يبعث الله الملائكة بين البشر متخفين بأجسادهم الترابية رحمةً منهُ بعبيده. يقوم هؤلاء الملائكةُ - المختلفة أديانهم الظاهرية وتقاليدهم وأعرافهم بما يتماشى مع المحيط الذي يعيشون به - بإشاعة الطمأنينة وبث روح الإصلاح بين البشر أولاد الله. هي مهمةٌ لهم على سطح الأرض، وعليهم تأديتها بكل أمانةٍ وسعادةٍ وإخلاص.
أعطاهم الله قدرة التأثيرِ في غيرهم من البشر من حيث دفعهم نحو الأفضل ومساعدتهم للوصول إلى أهدافهم. وقد يتباين أسلوبهم في التعاطي مع البشر، ولكن الهدف الأسمى والمتمثل بإصلاح البشر يجمعهم.
هل يمكن للملاك أن يتغير بتغير الظروف المحيطة به ويتنازل عن المهمة المكلف بها؟ لا أعتقد ذلك، ولكن يجب أن لا ننسى أن للملائكة أيضاً مشاعر، تماماً كالبشر. فعلى سبيل المثال تذكروا سابقة إبليس الذي شعر بالغيرة من أبونا آدم وبالتالي تمرد على أوامر الله.
يذكر الناس الملاك بعد رحيله الجسماني عن سطح الأرض، وذلك لأفعاله الحميدة ووقوفه مع البشر في كربهم وفك ضوائقهم . يذكر الناس الملاك كرحمة من طرف رب العالمين. يذكر الناس الملاك ويجدون فيه مثلاً أعلى يطلبون من أولادهم الإقتداء به. يذكر الناس الملاك ويقولون لو خليت لخربت.
ها هو ملاكنا الطيب يعود بعد إنجاز مهمته الأرضية - وفناء جسده الترابي - إلى ملكوت خالقه، يسبَحُ في أنواره الربانية، ويُسَّبح بحمده ويقدّس جلاله وعظمته إلى أبد الآبدين.
ولكن، خلال تلك المهمة، لقد مرّ هذا الملاك بأوقات عصيبة، أوقات تمنى فيها أن يخلع عنه هذه الروح المقدسة كي يصبح بشراً طبيعياً كالذين يخالطهم كل يوم. تمنى أن يتمرد على الخالق ليشعر بحلاوة التوبة، تمنى أن يعصي الله ليدرك سمو الطاعة، تمنى أن يؤذي غيره من البشر ليشعر بلذة الصفح عنه. ولشد ما تمنى...