تأخرت في إحدى السهرات العائلية عند أقاربي برفقة عائلتي . سرقنا الوقت ونحن
نتحدث عن الغربة ومساوئها والحنين للوطن.
بعد نهاية السهرة ركبنا السيارة باتجاه بيتنا الذي يبعد حوالي 30 كيومتراً.
بعد انطلاقي بدقائق تجاوزتني سيارة لدورية شرطة المرور ، وقد أصدرت صوت التنبيه (الزمور)
المتعارف عليه ، وإشارة أضواء الخطر ، واللواح الكهربائي ، ثم سارت أمامي معترضة
طريقي ، وطلب مني قائد الدورية الوقوف.
توقفت وقد تملكتني الدهشة ، لم أتجاوز السرعة. ولم أرتكب مخالفة. والطريق شبه خال
من السيارات فقد اقتربت الساعة من الثانية بعد منتصف الليل.
طلب الشرطي ملكية السيارة ورخصة القيادة ، فأعطيته. دقق البيانات وأعادهما ، ثم سأل:
ــ كيف تقود سيارتك بدون إضاءة أمامية وخلفية؟ ألا تخاف على نفسك وعلى عائلتك؟
قد لا يرى سيارتك أحد السائقين في الليل وتتعرض للخطر.
قلت :
ــ أبداً ، الإضاءة موجودة حسب اللوحة أمامي.
قال :
ــ إنزل من سيارتك وشاهد بنفسك.
نزلت من السيارة وفعلا لا توجد إضاءة. أصاب السيارة عطل كهربائي لم أنتبه له.
اعتذرت منه ، وبررت ، ووعدته بأن أقوم بالإصلاح في صباح اليوم التالي.
بعد أن هم بتحرير مخالفة مالية قبل اعتذاري وصدقني وألغى المخالفة ، وسألني عن
وجهتي ، ثم قال :
ــ والآن كيف ستكمل طريقك بدون إضاءة ؟ الخطر لا يزال قائماً.
أجبته:
ــ سأقود ببطء شديد ، و أشغل الإضاءة الرباعية (فلاشر) إشارة الخطر ، حتى أصل.
أجابني :
ــ على الأغلب سيتعطل الرباعي أيضاً ، فلا ثقة بكهرباء سيارتك حتى يتم التصليح.
قلت :
ــ ما الحل؟
رد :
ــ إسمع وتقيد بالتعليمات. أعطني عنوان بيتك . سأسير أمامك حتى تصل ، وسيكون وضع
سيارتي بإشارة الخطر ، اللواح الكهربائي و الإضاءة ، والزمور إن احتجنا ، وبذلك
ينتبه الجميع أن خطراً على الطريق فينتبهوا.
وفعلاً ، سار أمامي حتى وصلنا البيت بأمان وسلام.
عجزت عن شكره لجهده ومرافقته لنا ، فاندهش لذلك وقال:
ــ يا أخي يكفي الشكر. أنا قمت بعملي وواجبي. ما قصتك تعطي الموضوع أكثر من حقه
بكثير؟!
وكان يوماً من أيام الغربة.