news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
الغدر لا يُعرف...بقلم: غالية محمود طرابيشي

 أحتاج إلى الهدوء من دوشة الحاسوب, ومن صوت شخير يحتاج إلى النوم, ومن تكتكات الساعة التي تعزف لحن الهروب, وهي تقف على الرف وفي عقلي ملايين الرفوف من الهموم.


 أحتاج الهدوء من غدر كل ذلك, ومن غدر الغدر ومن الغضب والكذب, أحتاج الهدوء حتى من ضجيج نفسي عندما تسقط بين مجاهل الكتب, أحتاج إلى الابتعاد عنه عن الحب, عن قلبي الذي لم يكتفي من جروح الحب, ومن شيء لا يعرفه واسمه الخوف.

 

 أحتاج أن أصف الغدر وأن أبذل في ذلك كل جهد, فوجدت أنه أن تعطي كلمات حب وتأخذ كلمة حقد, وفي معنى آخر أن تثق بشيء ما, والشيء ما, لا يثق بك, ولا يجد في الثقة حدود.

 

 صديقتي في زمن لم يعد فيه صداقة, أحبك في زمن لم يعد فيه الحب موجود, وأنا محتارة وأكاد أجن بصراحة, كيف أعرف أنك تحبيني وتغدرين بي, بحبك لي, وتبقين رغم ذلك هناك, في القلب هناك, ولم أعد أحتمل صدقيني أن نقضيها هكذا بقهرنا, بعد كل كلمة نعتب وتتغير لهجة كلامنا, وتتغير معها مشاعرنا, وارتداءها ثوب الجفاء, فعندما ضاع الوفاء.

 

 كنت هناك ... لم أعيرك حبي عبثاً, إما أن نكون مع الثقة في ثوب واحد, أو ربما نختار كل درب راحل, ما عدت أحتمل أتدركين, أتشعرين, أتعلمين, كم مرة صُبّتْ الجروح في دماء قلبي, وكم مرة عزفت الآلام حروف دمعي, وكم مرة حرقت الآهات قهر حزني, أحتاج الهدوء بعد كل لحظة من هذه اللحظات, أحتاج الهدوء حتى وأنا أهواكِ, وليت قلبك يصغي لي وأنا أتحدث مع من يراكِ, بكم دمعة اشتريتِ غدر كرمكِ, لو الغدر عرفكِ, لأنتحر في سكات.

 

 ربما الغدر مضيعة للوقت فمن أين سأحضر لك وقت يكفي غدر عيناكِ, ومن قال أنك ملاك, ألومك على غدرك, ولم أعرفك إلا منذ لحظات, ولم ألم قلبي الذي كان وما زال يغدر بي منذ أول الولادات, ولم يعد الغدر من هناك, لذلك قررت أن أصنع في قلبي مكتبة, وفي كل رف منها أضع حب كل شخص حسب مكانته عندي, فاحذري أين كان رفك, كان خارج المكتبة, في الأعلى هناك ..

 

لم أصمت بعد اليوم, والغدر يتحدث بهذا وذاك, هو ليس الغدر الذي كما يعرفه الناس, هذا الغدر له معنى جديد غير معروف, له صيغة جديدة من المكونات, إنه غدر حسب العصر الذي وجد فيه, خفي لا يُعرَف إلا عندما يقوم العزاء بين ذلك وذاك, وعندما أجرب وأمر بقصة حب فاشلة, كي أستطيع أن أكتب من وحي فشلي كلمات تنبأ بالنجاح بالإبداع بالتميز, تنبأ بالموت الذي جاء, من هنا إلى هناك, ومن حيلة خفيفة سأعلمك بها عندما يبكي الباب.

