قرأت في غير موقع أخبار سوري عن وفيات حدثت في بلدنا بسبب مواقد التدفئة أو تسخين الماء اعتمادا على حرق الغاز والأخيرة جديدة على السوق السورية.
أتمنى أن تختفي أخبار الحوادث الناتجة عن استخدام مواقد الغاز بأنواعها، وليس هذا بالهدف البعيد المنال. فيما يلي معلومات بسيطة ستساهم إن شاء الله في رفع درجة وعينا جميعا لميزات هذه المواقد ومميزات الوقود الذي نستخدمه لها وصولا لاستخدام أمثل وأكثر سلامة وأمنا.
يمكن وصف مواقد الغاز بالعملية والرخيصة والاقتصادية كونها تستعمل الغاز الذي ما زال من أرخص الوقود المتوفر لدينا ومن أنظفها بيئيا. بل ومن ناحية الكفاءة تتفوق على غيرها من المواقد حيث تنتج الماء الساخن حين الحاجة إليه فقط، مما يعني توفير الضياعات الكبيرة في تسخين الماء وتخزينه ساخنا لفتراتٍ تختلف بإختلاف المستخدم وفعالية طريقة استخدامه للموقد. ويساعد هذا على الاستغناء عن خزان الماء الحار وبالتالي توفير في الكلفة و إلغاء لخطر وجوده وما قد يرافقه من أخطار.
ولكن من ناحية ثانية يبقى لهذه المواقد – كما لغيرها من المعدات التي نستخدمها- مخاطر أخرى يجب أن نتعرف عليها لنتمكن من التعامل معها بأمان.
إن غالبية هذه المواقد مستوردة من أوروبا أو مصر وهي مصممة لتستهلك الغاز الطبيعيّ NG ، ورغم أن كل أنواع الغاز التي نعرفها كمصدر حراريّ هي غازات طبيعيةٍ بمعنى أنها ليست صناعية فإن لهذا الغاز ميزّات تختلف عن ميزّات الغاز المتوفر لدينا في سورية وهو طبيعي أيضا.
مع أن أفضل طريقة للتفريق بين النوعين هي الغوص قليلا في أنواع الغازات الهيدروكربونيّة ولكنّ هذا الدرب يبعدنا عن الهدف الذي من أجله بدأت الكتابة، كحل بسيط سأعتمد التسمية مدخلا للتمييز بين الغاز المطلوب (أو المصممة لأجله هذه المواقد) مع الغاز المتوفر ليدينا.
إن الغاز المطلوب هو المسمى (الغاز الطبيعيNG) بينما المتوفر لدينا هوLPG وللدّقّة يجب تسميته الغاز الطبيعي القابل للتمييع (إن صحت التسمية).
النوع الأول يتألّف من مزيجٍ من الغازات أهمّها الميتان ونسبته هي العظمى والباقي من الايتان وغيره بنسبٍ أقل ثم أقل ومن ميزاته الكثافة أو الوزن النوعي المنخفض وهي أخفض من كثافة الهواء لذلك في حال تسربه يصعد للأعلى، ومن ميزاته أيضا عدم قابليه للتمييع في درجات الحرارة العادية وينقل بالأنابيب إلى محطّات الطاقة والمصانع كما هو الحال عندنا في تغذية محطة جندر وتشرين ودير علي وغيرها... وفي بعض الدول يصل هذا الغاز إلى البيوت عبر شبكة أنابيب كما في أوروبا و بعض مناطق الجزائر ومصر ومنه الغاز المزمع استخدامه في باصات النقل الداخلي الجديدة في دمشق وحاليا تشيع تسميته بـ CNG (الغاز الطبيعي المضغوط).
لتصدير الغاز الطبيعي بغير الأنابيب لابد من تمييعه لأسباب تتعلق باقتصادية عملية النقل و لتمييعه يجب ضغطه و تبريده لدرجات حرارةٍ تصل حتى 160 درجة مئوية تحت الصفر ويدعى عندئذٍ LNG وينقل لما وراء البحار بناقلاتٍ خاصةٍ تتميز بوجود الكرات الضخمة كمستودعات لنقل الغاز على متنها...... وهو غير الغاز الذي نحصل عليه مسالا في اسطواناتٍ معدنية ما سأدعوه لاحقا بالنوع الثاني.
