لا يسعني في مثل هذا الوقت سوى أن أستشهد بقوله تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ).
وأنا هنا إذ أخاطب فإني أتوجه بكلامي هذا إلى كل أخوتي من أبناء الشعب السوري بكل إنتماءاته وفروعه, ولا أستثني أحدا.
أخوتي منذ مدة وأنا أقرأ على صفحات الإنترنت عن دعوات ليوم غضب سوري أطلق عليها تجاوزاً ( ثورة الغضب ), لم أعلم مصدرها ولا من هم يقفون ورائها ولا حتى من هم أبطاها, ولكن ليكن بمعلومكم بأن إطلاق اسم ثورة على هذه المهاترات هو شيء مبالغ فيه حتى منطقياً, فالثورة لا تسمى ثورة إلا بعد إنتهائها, والثورة لا تكون ثورة ضد أبناء الشعب الواحد, والثورة لا بد لقيامها من توافر مقومات لها من قيادة وعدو محتل من جنسية أخرى وإلى آخره ممن يقرأ أو قرأ عن الثورات.
أخاطب هنا من جرفهم تيار هذا العالم الإفتراضي ( الإنترنت ), فأعجبتهم لعبة الكلام الذي يقال فيه, والذي هو بالأصل غير معروف المصدر, فأنطبق عليهم قوله تعالى المذكور أعلاه.
أما لماذا دعوتها بثورة القطط, فيبدو أن الذين يحاولون أن يحرضوا على هكذا ثورة هم بالأساس يحملون في داخلهم نفسية شبيهة بنفسية القطط, تلك الحيوانات الأليفة التي تراها باليوم الواحد عشرات المرات, فإما أن تتجاهلها أو تحاول إطعامها أو حتى قد تحاول نهرها, ولكنها دائماً ما تتعلقك وتطلب ودك, ويبدو بأن إختيار هؤلاء لشهر شباط لقيامهم بهكذا ثورة مزعومة, لم يكن محض صدفة فجميعنا نعلم كيف حال القطط في هذا الشهر, ونقدر ما يطرأ عليها من تبدلات هرمونية وفيزيولوجية, وترانا نتغاضى عن كل ما تسببه لنا من ازعاج بأصواتها التي تكاد تخرق جدار الصوت, وهذا ما سيكون حالنا بالتعمل إلى من يدعون إلى هذه الثورة, ولنا أسبابنا طبعاً, فنحن بشرُ ونؤمن بالله وبكل كتبه ورسله, ونحترم معتقدات بعضنا البعض, فنلتزم بما أوصانا فيه كل الأنبياء والمرسلين من لطف المعاملة مع مخلوقات الله.
أخوتي وأحبائي, لا يوجد فينا من ينكر ما حدث من تغير في سورية خلال السنوات الماضية, "ومن ينكرها فلغاية في نفس يعقوب", ومن يدعون إلى إحداث تغيرات من خلال يوم غضبهم هذا, فهم لم يحددوا إتجاه هذه التغيرات, التي ستكون للأسوأ لنا نحن الشعب السوري الحقيقي, نحن الذين نعيش على الأرض السورية, وليس خارج حدودها, وبالمقابل فهم ( أي من يدعون لهذه الثورة ), لن يتأثروا بشيء أبداً سوى بأن مكاسبهم ستزداد وتجارتهم ستنتعش.
أي ثورة هذه يقودها أشخاص وهمييون في عالماً وهمي, أي ثورة هذه يدعوا إليها أحزاب وحركات لا تاريخ لها, أي ثورة هذه يكون قادتها أشخاص لا أسماء لهم ولا صور ( سوى أنهم يختبؤون وراء صور الشعب السوري ليثبتوا بأن لهم هوية ), أي ثورة هذه تدعوا لخراب البلاد طالما الهدف الوصول إلى مكاسب شخصية( والله إنها أشبه بتصرفات القطط, فالقطط تراها تخرب كل شيء في سبيل الوصول إلى طعامها, وفي الآخر لا تشارك به أحدا ).
أريد أن أقول لكل هؤلاء المدعون, الذين يحملون صور الثوار والمناضلين ليكسبوا شرعية بها, أنتم جميعكم خارج حدود هذه البلاد فيزيائياً ( ومنطقياً بالنسبة لنا نحن أبناء سورية ), قوموا بثورتكم تلك بالمكان الذي تقبعون فيه, قوموا ببناء بلدكم الذي تريدونه حيثما أنتم تعيشون, ولنرى من الشعوب ستناصركم, قوموا بثورتكم تلك بمفاهيمها وأبعادها وحدودها خارج حدود بلدنا نحن, قوموا بثورتكم تلك واتركوا لنا بلدنا نعمره كما نشاء, نعيشه ويعيشنا, نرهقه ويتعبنا, نحبه فيحنوا علينا, نقسوا عليه فيسامحنا, أقولها لكم هكذا تعودنا على بعضنا ولا نريد لأي ناصحاً من دعاة النصح والإصلاح أن يغير لنا طريقة عيشنا, لا نريد لأي أحداً أن يغير لنا هويتنا, دعونا . . دعونا . . دعونا . . فو الله لا نرى فيكم سوريون ولا نرى فيكم إنتماء ولا نرى فيكم عقيدة.
أشكر لكم رحابة صدركم, وكلي أمل برحابة عقولكم.
دمتم ودامت سورية لنا ولمحبيها.