الإنسان بطبيعته يكره الألم؛ الجسدي
والنفسي. يكرهه لما يسببه من حزن، ودموع، وآهات، وحسرات، وقهر.
لنفرض أن الإنسان اخترع دواء يشفي من كل الآلام النفسية والجسدية بشكل كامل. فأصبح
الإنسان لا يشعر بوخز الإبرة ولا يتألم. وإذا انكسرت يده أو رجله لا يحس بها ولا
يشعر. لا يعاني من صداع أو ألم معدة أبداً ودائماً.
وكذلك الحال بالنسبة لحالته النفسية. فلا يتأثر
بفقدان عزيز، ولا يبكي لفراق حبيب، أو وداع خليل، ولا يتأوه لذكرى عبرت أفق خياله.
تمضي أموره ويعيش حياته بشكل طبيعي بعد الفقد والفراق، وكأن شيئاً لم يكن، وكأن
أحداً لم يغب، أو يفارق.
بسبب الألم الجسدي، نعرف قيمة أعضاء أجسادنا وأهمية وظائفها، فلكل عضو أو جزء من
الجسد له وظيفته الهامة أو الهامة جداً؛ فما خلقه الله عبثاً. وإن توقف هذا الجزء
من الجسد عن أداء وظيفته، لشعرنا بالخلل أوالألم.
وبسبب الألم النفسي، ندرك أهمية الأقوال وتأثير الأفعال ؛ فالكلمة الواحدة أحياناً
تجعلنا نتأثر جداً؛ فنبكي. كما نشعر بأهيمة الأفراد في حياتنا، وغياب إنسان عزيز
يهيج الأشجان، ويثير الأحزان، ونتألم؛ فنبكي.
نفشل في الدراسة أو في العمل، أو في علاقة ما، أو تخيب آمالنا، فينالنا الألم
والحزن نتيجة الفشل، أو الخيبة؛ فنبكي.
النفس الإنسانية الرقيقة تفرح لأشياء بسيطة جداً، وتتألم من أمور بسيطة جداً. وكلما
ازدادت حساسية الإنسان ازداد تأثره وألمه.
لكن ماذا لو لم يكن الألم موجوداً؟ هل ستكون حياتنا أفضل؟