النوع الثاني من الغازLPG والذي يحوي البوتان بشكلٍ أساسيٍ والبروبان وغيرهما. يتميز بقابليته للإسالة أو التمييع بدرجة الحرارة العادية. هذا الغاز يصلنا سائلا في الاسطوانة ويبقى سائلا بدرجة الحرارة العادية طالما بقي ضغطه أكبر من ضغط التبخر الموافق لدرجة الحرارة التي يتمتع بها ويتبخر أي يصبح غازا فقط عند انفلاته من الاسطوانة التي تحويه (قنينة أو جرة الغاز). لذلك تستخدمه الدول التي لا تملك امكانية توصيل النوع الأول إلى أماكن الاستهلاك كما هو الأمر عندنا.. من مييزّات الغاز المسال LPG المحتوى الحراريّ الكبير جدّا مقارنة مع الغاز من النوع الأول بمعنى أن اسطوانة 12 كغ تكفي لتدفئة منزل متوسط لمدة أسبوعٍ تقريبا بينما يحتاج نفسٍ المنزل ما مقداره 150 كغّ من النوع الأول (الرقم هنا غير دقيقٍ وللتوضيح فقط وكذلك الواحدات) .
الغاز المسالLPG أعلى كثافة بكثيرٍ من النوع الأول، وتزيد عن كثافة الهواء وبالتالي فهو أثقل من الهواء أي يزيح الهواء ويحل مكانه ويملئ حيز الفراغ المتوفر ولما كان الغاز (الميتان أو البوتان) عديم اللون والرائحة فلا يتحسّسه أنف الانسان وهذا ما تم التغلب عليه بإضافة تلك الرائحة المميزة للغاز ليتسنى للمستخدّم الاحساس بالتسرّب حين وقوعه والتصرف وفق ما تقتضيه الحاجة.
لنكتفي بهذا القدر من الحديث عن نوعي الغاز الطبيعي ونعود بالحديث إلى موضوع المواقد الغازية، أود أن أشير إلى بعض النقاط الهامة عسى أن تنبهنا جميعا لاستخدام أكثر أمنا وسلامة:
1- إن هذه المواقد المستوردة مزودة بتوصيلات خاصة للمدخنة، ولا يجوز التخلي عن المدخنة بأي شكل من الأشكال رغم نظافة نواتج الاحتراق ظاهريا.
2- إن نواتج احتراق الغاز هي مزيج من: غازٍ ثاني أوكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون وهو أخطرها وبخار الماء، وبالرغم من كون هذا المزيج عديم الرائحة ولا يمكن الاعتماد على حاسة الشمّ كي تنبئنا بالخطر، إلا أننا يمكن أن نتحسس خطر وجودها من الشعور بالغثيان وضيق النفس أو نفسٍ الأعراض على شخصٍ آخر يشاركك المكان فلا تتردد حينها في طلب الهواء النظيف وطلب المساعدة ولو صراخا واتخذ الإجراءات اللازمة لتهوية المكان أو الخروج منه.
3- رغم أن وظيفة المدخنة الأساسية هي التخلص من نواتج الاحتراق الساخنة، هناك وظيفة هامة أخرى للمدخنّة وهي من أساسيات معايير السلامة وتتمثّل في التخلص من الغاز في حال حدوث تسرب دون اشتعال!!.هذا لو كان الغاز المستخدم ميتانا ولم يحترق لأي سببٍ، فغاز الميتان يتصاعد عبر المدخنة وتبقى العواقب بحسب الظروف.
4- تفقد المدخنة عندنا في سورية وظيت’فة التخلص من الغاز المتسرب في حال عدم الاشتعال !!! ولا يكون لها أي تأثير كمسار طبيعي للتخلص من الغاز المتسرب دون اشتعالٍ، لأن الغاز هنا ليس ميتانا ليصعد للأعلى بل بيوتان وسينزل للأسفل لأن كثافته أكبر من كثافة الهواء، وباستمرار التسريب سيتجمّع بؤرة قاتلة تنتظر شرارة لتفجر المكان أو ضحية غافلة تقدمها قربانا على مذبح الحوادث الأليمة وربما الأمرين معا، فوجود المدخنة من عدمه سيان هنا (رغم أنها تبقى ضرورية عندمّا يكون الغاز مشتعلا) إذ عندها تتصاعد نواتج الاحتراق الساخنة عبرها).
