الخادمات الأجنبيات ينقلن عاداتهن وتقاليدهن وقيمهن وثقافات مجتمعاتهن الأصلية إلى أطفالنا!!.. تفكك بعض الأسر نتيجة إعطاء دور الأب والأم للمربيات!! عارف العلي : ظاهرة استقدام واستخدام الخدم ولاسيما من الدول الأجنبية (آسيا) دخيلة على مجتمعنا العربي السوري. وإن كانت موجودة ولكن ليست بهذه الكثافة والخطورة..
فقد كانت حصراً وحكراً على بعضهم ولبعض الأعمال ولكن اليوم انتشرت هذه الظاهرة انتشاراً كبيراً لدرجة أنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من تركيبة البناء الاجتماعي والأخلاقي والتربوي للكثير من الأسر السورية..
والمؤسف أنها تركت وتترك آثارها هنا وهناك ولكن لم يكن هناك تصدٍ جدي لها.. ولمعرفة الموقف حاورت «تشرين» أقطاب هذه الظاهرة فتابعوا معنا:
تعريف الظاهرة: في البداية يجب الاعتراف بأنه لا يوجد مربية بالمعنى الحقيقي والفعلي أو اللغوي لكلمة (مربية)، إنما هناك خادمة من خلال الأنشطة الخاصة بالواجبات والمسؤوليات التي تضطلع بها، وهي الخدمة المنزلية إنما قد يتاح للخادمة تزويد الأبناء ببعض المعلومات في أثناء معايشتهم في ظل غياب الوالدين أو انشغالهما وقد تتولى الخادمة القيام ببعض المسؤوليات مثل إيقاظ الأطفال والإشراف على تغذيتهم أو ملابسهم أو تمريضهم وحمامهم وغير ذلك من واجبات الأم..
وما يزيد الأمر خطورة إن الخادمات ولاسيما من البلدان الأجنبية شرق آسيا وغيرها لا ينتقلن إلى مجتمعنا بشخصياتهن فقط لكنهن ينقلن معهن عادات وتقاليد وقيم وثقافات مجتمعاتهن الأصلية والتي تكون مغايرة ومناقضة للقيم والثقافة العربية السائدة في مجتمعنا السوري، وإنهن بمعايشتهن داخل البيت السوري يقمن بالتأثير اللغوي والقيمي والمعرفي والنفسي والاجتماعي وحتى الحناني في جيل الأبناء في مرحلة الطفولة المبكرة التي تتميز بكونها أكثر قابلية للتأثير والتحصيل والتقليد والمحاكاة.
حق يراد به باطل السيدة فاديا أحمد* موظفة* قالت: أنا لست بحاجة للوظيفة... ولكن ليس من المنطق والعقل أن أجلس في البيت بعد أن أتممت دراستي الجامعية أحاكي الحيطان ومواد الطبخ والجلي والتنظيف... وطالما أن الله أنعم علينا فما المانع أن يكون في البيت خدم... قلنا لها خدم للطبخ والجلي والتنظيف وليس لتربية الأولاد...
عندها أردفت قائلة: عندي مربيات خريجات تربية وعلم نفس من برا (دول أجنبية) قلنا: مهما كان لا تستطيع هذه الخادمة أن تكون كل شيء مربية وطباخة وأم حنون.. وعندما سألنا السيدة فاديا عن عدد الساعات التي ترى أولادها أجابت: ساعتان أو ثلاث وأحياناً واحدة ولكن أراهم دائماً جاهزين نظيفين... ناجحين... نائمين..
هذا ما دفعنا للاستفسار وهل تشعرين بمرضهم وجوعهم وسعادتهم قالت: المهم أن كل شيء يريدونه من الدنيا يكون موجوداً.. وعندما سألناها ثانية وكيف هي العلاقة بينكم هل يشعرون بحنانك وأمومتك وما مصير هذا الشعور في المستقبل عندما يكبرون.. قالت: هذه هي التربية الحديثة أن يكون للولد مربية... وغرفة خاصة به ومدرسة داخلية وأضافت أنا لست أم فلاحة!! عندها قلنا يا ريت كل النظريات الحديثة في التربية تطبق فلسفة الأم الفلاحة!!
خادمة ومربية:
لميس (خادمة بصفة مربية)سورية الأصل قالت: أعمل كل شيء في البيت وأنا أحمل شهادة الثانوية العامة منذ/20/ سنة وبسبب الحاجة عملت خادمة(لفاية) ولكن مع الزمن أصبحت إحدى الركائز الأساسية للأسرة، ولا أقصد بالركائز هنا البنائية للأسرة بل الركائز الوظيفية لها...
فقد أصبحت كثير من المسؤوليات الأسرية تمر من قناة الخادمة وقد أصبحت الأسرة وأفرادها مأسورين بوجودي فكل فرد في الأسرة يعتمد علي بطريقته الخاصة لتحقيق بعض حاجاته، ولقد أفرز هذا الجو مجموعة من الأفراد معتمدين على الخادمة (المربية) شخصياً لقضاء كثير من حاجاتهم لدرجة أن الأسرة التي تفقد الخادمة لبعض الوقت لسبب ما يختل التوازن ويتغير الترتيب اليومي..