 

 أن تقولي كلمات أنقلها في قصة جديدة لأخرب بها الخراب, فقد أصبح كل الناس كُتّاب, كيف ..؟؟

 

 مبدعون بتأليف الروايات ونقلها خارج دور النشر عبر الدردشات, فمثلاً عندما تودع إنسان بتصبح على خير, لن يعد لصباح الخير أن يراك, وما السبب لا تسأل, عبثاً, بل قف في الصف هناك ... منذ الآن لن تكون الأمور واضحة بيني وبينك, من زمان كان الطعن في الظهر, لكن الآن الطعن في الظهر والصدر وفي كل مكان, طعنات في كل الاتجاهات, يعني عينك كنت عينك, يعني الإنسان الذي يريد أن يثق بالناس, يتخلى من غدر الناس, عن الثقة حتى بنفسه ويقل لك الله يعينك, الغدر لا يمكنك أن تعرفه فهو متنكر كأنه ذاهب إلى حفلة تنكرية, هو امرأة متبرجة وألف قناع ويد سحرية, يقوى على نملة ويضعف أمام مسلسلات تركية, هو ليس ضد الحضارة والتكنولوجية, لكن من يراه قليل عقل وكان عليه أن يعرف ويدرك هذه الخبرية, هو لا يَعرِف أن يتحدث في أمر, فكلامه كله قصائد وشعر.

 

 كلام يغازلك ليس حتى الهيام فحسب بل حتى القهر, القهر من الغزل والهيام والشعر, أجل الغدر لا يُعرَفْ, إلا عندما تدخل المشفى بتهمة غباءك وسذاجتك وطيب قلبك وسرعة تصديقك, والحكم جلطة في القلب والدماغ والله يعينك, ويا ليتك لم تكن هناك, في الأعلى هناك ... والغدر إن أردت أن يشيع خبر ما, أو كنت تريد أن تصل معلومة ما, أو أن يصل كلامك إلى كل الناس فيكفي أن تقوله لشخص ما, وبعد ثوان قليلة ستجده في كل مكان, وفي كل الاتجاهات, لنا إذن تسمع الغدر وليس لنا عقل ولا إدراك, لأن الغدر امرأة وأعلم أنك كنت تعتبريني ملاك, وأنا كنت وأعرف نفسي مجرد لوح من أشواك, أنا لا أعرفه صدقاً أقول, ولو كان يعرفني فأنا أصبحت معروفة بشكل غير معقول, معروفة بغدري هناك, فهو كان قصة بسيطة جداً حدثت معي هناك, فقد احتجت مرة من المرات, نسيان غدر دمعتي وحزني وجروحي وفرحي والنظرات, وتخيلي أني لم أجد نسيان غيره هناك ....

 

 سأغادر وأنا أحب صوتك أفضل من أن أغادر وأنا أكره صداك, يا غدري المشتاق للغدر والعقاب, عدني أن تغدر أولاً الأحباب, كي لا تقول بعد الآن عن أحد أنه ملاك, أحتاج الهدوء والسكينة والتأمل في لغة السماء, فأنا أدرك تماماً أني مهما فعلت لن أكون أبداً كالملاك, أحتاج للحظات صمت فالكل حولي يدعون الحب, أحتاج لثوان تفكير كي لا يضيع مني القلب, فلي في اعتقاده إحساس يهد الجبال.

 

 هي كلمة قوليها وسأزيح عن كتفك مسؤولية أشقى من الأطفال, أحب أن أتركك وحبك في قلبي يزيد, بدل أن أتركك وقلبي خائف عليك من التنهيد, بينما لا أحتمل أن تتغير مشاعرك مني, من كلام جاءك عني, أو من كلمة خرجت بلا وعي من عيني, ألا يمكن أن يكون بيننا بعض من ثقة واحترام وإخلاص, أليس من المفروض ذلك يا أعز الناس, أرأيت أن الغدر فتاة تريد كأس غيرها وفي يدها كأس من ألماس.

 

 وإن سألت عن أحد لغريب, يقول عنه الكثير والأغلى من الصفات, وأما القريب, يصفه بصفة واحدة, يقول لماذا الإسراف, ولا تسأل عن السبب, عبثاً, هل تقف في الصف أغلى الأسماك .... بقلمي غالية طرابيشي 

 

 

2010-12-27
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)