5- يتحتم علينا مراجعة شروط استخدام مواقد الغاز المتنوعة قبل شرائها واستعمالها. وأهم هذه الشروط توفر التهوية المثلى. وكيف سيتم تأمين شروط التهوية إن كانت البيوت محكمة الإغلاق كما في المنازل المجهزة بأبوابٍ ونوافذ من الألومنيوم ؟ ويجب أن تتساءل: من أين يأتي الهواء اللازم لإتمام عملية الاحتراق؟ وأين تذهب نواتج الاحتراق؟ ماذا لو سدت المدخنة لأي سببٍ كان؟ عليك أن تجد الجواب وتجري التعديلات اللازمة.
6- لقد اعتدنا أن نضع مواقد تسخين الماء (القاظان) ضمن الحمام في مضى لأنه يؤدي مهمة أساسيّة في توفير التدفئة للحمام، وقد قام بهذه المهمة بكفاءة مقبولة لعقود. مع استخدام موقد الغاز الجديد لم يعد للموقد أي أهمية لتوفير التدفئة، فلم لا نثبته خارج الحمام بل وخارج المنزل !؟ أي لم لا تثبته على الطرف الآخر من الجدار على البلكون إن مفتوحا بشكل كامل.
7- من أهم سبل تحري تسرب الغاز أو عدم احتراقه، الأحساس بوجود الرائحة المميزة التي نعرفها، ومن هذه الناحية أود أن أبيّن نقطتين:
النقطة الأولى:
رغم أن غاز البيوتان ليس له رائحة يمكن تحسّسها بحاسة الشم عند البشر! إلا أن له رائحة مميزة تضاف له (أؤكد على أنها تضاف إضافة)... إن إضافة تلك الرائحة هي جزء من دورة إنتاج الغاز والتأكد من صلاحيته قبل تقديمه للمستهلك، والمسؤول عن إضافة الرائحة المميزة موظف مؤتمن على حياة كل من يستخدم اسطوانات الغاز المعبّأة من قبله.
تبدأ حدود الائتمان من الموظف نفسه وأولاده وعائلته حتى يعم الائتمان كلّ من يستخدم هذه الاسطوانات. وما لم تتمتع المنشأة التي تنتج الغاز بسويات عالية من إجراءات التدقيق على المنتج، فإنه من المحتمل أن يصلنا الغاز دون تلك الرائحة المميزة. للتخلص من هذا الخطر – خطر وجود غازٍ بلا رائحة- أدعو الجميع لإجراء إختبارٍ بسيطٍ لتحري وجود الرائحة المميزة المضافة! فبعد توصيل الاسطوانة طبّق إجراء فحص التسرب بالصابون كما اعتدت، قم بفتح أحد عيون الموقد لثانية واحدة دون اشعاله وتأكد شماً من انبعاث الرائحة المميزة فهي إشارة الخطر الوحيدة التي يمكن أن تنبّهنا لنتجنب الكارثة. وإن لم تك الرائحة موجودة فتوجه بالاسطوانة فورا إلى مخفر الشرطة لفتح تحقيق في الموضوع فأنت وعائلتك ضحية محظوظة لجريمة شروعٍ بالقتل. عموما اجعل اختبار وجود الرائحة هذا جزءا من عملية استبدال الاسطوانة.
النقطة الثانية:
ماذا تفعل عندما تتحسس رائحة الغاز!!؟ هل تعلم ما يتوجب عليك فعله؟ هل نبهت زوجتك وأولادك؟ أعطهم سلاحا لمواجهة الموقف أخبرهم ألا يسمحوا للرعب بأن يتملكهم وأن يغلقوا المصدر الأساسي للغاز من صمام الاسطوانة، وألا يتسببوا بحدوث أيّ شرارة فلا يوقعوا الأشياء المعدنية ولايقربوا المفاتيح الكهربائية مطلقا مهما كان غرضها... فلا يسمح بتشغيل الإضاءة ولا تشغيل مروحة لطرد الغاز وليعمدوا لتهوية المكان بفتح النوافذ والأبواب والابتعاد عن مصدر الخطر.
أتمنى أن يكون فيما كتبت فائدة تساعد في اتخاذ القرار باستخدام مواقد الغاز أو عدم استخدامها وفقا لظروفك الخاصة.
ادفع ثمن الغاز لتحرقه لا ليحرقك.