سيادة الرئيس بأنني في صدد طلب مساعدة دولية لأمريكا لأنها تعاني من المجاعة ، ولأنه لم يعد بمقدورها أن تتحمل مسؤولية إطعام المعتقلين والسجناء سواء كانوا محكومين أم أبرياء ، وهم الآن يعانون من سوء التغذية والجوع كما حال مليار انسان وطفل في شتى أنحاء العالم ، وحيث تحولت السجون في أمريكا إلى قبور لا تختلف كثيراً عن قسوة ووحشية وصيت معتقل غوانتنامو والدليل تشاركنا بالألبسة البرتقالية ، وبالمعاملة الحيوانية ، وبالشعور بأننا أمام السجانين لسنا بشراً لأنهم ينظرون إلينا كحيوانات بأشكال آدمية .

 

 

لهذا سألت أحد السجانين : هل تعتقد أني إنسان مثلك ؟ نظر إلي وقد تطاير الشرر من عينيه وكأني أهنت الذات الأمريكية . وربما رغب بدفني تحت التراب حياً كما فعلت الآلة الحربية الأمريكية عمداً عام 1991 مع آلاف الجنود العراقيين الذين لاحول لهم ولا قوة ، وهنا لا أريد الاشارة إلى غياب الرعاية الصحية والدواء ، وقد تحولت ملائكة الرحمة إلى شياطين بفعل الروح العنصرية التي تتهمنا بأننا من مجتمعات اجرامية . إن الولايات المتحدة يا سيدي بحاجة إلى ثورة ثقافية تعيد إليها نضارة الانسانية ، ونحن لسنا غرباء عنها والمصير يجمعنا بالمسؤولية ، ولكن هل يُسمح لنا أن نرفع أصواتنا بحرية القيم الديمقراطية ؟ وهل هناك مساحة لمقارعة تشويه الحقائق في الاعلام الغارق في بحر نفوذ الصهيونية ؟ وهل تحترم الولايات المتحدة حقاً ديمقراطية توجهات وقرارات ومواقف المجتمعات والدول الأخرى الاستقلالية لو تعارضت مع السياسات الأمريكية ، وإني أتساءل اليوم من يحمينا على أرض أمريكا حين تفقد الدولة توازن نفوذها وتخضع لكيانات ومفاهيم ظلامية تمس حقوقنا وجذورنا القومية والوطنية ، وحق مقاومتنا للظلم الواقع على وطننا حتى لو كانت مقاومتنا بطريقة شرعية وحضارية .

 

 

 هل يحق لأمريكا أن تنزع عنا الاحساس بالتواصل مع أحلامنا وطموحاتنا بتحرير أرضنا من الكيانات العدوانية والتي تحرصون على مدها بكل أسباب التفوق والحماية لتستمر بالقتل والتدمير وال عنجهية والاحتلال . أليس من حقنا أن نصون وطننا الأصل من كل ما يضعفه ويؤذي منعته ، وهل يحق لأمريكا أن تفاخر بالحرص على مصالح من يقتل أطفالنا دون أن يكون لنا حق الفرح بتحقيق انتصارات على من عاثوا في أرضنا فساداً واجراماً ولصوصية ، وهل علينا أن ندفع ثمن وجودنا في أمريكا وايماننا بالوفاء واحترام قوانين المواطنة باستغلال حقوقنا القانونية والدستورية على الأرض الجديدة لابتزاز هجرتنا والتآمر على أوطاننا .

 

 

 هل هكذا تصان في أمريكا الأعراف والقوانين والشرعية الدولية . سيادة الرئيس : لو قدر للجنة مستقلة البحث في واقع سجون ومعتقلات أمريكا ومواجهة حقائق العنصرية فيها لوضعت يدها على ملايين الأدلة العلنية والسرية ، ووجب حسب القوانين والتشريعات مقاضاة المزيفين لحقيقة وعظمة الشعب الأمريكي الذي يرفض ممارساتهم الاجرامية ، وكيف لهذا أن يحدث ولم يقم مدع عام واحد بزيارة تلك الأماكن المفترض أن تراعى فيها القوانين النافذة وشرعة حقوق الانسان الدولية والتي وقعت عليها دول العالم باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية ؟ .