فأنا أحمل البيت بكاملة... احتياجات الأطفال.. دروسهم.. حمامهم.. طعامهم.... تحضيرهم للمدرسة... والإشراف على ركوبهم في باص المدرسة وفي العودة كذلك وحتى نومهم وأنا أرافقهم في الزيارات والرحلات.. الأطفال اقرب إلي من أمهم ومتعلقين بي أكثر من أبيهم وأمهم.. أمهم تلبس وتحضر الحفلات وتقوم بالزيارات وكذلك الأب..
أنا من ناحيتي مرتاحة جداً لأنني أقبض أكثر من/10/ آلاف ل.س ولكن لو قدر الله لي الزواج ومن ثم إنجاب الأولاد لن اتركهم دقيقة حتى لخالتهم أو عمتهم لأنني بت أشعر أن لا أحد يعوض عن الأم مهما كانت المربية حنونة وعطوفة!!
الأم البديلة:
التربوي سمير فارس حسون قال: ظاهرة الخادمة المربية و قد تكون أمية أمر خطير وما يزيد الطين بلة أن كثيراً من العلاقات بين أفراد الأسرة فقدت شكلها المباشر وأصبحت تمر عن طريق الخادمة فعندما يطلب الأطفال شيئاً من الأم نجدها تأمر الخادمة وإذا طلب الأب شيئاً من الأم نجدها تأمر الخادمة بإعداده أو المشاركة بإعداده على الأقل، والحقيقة التي يجب أن نذكرها أن الأسلوب المباشر للأخذ والعطاء بين أفراد الأسرة يعتبر من العوامل المهمة لتعزيز الرابطة بين أفراد الأسرة لكن إذا استمر الحال كذلك فلن نستغرب إذا اهتزت العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة وانقسمت وزال منها التواد والمحبة والرحمة والعطف نظراً لطبيعة العلاقة التي تسود الأسر التي تستخدم الخدم وتمكن الخادمة باسم المربية من الحصول على امتياز القيام ببعض الأعمال المترابطة والمرتبطة بإشباع الحاجات الأساسية لدى الأطفال.
وأصبحت الخادمة تستقطب كثيراً من الرباط العاطفي بين الأبناء وأصبح الاعتماد عليها بشكل كلي يهدد مفهوم الأمومة لدى الأم الحقيقية، ونجد أن كثيراً من أطفال الأسر التي تملك المال والترف يرون في وجود الخادمة ضرورة توازي وجود الأم وبالأخص إذا نشأ الطفل بين أحضان الخادمة منذ الصغر فالمجتمع في هذه الحالة يقدم للأطفال أمهات بديلات لا ضرورة لهن.
انحرافات سلوكية:
المربية سلام جورج قالت: لا يمكن أن نعتبر أن الطفل في مأمن من الانحرافات السلوكية بوجود الخادمة المربية بآن واحد فلقد جاءت هذه الخادمة والأسرة لا تعرف مثقال ذرة عن خلفيتها وماضيها وسلوكها، ومع ذلك تتسلم الطفل بين يديها ومن يدري ماذا يحدث للطفل في غياب الأم عن البيت ساعات وساعات ولاسيما إذا كانت المربية أجنبية أي آسيوية فهي لا تعرف العربية هذا من جهة ومن جهة أخرى سمعنا ولمسنا وشاهدنا الكثير من الأطفال قد تعرضوا للإهمال والمعاملة القاسية وحتى التنويم بالدواء في غياب الأم..
فغياب الأم بالنسبة للخادمة هو التخلص من القيد والضغط فيمكنها أن تفعل ما يحلو لها في أثناء غيابها.. وتحدث كثير من هذه الأمور خصوصاً إذا كانت الخادمة لا تتلقى معاملة طيبة من ربة الأسرة، فتجد متنفسها في الأطفال وتنتقم من الأم من خلالهم، وبعد ذلك ماذا يمكن أن نتوقع من طفل يعيش في هذه الظروف؟!..
** لنا تعليق: نحن لا نمانع من وجود خادمة تساعد ربة المنزل بالطبخ أو الجلي أو في التنظيف ولاسيما إذا كانت المرأة (الأم عاملة) مع تحفظاتنا على أن راتب الأم العاملة يذهب للخادمة!! ولكن نقول إن دور الأسرة لا يقتصر على إنجاب الأطفال فقط فالأسرة لها دور كبير في بناء وتكوين شخصية الأبناء وطباعهم، حيث إن شخصية الطفل تتكون خلال الفترة من السنة الأولى وحتى الرابعة من العمر لذلك فوجود الخادمة مع الطفل في هذه السن لاشك يؤدي إلى التأثير في ثقافة الطفل من خلال نقل ثقافتها.
وإذا كان لابد من استقدام خادمة أو مربية للأطفال فعلى الأم ألا تعتمد اعتماداً مطلقاً على الخادمة وألا تدخل الخادمة بشكل كبير في عملية نوم الأطفال وعدم السماح للأطفال بتقليد الخادمات ومراقبة الخادمة بشكل مستمر..
ولابد من التمييز بين الخادمة والمربية وواجبات كل واحدة منهن حتى لا يحدث خلط يؤدي إلى آثار سيئة على تنشئة الأطفال والأهم ألا تترك الأمهات أطفالهن ينامون عند الخادمات وأن تكون الخادمات معهم أثناء حمامهم وأثناء مرضهم وفي أوقات تنزههم.