لا ريب ان مرد السلوك الانساني,على اختلافه وتنوعاته,الى كل من العقل والوجدان.

ولكن كيف يتقاسم العقل والوجدان عمليات القيادة للانسان؟

كيف يتم التنسيق بينهما في اصدارهما الاحكام والسلوك؟وهل يتم التنسيق بينهما في ذلك فعلا؟..

والجواب هو ان دور العقل في ذلك محصور في الكشف والدلالة, فهو اشبه ما يكون بالدور الذي تؤديه المصابيح المثبتة في مقدمة السيارة .اما العاطفة فدورها يتمثل في الدفع الى السلوك, فهي اشبه ما تكون بالوقود الذي داخل السيارة .

ولكن هل هناك تنسيق بين دوري كل منهما؟

هل السلوك الذي تدعو اليه العاطفة هو دائما ما سبق ان قرره العقل؟

ليس ثمة تنسيق بالضرورة بين هاتين القيادتين في كيان الانسان, وانما يتبع الامر في ذلك الظروف التي قد توجد قيادة ثالثة في الساحة , تكون إليهما مهمة التنسيق والتوفيق بين قيادتي العقل والوجدان, واعني بالقيادة الثالثة التربية التي تلجأ اليها المجتمعات المتحضرة منذ فجر الوجود الانساني .وهي, كما نعلم ,اتخاذ الوسائل الكفيلة بإخضاع العاطفة لقرار العقل وحكمه الصحيح.

وعندما لا تكون قيادة التربية المثلى متوافرة ولا تكون سلطة القوانين ماثلة حاكمة ,ولا تكون ادبيات الاعراف مهيمنة ,فان العاطفة المتمثلة في الحب والكراهية غالبا,تصبح هي المستبدة بقيادة صاحبها ,ويضيع صوت العقل في ضجيج الرعونات والاهواء