 

 

إني لا أدافع عن نفسي ضد ظلم متعمد بأهدافه ومراميه ، وأملك الارادة الصلبة على مواجهة حيثياته وأسراره والأجهزة المتورطة فيه ، ولن أطلب من سيادتكم يوماً الاعتذار لي شخصياً عن الاساءة التي عانيت منها وأنا داعية سلام ومحبة عربية للإنسانية ، وسفير للطفولة البريئة من كل نظريات وظروف الحروب والمصالح والصراعات الدولية . لأني لا أحملكم مسؤولية العلم والقبول بهذا الواقع المرير ، ولكني أتوقع حين تصلكم رسالتي وقد تصل إليكم قبل أن يستجيب المشرفون على ظلام قبري وانسانيتي المنسية في أمريكا لصوت آلامي ، وقد ذُبحت على واقع زيف الديمقراطية .

 

  أتوقع يا سيادة  الرئيس أن تتحملوا مسؤولية المصداقية التي وعدتم بها شعوب العالم في التغيير حتى لا يضيع أملنا فيكم ، وبالثقة في عهدكم على مساحة الوهم والبرية ونحن نرى تواصل الخلل في منظومة العلاقات الدولية واستخدام الحروب ، وتصاعد التهديد بلغة الأسلحة الذرية ( إنني أؤمن أن قضية إنسان يتم ظلمه تساوي ظلم كل الانسانية ، وأن السلام كلٍ لا يتجزأ فإن لم يكن هناك سلام في أي بلد لن تنعم بقية الدول به . هكذا هي الانسانية توحدنا بالتضامن والعدل والفرح ، وبالحزن والمعاناة والألم ، وبرفض الظلم من أي مصدر يهدد مصير الانسانية بالدمار ) .

 

 

 إن تعزيز أمل البشرية في ولادة بيئة حضارية تعالج كل المشكلات الدولية ومآسي الجوع والمرض والبيئة والتنمية المستدامة ، وفقدان التوازن بين دول الشمال والجنوب ، ورفض حروب وحشية جديدة يمكن أن يوحد الارادة الخيرة على التعاون البناء لتطوير مستقبل الحياة الانسانية بعيداً عن لغة الهيمنة والتهديد ، والعدوان على استقلالية ومقدرات وحقوق الشعوب والأمم . كل الاحترام لسيادتكم وللدستور الأمريكي الراقي ، وأمل أن تكون رسالتي قد دقت ناقوس الخطر ، وأن تشكل حافزاً لسيادتكم بإعادة النظر في مواقف لن تحظى بالاحترام لدى أبناء الأمة العربية ، والمسؤولية تقتضي أن نحذر، ونحذر، والتاريخ لا يرحم المستهترين بمصير الشعوب ، ولأني من سورية البلد العربي الذي شكل أساس الحضارات الانسانية وبوابة التاريخ ، وقدم أسمى الهدايا في العلم والمعرفة والقيم الأخلاقية ، وتميز بمبادرات خلاقة لتطوير التعاون والانفتاح الايجابي على المجتمع الدولي بأسره ونصرة الشرعية والعدالة الشاملة ، والذي يعاني اليوم كما حال أكثر من بلد عربي من ظلم الآلة العدوانية الصهيونية التي تدعمها إدارات أمريكا المتعاقبة دون شعور بالمسؤولية تجاه أجيال من الضحايا سقطوا على مذبح غياب الضمير ، وسيادة منطق القوة والعدوان .

 

 

هذا الوطن العظيم رغم آلامه وهمومه القومية والوطنية علمنا أجمل معاني الصداقة والابداع وتقديس الانسانية ، ورفض الذل والهوان ، والدفاع عن المبادئ والكرامة الشخصية والوطنية ، ومن حقه علينا أن نحرص على أمنه ومنعته وعزته ، وأن نكون جزءاً أصيلاً من قوته وتطلعاته واستقراره وانتصاراته ، ولاحق لأي دولة في العالم أن تحرمنا من قدسية هذه العلاقة مهما كان جبروتها وقوة أجهزتها وألاعيبها ، ولأني وقعت ضحية ممارسات تعسفية منهجية ، وتعامل لا يبيحه القانون أو العدالة الكونية فقد قررت البدء بإضراب مفتوح عن الطعام والماء رفضاً لتجاوز حقي الإنساني وأنا الذي دافعت عبر تاريخي بكل إيمان عن حقوق البشرية كلها . قراراً لا عودة عنه حتى يتم وضع المسؤولين عن الإساءة لي تحت حكم العدالة مهما علا شأنهم ومكانتهم الوظيفية لأني أؤمن أن القانون يجب أن يكون فوق الجميع سواء في أمريكا أو في العالم أجمع .

 


الولايات المتحدة
2/10/2010

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2015-10-01
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد