news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
خواطر
سقوط البنفسج ...بقلم : سري حاتم كحيل

قبل لحظات كنا هنا و هناك ...... في كل مكان ..... نسابق الزمن .... و نفترش سطح القمر وروداً و عبقاً  

قبل لحظات كنا ..... و الآن كنت و كانت ..... لم تكن تلك الغمامة الحائلة فيما بيننا سحابة صيف بل ضباباً أسوداً طغى بكل تماسكه طاوياً التاريخ تحت أهداب الذكريات ..... وكلمات انسابت ببساطة دون قيود ..... دون مشاعر ..... دون حواجز .. لتمزق الحياة و تشرذم النفس الشفافة ....


الحكاية باتت في محراب الاستحقاق الأخير .... و عند أهون امتحان سلت النفس التاريخ الراسخ في الأعماق و غاصت بعيداً عن الأسئلة الواردة طائعة القدر فدونت ما كان مستحيلاً و نطقت بلسان الغرباء فاتحة الباب على مصراعيه أمام الطوفان ليجرف كل ما هو جميل غامراً الأيام الزاهرة في مستنقع الغدر والخذلان.

  عندما ترسم لنا المفاجآت على كفوف الأقدار المتلاطمة صوراً أخرى للزمن تعكس عبثية الحياة .....           وعندما تتكاتف الظروف مع خبايا النفوس البشرية لتسحق أحلامنا البريئة .... ندرك أننا قد وصلنا إلى درجة متقدمة من مراتب الإنسانية و أننا سنكمل المشوار بكل ما يكنه من أشواك و وشائج بجواد مكبل .....

 

بدأ الذبول يسري في عروق الكلمات الحمراء المحتضنة بين غضون التذكار .... وتاهت الحروف على شفاه الحكمة .... وحيدة هي الذكريات تشكو في فراغ اللانهاية آلاماً لجراح تلاشت من حناياها اللمسات و ضاع من أنينها عطر المحبين ....

هي الأقدار من جديد .... تمتطي أمواج المباغتة حتى تتكسر مع ما تحمله من وعود و صدقية و ذكريات على شواطئ اللامبالاة ...فتتناثر رمال الأحلام في بيداء القرار و تغوص أخرى لتحجب وجه الأمنيات على طول قاع الحقيقة السحيق .....

على رفوف الأمس المغبرة تُحتضر التوقعات على فراش الصمت ..... استسلمت حراب التصميم أمام ريشة القرارات الطائشة .... انتُزع خاتم البداية و النهاية من حلق الإصبع باتراً الحبل السري ... حتى أمست مجرد يد خُلقت لمسح الدموع و نثر التضحيات على عتبات الخيال ..... تكوثر غبش النوى في أركان النظرات المتكسرة طاوياً صور الحياة المشوهة مع مخلفات الذاكرة الهرمة.

بهتت أوراق مبادئنا و طال اليباس أفنان المحبة حتى غاصت المعاني تحت غبار النسيان ..... و تفرع الدرب إلى شقين متنافرين كلما مضى في أعمارهم زمن زاد بعدهما .... و تمزقت روابط الحنين قبل محطة الصدفة الأسطورية ....

 

تلك السنوات التي بدأت بنظرة عابرة انتهت بقرار لم يجد المنطق لنفسه حيزاً فيه .... حتى الشفاه التي نبست بكلماته لم تع أنها أطلقت العنان لعواصف الآلام أن تجتاح خريطتها زارعة الندم على أرصفة النفس .... لم تع أن الهزار أحياناً يمتشق سيفاً يبتر الجدية و يشق طريق التوحد الطويل إلى مسرح الظنون حيث لا مكان للانتصار و لا مجال للاستدراك ....

  قد نظلم نفوساً أحياناً في لحظة ضعف ..... قد نغلق الأبواب في وجه عيون عشقناها في لحظة غضب ..... لكن أن يتملكنا الجنون فجأة فنحطم مبادئنا السامية المبللة بعرق السنين في لحظة تكبر لمجرد أن نقول شامخين أننا سجلنا في دفتر الأمجاد قراراً ينم عن مرضنا .... فنحن قد أصبغنا على أرواحنا صفة الفراغ .... فلا يسعفنا البحث عن مجاديف النجاة ما دام قاربنا لا يقوى على شق و لو موجة عابرة "

يا من تواريت خلف سراب الحقيقة .... لا تنظرِ خلفك فلا يوجد سوى المحبة .... لا تترنح في خطاك فالليل يستر العيوب و أينما وليت وجهك كل شيء ها هنا مسكون بالذكريات .....

