شيءٌ ما في هذه اللعبة يغري الكثير .. فهي لعبة الكبير والصغير ..
و ربما ذلك لاننا نلعب تلك اللعبة دوماً في الحياة بصورة ما .. فخياراتنا من حولنا .. و أهدافنا التي نَنصُبها مشاعل في طُرقنا جُلها تعتمد صحتها من عدمها على لعبة الاختلافات السبع ..
فأنت ان لم تكن و خياركقراركمسارك متشابهون تماماً أو مختلفون بأقل من سبع .. فأنت إما لا تعرف نفسك .. واما انك تُسيءُ بحقها .. فإلزام النفس بقرار أو خيار يختلف عنها بسبع إختلافات أو أكثر . يعني الخروج من دائرة التوافق والاستقرار .. والخروج من الدائرة تلك .. يعني الدخول في منحنيات غير معرفة من الحياة .. لا تعتمد على مبدأ ولا على إعتبار .. فالانسان الذي يهيم في طرقٌ ملتوية .. مغمضاً عينيه عن الاختلافات السبع تلك .. ما هو إلا كمن يريد ان يخوض البحار .. بخارطة تدلُ على الانهار .. فنفسه لها مفاهيمٌ .. وقراره لهُ متطلبات وكلاهما مختلف .. و من يجبر هذا بذاك .. هو كمن يصاهر بين غزالٍ وسعدان !
وان تنجح بموافقة الاثنين .. او تحديد الاختلاف .. لا بد من أمرين .. الاول أن تعي نفسك جيداً .. والثاني أن تعي خيارك جيداً أيضاً .. فلكي تُقارن بين شيئين .. وان تميز بينهما وبين إختلافاتهما .. يجب ان تُعرف المقارن والمُقارن به وأن تدرك تماماً معُطيات الامرين .. فمن عرف نفسه .. عرف ربه .. وعرف رسالته .. وعرف قدره .. وبالتالي أيقن خياره .. ولكي تعرف نفسك .. عليك بمحادثتها .. فتسألها من أنت .. " هل انت إنفعالية ؟ " .. " هل أنت فوضوية ؟ " .. " هل أنت ملتزمة ؟ " وكم صعبةٌ تلك الاسئلة .. وكم تكون مُفاجئة عادة الأجوبة . ومن ثم تسأل خيارك الاسئلة ذاتها .. والاكثر وجوباً من ذاك .. هو أن تحدد نفسك .. فتكتب بينك وبين نفسك من هي ؟ .. فتُحدد قائمة بصفاتك واهتماماتك ورغباتك وسماتك تكون عنواناً لك .. فحين تصادف قرارك أو إختيارك تخرج تلك القائمة وتبدأ بلعب اللعبة .. سبع إختلافات تزيح القرار بعيداً وأقلٌ تجعله أكيداً ! .. ولكن لمَ ؟ ! أليس من الجميل التعرف على المختلف والغريب .. أليس من المنطقي إكتشاف المزيد بخوض الجديد ! نعم .. هو كذلك .. ربما في الاطعمة والاشربة و ملابس العيد .. ولكن ان تطبق هذا على قرار او خيار مستدام مديد .. هو كمن يحكم على نفسه بآسى طويل شديد .. ولنأخذ الزواج على هذا كمثالٍ وحيد .. لنقل أنه هب لك فتاة جميلة ذات حسن وجمال كبير .. ورأيت انها تلائم ما تحلم به من صورة رسمتها منذ زمن بعيد ووجد متشابهات سبع فحسب بينها وبين ما تريد .. فتجاهلت قائمتك ولعبة الاختلافات وقلت في نفسك هذه هي وغيرها لن أريد ... وهي لان " حرفاً من إسمك " يتشارك مع " حرفٍ من إسمها " سعدت وأعلنتك زوجها المجيد ..
