news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
اشكاليات السياسة والانتماء الوطني .. بقلم : الرحالة العربي ابن الجبيلي

تعقيباً على الأنباء التي تؤكد بدء العمل على تشكيل وفد يمثل المعارضات السورية المتناحرة للتفاوض مع السلطة السياسية السورية الموحدة . تبرز تساؤلات ملحة تتطلب التمعن والتيقظ والبحث عن حقيقة المبادئ والقيم والمواضيع والملفات التي يراد البحث فيها ، ومن بين هذه التساؤلات هل تملك المعارضة أو السلطة السياسية تفويضاً حضارياً يتسم بالتحرر من ألوان التناقض الفكري والثقافي والقانوني والسياسي المحكوم بالاتجاه العبثي الذي يفرض منهج الرؤية الحوارية والتفاوضية على مختلف الأصعدة المعروضة للبحث .


 في ظل استراتيجية دولية تحاول تحقيق مصالحها عبر توافق بعض الأطراف المختلفة على روحية الاصلاح والحفاظ على مؤسسات الدولة ، وقبول التعامل العاجل مع واقع بدأ يهدد بتداعيات حرائقه المجتمع الدولي بأسره ، ولكنهم لم يتخلوا عن تشريع مشاركة وكلاء عن هذا الطرف الدولي أو غيره ، وتقزيم المتغيرات المستقبلية وهي حاجة حضارية خلاقة إلى تقاسم للسلطة السياسية التي يتهافت عليها كل الساعين لتغيير في جوهر الانتماء الفاعل لهذا البلد ومقاومته لأدوات الاستعمار ومخططاته على مدى التاريخ .

 

 

إن احترام حق الاختيار لشعبنا في سورية يتطلب عدم التدخل في قداسة طموحاته وأحلامه بمواقف وسلوكيات تهدد بديمومة التوتر والعنف والارهاب الدولي ، وتتشابك فيه السياسات الدولية التي لا تقيم وزناً لغير مصالحها ولا تأبه بنا جميعاً ، والأحداث في سورية تؤكد أن الاصلاح يجب أن يشمل الدول التي شاركت بتدخلها ومؤامراتها على مقدرات وموقع ومواقف سورية المتميزة عبر التاريخ . ومن الطبيعي أن يدفع المجتمع الدولي ثمن جريمة نقل كل المتناقضات العالمية إلى أرض سورية واستباحة سيادتها وتدمير مقدراتها وعقول بعض أبنائها المتخلفين .

 

 

 ونسأل هل أدوات الحوار مؤهلة لإيجاد حلول موضوعية تشكل نقلة سياسية وفكرية تنزع من مستقبلنا كل عوامل التحجر والتخلف والاقصائية والانفعالية المتواترة في سلبياتها ، والتي كرست مفاهيم جديدة لا تتوائم مع تطلعات الغالبية العظمى من ضحايا الصراع بين مختلف التيارات سواء المتمركزة في الواقع الوطني أو المتنقلة بفعل العامل الخارجي الذي أصبح ثابتاً من ثوابت الفعل السياسي وفق نزعات المنظومة الدولية ، ومحاولات انتاجها هيكليات جديدة لا مكان للصغار فيها . لا يختلف إنسان وطني على أن السلطة السياسية في سورية ليست ملائكية المنهج والسلوكيات والهيكلية كما هو حال معظم دول العالم ، ولكن هل المعارضة بريئة من هذا الواقع ، وهل منهجها خال من العيوب والنواقص والممارسات السلبية .

 

 

 أو طهارة المواقف التي دفعت الغالبية العظمى من شعبنا للنأي عن تركيبتها ومواقفها وسلوكياتها التي لامست الخيانة العظمى لمبادئ الانتماء الوطني والتنكر للهوية الحقيقية التي تميز المواطن الصالح في ممارساته والتزاماته بأدبيات الواجب الوطني والتراث الحضاري قبل النزوع للمطالبة بالحقوق المنشودة ، وهل يمكن طرح التغيير لواقعنا الوطني نحو الأفضل بأدوات شيطانية تؤجر مقدرات الوطن لأعدائه وتبني جسر العبور لتدمير السيادة الوطنية والمجتمع ، وهما عنوان الشرف الوطني لكل مواطن ، ومن واجباته الدفاع عنهما سواء
كان مسؤولاً أم كان في موقع الطهارة الضميرية من عامة الناس .

 

 

إن السيادة الوطنية لم تكن يوماً حكراً للتفرد بتفسيراتها ومضامينها وضروراتها الحيوية والتاريخية ، ومن الاشكاليات المؤثرة في واقعنا الوطني تعاظم الرؤية التقليدية في اعتبار الهوية الفكرية والسياسية لأي مواطن محكومة بمفاهيم التقوقع على هذا الاتجاه أو ذاك ضمن ايديولوجيا القوة ومفهوم الغالبية والمصالح الآنية وغيرها ، وهذه الاشكالية أدت إلى تفسخ الهوية الثقافية للمجتمع السوري بين معارض أو مؤيد ويتناسى البعض من المثقفين الذين اختاروا حمل الكتب بين أيديهم مع تناقض العمل بمضامينها الايجابية على حركة التاريخ ، وبالتالي تسببوا بكم هائل من السلبيات التي شكلت جزءاً خطيراً في تراكم تداعيات الأحداث المأساوية . يتناسى هذا البعض أن الحكمة الوطنية تقتضي أن يؤيد المواطن كل ما هو ايجابي من ممارسات ومنهج وسلوكيات ومواقف السلطة السياسية ، ويعارض كل سلبياتها وفق منظومة قضائية نزيهة عادلة تحمي حقوق المواطن الدستورية ومواقفه من أي ممارسات تعسفية ظالمة لحريته وكرامته الاجتماعية والانسانية والوطنية .

 

 

 إننا بحاجة أكثر من أي وقت مضى لإعادة تشكيل الهوية الوطنية على قواعد ومبادئ فكرية وثقافية وحضارية منفتحة تتناول الشأن الوطني بالحكمة والموقف المسؤول ، وتحقق الحلم الذي يليق بموقع كل مواطن مبدع يحمل هم الوطن وطموحاته في التطور والنمو والعدالة الاجتماعية ، وصيانة حقوق الأجيال تلو الأجيال التي ستبقى على هذه الأرض كما عاش آبائنا وأجدادنا الأوائل ، وتنقل سيادتنا الوطنية من موقع المنفعل في دائرة الاحداث العالمية إلى مواقع الريادة في التفاعل الايجابي الفاعل بين الأمم والشعوب ، وللفعل المؤثر في تطور الحضارات على مساحة المعمورة في اطار العمل الدائم لتحقيق الأمن والسلام الدوليين

 

 وهذا لا يجانب المستحيل إذا حققنا برؤيتنا الوطنية والثقافية سيادة الموقف من المواطن المكلوم بحقوقه الانسانية تشريعاً وقوانين ، وانتصاراً للوعي الاجتماعي والانساني بتحقيق التوازن في المسؤولية الضميرية والوطنية ، وممارسة حق المشاركة في القرارات المصيرية التي يتحمل المواطن أعبائها في كل الظروف ، وحتى يتم التوافق على المتغيرات المطلوبة نتساءل من يحاور من ؟ وكيف يتحقق المستحيل إن لم نتحرر من الكذب والرياء والسعي لتملك السلطة عند المتحاورين بدل أن نتوحد من أجل وطن هو الأقدس والأطهر والأعظم في العالم أجمع .


 

2015-12-15
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد