ذات يوم شاهدتها ... سمعت لحن صوتها و كان أجمل ما سمعت ... ففي صوتها رقرقة الماء و نقاء الحياة و رائحة البخور... فالطفولة طيراً يرفرف على أنغامه و يعطي للأزهار ألوانها و أريجها ...
وقفت أمام أنوثتها ... نظرت في وجهها ... آه من عينيها ما أروعهما ... نظرات شفافة تنثر النور و الرقة في كل مكان ... فتشتعل الحياة ربيعا يحمل كل الألوان ... أحسست بشيء ما قد سرا داخلي و أومضت الحياة هزة في قلبي ... كانت هي المرة الأولى التي أراها فيها ... لكني لم أجعلها تشعر بوجودي...
قررت الانسحاب بعيداً لعلي أنساها فأقتل الإحساس في داخلي طفلاً قبل أن يكبر... ومضت الأيام دون أن نلتقي ... وهيئ لي أني نسيتها... إلا أن نسيانها كان محال ... فوجهها شمس لا تغيب... و بعد سنوات رأيتها مرة ثانية ... و ظهر الإحساس القديم في داخلي شاباً هائجاً ... أتراه لم يمت فقد كبر و لم أعد بمقدوري السيطرة عليه ... و كأنما نسمة هبت لتلهب العشق الخامد ناراً كجمر تحت الرماد ...
لم أشعر ألا والنار حولي تلتهمني ... فقررت أن التقي بها... أحدثها فهي عزباء حتى الآن و انتابني إحساس أنها لي ... نصيبي و شمسي التي ستشعل رجولتي و تصب في داخلي روح الحياة ... و فعلاً التقيتها و حدثتها ... لكنها خافت من بحر حبي المتدفق ... و قررت الكسوف دون أن تعطي وقتاً لتعرفني و أعرفها... آه كم هي حساسة ...
فحساسيتها ريحاً عاصفة هبت و قد تدمر العشق الممتد على أيام السنين الماضية ... لكني ما زلت أرى سنا وجهها ... أشعر بوجودها ... أعشقها ... كيف لا و هي شمس لا تغيب لأجلك وحدك أنشر بعض ما في داخلي سطوراً مرة أولى و أخيرة علك تقرئين و تشرقي من جديد فتذيبي الثلج المتراكم على علاقتنا في محاولتي الأخيرة للقاء يجمعنا فيتضح ما جرى من أحداث سابقة لم تجدي تفسيراً لها