فمرت الايام .. وكلاكما سعيد .. وبعد إسبوع أو شهر أو بضع حين .. علم الزوج ان الجميلة تلك ليست سوى بلهاء لا تتقن سوى وضع مساحيق التجميل .. وعلمت الليدي تلك .. ان تشابه الاحرف بين أسمائهما لم يأتي بالحلم الكبير .. وأخذ كلاهما يطرح على نفسه سؤالاً .. " هل انا فعلا اخترت الشخص المناسب للاستمرار معه في حياتي ؟ " وما إن يُطرح هذا السؤال حتى يهل قلم الرصاص .. بحثاً عن الفوراق والاختلافات .. وما هي الا شهر أو بضعه حتى يرى الاثنين .. انهما مع الشخص الاكثر بُعداً عن نفسهما .. وان الاختلافات التي تملاً حياتهما .. طغت على تلك " المتشابهات " التي أطرت بداية علاقتهما ..
فالمزاوجة بين قراراختيارشريك حياة تعتمد في الاساس على كم المُتشابهات على المدى البعيد .. لان ذلك الافتتان - ان صح التعبير - الذي يجعل المُتشابهات القليلة في البداية هائلة قوية .. يختفي بعد حين .. فيرى الموظف غالباً نفسه في مكتب جميل حقاً كالذي كان في مخيلته تماماً .. ولكنه يقوم بعمل مُملٍ جداً غير متلائم مع شخصيته لأنه أهمل البحث عن الاختلافات بين عمله مع قائمته واعتمد على متاشبهٍ واحد فحسب
.. وترى الفتاة أحياناً نفسها في تخصص جامعي ملائم جداً لصورة رسمتها في مخيلتها من حيث " البرستيج الإجتماعي " فتعد ذلك مُتشابهاً فتؤسس عليه.. ولكن غالباً تكون بعيدةٌ جداً – تلك الصورة - عن مكنونات أفكارها لأنها لم تُعرف تحدد نفسها .. فتشعر بالبعد .. .. الغربة .. و الاختلاف لأنها لم تراعي قائمتها .. وكهذا كثير .. لذا أنصحك بكتابة قائمتك اليوم .. قيمها ونقحها في كل حين .. وأنظر جيداً ..هل ما كُتب فيها هو أمرٌ محوري لطريق طويل !. ام انه ملائم فحسب لبعض حين ! .. وما أن تصادف قراراًإختياراً .. اخرج من جيبك قائمتك تلك بلا تردد .. قارن بعين ثاقبة .. اسبر خيارك .. ابحث عن اختلافاتك .. فأن تجاوزت السبع أعرض عنه .. وان لم .. أقبل عليه . وتذكر أن تبحث عن الاختلافات السبع .. لا المُتشابهات السبع وإن رأيت بعضاً منها – المُتشابهات - فحسب .. قاوم الإغراء وتذكر دوماً ان ما ذلك سوى إفتتان وهو ان بنيت عليه لن يصيبك سوى الخذلان لأنه رخوٌ جداً سيكون حتماً ذلك البنيان ..
ورغم ان شرطاً لا يُكتب عادة بوجوب انهاء اللعبة بسرعة الا أن الانسان سرعان ما يشعر بالهزيمة ان أخذَ وقتاً طويلا في ايجاد الاختلافات تلك .. فلا تستهلك كل الوقت في البحث عن الاختلافات .. وإن حدث فهذا يعني ... إما أنك لا تعي من أنت أو أنك لا تعي ما خيارك .. فغيرُ المُعرف لا يُعرف أو يعني بكل بساطة إن كنا نتحدث عن لعبة جريدة الصباح .. انك بحاجة الى فحص نظر .. او فحص بصيرة ان كنا نتحدث عن لعبة الحياة !
• ملاحظة : لكل المتزوجين .. أرجو أن تقاوموا إغراء تطبيق هذه اللعبة على أزواجكنزوجاتكم .. فمن لم يلعبها "صح" قبل الزواج ! يُنصح بأن لا يغامر بها بعده ! وقد أعذر من أنذر !