وقفت هناك في البعيد
تنظر إليه وقد أعتنقها طفلها الصغير
تنظر إليه بعين قلبها وهو مشغول بالقتال
يلهج قلبها بالدعاء وعلى وجنتيها تجري دموع الرجاء
تصرخ تناديه بملئ قلبها
فلا يجيب
فقد شغله عنها نداء معشوقة أخرى
وصوتها قد تاه مابين أزيز الرصاص وصليل السيوف
يقاتل ك أسد غضبان قد اعتمر النسر خوذة وارتدى التراب بدلة يقاتل ويقاتل وليس للضعف
والخوف إلى قلبه من سبيل
كفت عن الصراخ ووقفت تراقبه بصمت
وفي داخلها بركان إن انفجر أغرقت نيرانه الارض
وأحرقت كل عدو ومتخاذل وخائن ذليل
فهؤلاء قد أوصلوها و وطنها إلى ماهي عليه الآن من الألم والعويل
ففتحت عينيها ورفعت رأسها قاصدة الرب الجليل
طالبة العون منه وسائلة أن يكون لهذا المنام الخير في التأويل
فدست صدقة تحت وسادتها وحملت طفلها الذي كان نائما على صدرها وبرأسه يميل
وقبلته في رقبته فاشتمت منه رائحة البارود وكأنها من أرض المعركة قد رجعت قبل قليل
فعلمت أن ماكان رؤية قد عاشتها هي وصغيرها هاجرت روحيهما معا إلى رجلها المقاتل
ورائحة البارود على ثياب طفلها خير دليل