الموضوع الذي أريد طرحه اليوم ليس بخاطرة ولا بأبيات شعر , و لكنها واقع يعيشه سكان مدينه حمص يوماً بعد يوماً , و هو التغيير الذي حصل في مواصلات مدينة حمص مؤخراً , فمنذ قرابة العدة أشهر تم استبدال الميكروباص أو ما يسمى بالسرفيس بباصات لشركة خاصة , و مذ ذلك الحين لم نشاهد أحداً يمتدح هذا التغيير الذي قيل بأنه لــ "لتحسين" حالة المرور في حمص , و لكن ما نشاهده أن هذا التغيير نقلنا " من تحت الدلف لتحت المزراب " , و سوف أتكلم بعدة أفكار عن هذا التغيير و لن أقول "تحديث" .
باصات صينية متواضعة : بداية ما يمكنه مشاهدته و الانتباه له في هذه الباصات الجديدة هي النوعية المتواضعة التي تم استقدامها لخدمة المواطنين , حيث أنه تم استيراد باصات بطيئة و غير مريحة , بغيار عادي و ليس " أوتوماتيك " كما هي باصات النقل العام التي هي أفضل و أسرع و أكثر راحة , و كان الأحرى أن يحوي العقد مع الشركة الخاصة على تحديد مجموعة من الخصائص و الشروط التي تتعلق بنوعية الباص , علماً بأن السرفيس كنت تجلس فيه على مقعد جلد محشو على أقل تقدير ولا تجلس على كرسي بلاستيك مقعر .
30 راكب جالس و الــضعفين واقف : هذه الباصات مخصصة كما هو واضح من عدد مقاعدها لــ 30 راكب أو 31 , و لكن ما نشاهده أن هذه الباصات لا تسير قبل أن تملأ ما لا يقل عن 3 أضعاف سعتها , و خصوصاً في الصباح الباكر حيث زحمة الطلاب و الموظفين , فبدل أن تزيد الشركة عدد باصاتها القاصر على خدمة المواطنين في أوقات الذروة (فترتي الصباح و الظهر) , بدلاً عن ذلك يتم "حشك" الناس جميعاً كأسماك السردين داخل الباص جنباً إلى جنب , فلا يمكنك التحرك لا يميناً ولا شمالاً , بل لو صعد نشال إلى الباص لاستطاع نهب كل من فيه بدون أن يشعر أحد , و في أوقات الذروة هذه ينسى المواطنين تماماً فكرة الجلوس و جل ما يتمنونه هو باص فارغ نسبياً , أي لا يوجد فيه الكثير من الواقفين , علماً بأن السرافيس التي تم إلغاءها كانت تلبي حاجات الجميع و لم نكن ننتظر على الموقف نصف ساعة , على الأقل كان الجميع يجلس بكرامته و خصوصاً الفتيات و لم نكن نضطر للوقوف , و أريد ان أسأل الجميع هل ترضى لأختك أو أمك الوقوف في مثل هذا الباص الممتلئ حتى آخره ؟! .
راحت على الشباب : كما أسلفنا سابقاً , في مثل هذه الظروف , و عندما تصعد فتاة أو امرأة كبيرة إلى الباص و تقف أمام أحد الشباب أو الرجال فتلقائياً يخجل هذا الشاب أو الرجل و يترك مكانه لهذه السيدة , و هنا نسأل المختصين بالموضوع هل علينا نحن المواطنين أن نتحمل بعضنا بدلاً من أن تؤمن المواصلات لنا احتياجاتنا , هل نحن المسئولين عن بعضنا أم أنتم المسؤولون عنا ؟ لكي لا تتأخر اخرج قبل بنصف ساعة المشكلة التي تعد من أبرز المشاكل التي نعاني منها حالياً هو البطيء المدقع لهذه الباصات الثقيلة , و التي نظرياً يجب أن تقف على المواقف إلا أنها تقف و تسير على هوا السائق فإن أراد توقف كل دقيقة , المشوار من الكراج للكراج كان يأخذ حوالي 35 دقيقة بالسرفيس , و الآن بالباصات لا يمكنك الوصول قبل 45 دقيقة على أفضل تقدير .
و من يلاحظ في بداية إنزال الخدمة كان يوجد ما يسمى بالمعاون كان يحاسب المواطنين عند صعودهم للباص , أما الآن تم إلغاءهم ليقوم السائق نفسه بمحاسبه الركاب , فتخيل لو صعد 10 ركاب و كل راكب يريد الدفع و أخذ الكرت , على جميع من في الباص انتظار السائق حتى ينتهي من حساباته , خصوصاً بعد تحويل المقود إلى "حصالة للنقود" . التسعيرة 7 على الورق فقط .
أحد الممارسات التي يمارسها موظفو النقل الجديد على المواطنين هو أخذ ضريبة "الليرة " , قانون النقل واضح و التسعيرة هي 7 ليرات , و لكن ما يحصل هو أنه عند شراء كرت و إعطاء السائق 10 ليرات فنادراً ما يخصم الـ 7 و إنما يأكل ليرة ضريبة و يعيد للراكب ليرتين فقط , بل و البعض أحيانا لا يعيد شيئاً على الإطلاق - طبعاً إلا إن طالبته بها- , فهل هذا نوع من استغناء الناس , و هل "حيطنا واطي " و حقها مهضوم لكي لا يتم تنبيه الموظفين على مثل هذه الأمور ؟ ربما يقول البعض بأن الليرة لا تقدم ولا تؤخر و لكن القصة قصة مبدأ , التسعيرة التي حددتها الدولة واضحة و صريحة فلماذا يتم خصم الليرة ؟
سائقين بدون مؤهلات واضحة : من الأشياء السيئة أيضاً هو نفسيات بعض السائقين و لن نقول كلهم , و لكن البعض يتحكم بالعباد و كأننا نصعد بالمجان أو سخرة إلى هذه الباصات , و يفش خلقه الناجم عن ضغط المواصلات و العمل و الزحمة بالركاب , يجب أن يتعلم السائق أساليب التعامل مع الركاب , بل يجب أيضاً أن يرتدي جميع السائقين زي موحد , ليس أن يصعد كل من هب و دب خلف المقود .
الباصات لا تكفي : ربما في هذه الفترة بالذات أكثر مشكلة تؤرق المواطنين هي عدم كفاية الباصات لتلبية حاجات المدينة , و أطلب من أي شخص الخروج الساعة الــ 8 صباحاً أو 12 ظهراً ليشاهد عدد الواقفين عند كل موقف , ليتأكد تماماً من سوء الوضع الحالي للنقل , أيام السرافيس لم تكن لتنتظر أكثر من دقيقتين أو 3 , بينما حالياً تنتظر ما يقارب ربع ساعة على أقل تقدير , فنسأل المختصين هل درس عدد الباصات دراسة صحيحة؟ و إلى متى سوف نبقى نتقاتل على الموقف لكي نصعد إلى الباص ؟ في النهاية و لسخرية القدر بأن هذه الباصات التي جلبت "لحل" أزمة المواصلات في مدينه حمص زادت الطين بلة , حيث أصبحت شوارع حمص أشبه بشوارع مدينه دمشق بالازدحام , و من يخرج صباحاً لمنطقة دوار السيد الرئيس ليشاهد 4 خطوط شوارع من الاختناق المروري الذي يتجاوز طول كل منها الــ 60 سيارة , فنريد أن نسأل في نهاية هذه المقالة .
مواصلات حمص إلى أين ؟!