كانت غريبة حد الذهول ..... مرتبكة .... خائفة .... كما قلبي المحطم الجانب ببراثن مفاجأتها .... و كانت الخاسر الأكبر رغم اعتقادها أنها امتلكت زمام القرار ..... و لكن كانت تحاول يائسة تمرير رسالة مجهولة العنوان مبهمة الأسباب لم يجد الإصغاء مجالاً للغوص فيها .... فمرسلها بات من الماضي .... بل أراد أن يطوي صفحته من كتابي ساحباً كلماته في جعبة الهموم كآخر أثر يتكأ عليه إذا ما جنت الخطوب أمام خطاه العاثرة .....

ما زال الصمت يوقظ فتات الهمس في الأعماق و يثير زوابع الأسئلة ..... و ما زالت تحت تأثير مخدر تسرعها .... تتمسك بحبائل الهواء كي لا تغرق أكثر في بحيرة قرارها .....

أيها الزمن توقف لحظة فعلى متنك زُرعت مواقف لم يستهد إليها النسيان بعد ... على وجنتيك عهود و هيام مترامي الأطراف ما زال يدار على ألسنة العامة في جلسات المساء .... و بين غضون دهاليزك ختمت الحكاية قبل أن تروى و لو لمجرد الحديث العابر .... ما زلت تتلون كما نفوسنا المسكونة بالمجهول .... و ما زلت الوفي الوحيد القادر على دمل جراح الصدمات ببلسم النسيان و لكن أي نسيان !!!!!

فالذاكرة عندما تحاول تجديد نفسها لا تقوى على تحريف التاريخ ..... فتنسج خيوط اللامبالاة على تلك الزاوية المسكونة بعبير الماضي .... و يبقى القلب ينذر بثقلها كلما حملت لنا الحياة مواقفاً أو تعانقت النظرات تحت ستار الصدف المبعثرة ....

على أعتاب الشرود كان اليقين يراقب كيف تسلل الواقع بين ثنايا حلمنا العظيم ممزقاً أوصال التضحية .. مبدداً الآمال .... و لم يعد يجد النظر إلى الخلف .....

  ففي زمن الضياع حين يستطيع هلال الصدق اختراق أغصان الخذلان المتشابكة كاشفاً حيزاً من أرض الحب ..... يجب أن تنتفض الحقيقة في وجه اليأس مؤازرة براعم التصميم و المبادئ ... فهذه طفرة يجب أن نعززها بكل قوانا قبل أن تسحقها الوشائج و تلغي أثرها رياح النسيان "

ما زالت تلتمس الأعذار بعد غربة لمع في سمائها نجوم و أفلت أخرى .... ما زالت تتخبط في أتون الذكريات بعد أن أفرغت جعبة صبري و حنيني من مضمونها ببساطة طاوية المشاعر تحت رحمة الزمن ..... ستسري بنا الأيام الهوينا ... و قلوبنا تحن شوقاً للحظة استدراك عابرة .... استيقظت متأخرة من كابوسها على وقع قرع طبول الوحدة ..... و خبت شعلة الحب كشمعة هبت عليها نسمة عابرة .....

غريبة هذه الحياة ..... غريبة تلك النفوس ..... غريب ذاك المشوار ..... لما نمتطي قارب القرارات المهترئ و نسابق الأعماق ما دمنا لا نجيد السباحة ..... لما نبتر سعادتنا بأيدينا ثم نذرف عبرات الندم بذات اللحظة .... لما نزرع ورود الحب في أرض الحقد ما دام مصيرها أن تسحق بأقدامنا بلحظة مزاج ....

يا شمس الأصيل تابعي انحدارك فلا نظرات هذا المساء ستودعك ..... و لا اتحاد ظلين اعتادا رسم وجه آخر للحياة لن تتقمصه بعد الآن ..... غادري ببطء فلم نعد نملك شيئاً ....

 

فكل ما منحتني إياه الأقدار على مر سنين استردته في لحظات .....

2010-12-28
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد