أنهت صلاتها
وبعد التسليم رفعت يديها للسماء داعية بقلب منكسر ودمع منهمر دعت ربها أن يشفيها
منه أن يخرجه من قلبها وعقلها وحواسها
أن ينسله من مسامها كما تنسل الروح عند الموت فقد أنهكها شوقها إليه وغربتها عنه
أدمى روحها ذلك البعيد والدمع حفر في قلبها ووجهها اخاديد
سجدت باكية داعية وكلها ثقة أن الله لدعائها
مجيب وفكرت أنها المرة الأولى التي تطلب فيها من خالقها هكذا حاجة فلطالما تمنت
عليه ألا يبعدها عنه ولا يبعده عنها
رفعت رأسها ودموعها قد غسلت وجهها ك مطر منهمر على زجاج نافذة أتعبتها الوحدة وغبار
اللانتظار بأن يأتي صاحبها ليشرع أبوابها على الحياة
حاولت أن تنام وكلها ثقة بأن رب الأنام لن يخذلها ولن يرد دعاءها
فأتاها في المنام
رأت نفسها معه يجلسان على مقعدهما ذاك بقرب بعضهما
ينظر في عينيها كما كان يفعل دائما يبحر في ظلمتهما
دون أن ينبس ببنت شفة
كل ماكانت تسمعه هو عويل قلبها وكل ماكانت تشعر به هو قشعريرة تملكت جسدها وأصابتها
بنوبة بكاء
بكت بكل وجعها وغربتها ووحدتها
بكت بكل عتابها وحبها وشوقها
بكت وبكت
فإذا به يشدها إليه ويعانقها كما يلف المعطف جسدا غزاه البرد والموت فأعاد بدفئه له
الحياة
وهمس في روحها أن لا تبكي فالله قد أرسلني إليك لأخفف عن قلبك هذا الشقاء
فاستيقظت من نومها والتعب يعتريها كأنها عادت للتو من رحلة بعيدة كابدت فيها شتى
انواع العناء
وعلمت أنها لن تنساه ليس لأن الله لايجيب الدعاء
إنما لأنها لم تدعوه من قلب صادق فهي في باطنها لا تريد أن تنساه والله مطلع على
سرها ولهذا مااستجاب لها هذا الدعاء