الشبكة العنكبوتية تلك الشبكة العجيبة التي استطاعت ان تجوب العالم مقربة كل بعيد مختزلة المسافات ناقلة الملفات بسرعة رهيبة انها ثورة التكنولوجية و المعلومات و اما أخر صيحاتها في تحريك الثورات في العالم العربي عبر احد اشهر مواقعها الفيس بوك...
بعيدا عن تونس و مصر و ليبيا و اليمن و غيرها من الدول العربية التي تتفاوت فيها شدة الاحتجاجات و تتراوح ما بين سلمية و مسلحة نجد ان ما يسمى الحراك الثوري حسب مفهوم معارضين ابتدأ في سوريا عبر مناشدات و صفحات على الفيس بوك, لكن اللافت في الموضوع هو ان مؤسسي هذه الصفحات متخفين تحت اسماء وهمية و معظمهم ليسوا سوريين او حتى لا يعرفون سوريا, لا يمكنني لومهم و لا أفضل الدفاع عنهم لكن لي بضع ملاحظات أرى انه من المهم التوقف عندها:
اولا: احد مؤسسي الصفحات كتب تعليقا - اقتباس ( ان اتهام الثورة و الشباب السوري بالخيانة و العمالة لاسرائيل, دليل واضح على عمالة و خيانة النظام) انتهى الاقتباس الاول. و في نفس الصفحة كتب نفس الشخص:( ان من يدافع عن النظام هو اما مستفيد او خائن او عميل ) – انتهى الاقتباس الثاني, اي متابع حيادي سوف يستغرب لأنه بالاعتماد على مبدأ من يسمون انفسهم بالثوار فأنهم عملاء, حيث اكد نفس القائد الثوري ان من يكيل هذه التهمة هو الخائن و كان هو نفسه قد اتهم بها من لا يؤيدونه.
و اترك للقارئ تتمة التفسير المنطقي.
ثانيا: احد اهم الشعارات التي يتخفى خلفها مطالبو الثورة و التغير هي: الحرية و الديمقراطية و حرية التعبير, و هو مطلب حق و انا من اشد مؤيديه و لكن استغرب عندما يلتزم اي شخص اخر بمبدأ مؤسسي هذه الصفحات في حرية التعبير و يعبر عن رفضه لهم او لثورتهم و يعلن دعمه لنظام الحكم الذي هو على قناعة بأنه يقوم بخطوات هامة تصب في مصلحة الوطن و المواطن تبدأ ضده الحملات و الشتائم و ابشع الأوصاف من عميل و خائن و غيرها مما يعجز القلم عن كتابتها... لا اعتقد ان بمقدور اي شخص ان يلتزم مع هؤلاء المطالبين بثورة من اجل حرية هم بدؤوا بمصادرتها حتى قبل ان تكتمل عناصر ثورتهم فما بالك لو استلموا القيادة عندها سوف يصادرون حتى حرية التفكير بحجة التكفير و حرية الوطن و صيانة الثورة.
ثالثا: لا يوجد اروع من الحرية و لا اجمل من الديمقراطية و لكن لا يمكنني الاعتماد على هذه الابواق الخارجية في محاولاتها اقناعي بأنهم قادرون على تحقيق حرية و ديمقراطية افضل مما هي موجودة حاليا طالما ابتدؤوا بقمع هذه الحريات حتى قبل ثورتهم و لا استطيع ان اقبل بنظام حكم هؤلاء المندسون الغير قادرين على تقبل الطرف الأخر فأما مع ثورتهم التي يسمونها ثورة حق و اما معارض بلا كرامة و لا اعتبار و خائن و غيرها من الاوصاف...
هذه رسالتي لكل مدعي و استغلالي يرغب في استغلال روح الشعب السوري الابية: لست معكم لست مقتنعا بمبادئكم بل مُصرّ على انكم الاسوأ و متمسك بأن فاقد الشيء لا يعطيه و انتم فاقدو الديمقراطية و حرية التعبير عندما رفضتم الطرف الاخر من الشعب السوري الرافض لحراككم السياسي و عندما اتهمتم اي وجهة نظر تخالفكم بالخيانة و العمالة للنظام.
لا يمكنني ان ادعم اي من مطالبكم خوفا على اولادي و احفادي من بعدهم من ظلم دكتاتوريتكم التي تعتمد مبدأ اما معي او ارحل و خائن و غيرها من التسميات التي هي فقط في متناول ايديكم اليوم و اما اذا لا قدر الله تسلمتم سلطة فعندها انا متأكد ستنتقلون الى مرحلة ابادة اي شخص يفكر في حريته و يتعارض مع دكتاتوريتكم المخبأة خلف مطالب بديمقراطية و حرية لم تستطيعوا ان تصونوها حتى مع اول ايام ندائكم لثورة هدفها تدمير الوطن و المواطن و تحقيقا لمكاسبكم الشخصية المنطلقة من اهداف لا تخفى على احد اهمها سرقة خيرات الوطن.
و لو ان نظام الحكم تخلى عن حلمه يوما ببناء سوريا الحرة القوية بناء سوريا الكرامة لكان اسهل الطرق هو دعوتكم و منحكم تسهيلات مالية تؤمن لكم متطلباتكم من نهب خيرات الوطن و لكنتم انتم في مقدمة من يطالبون بالحفاظ على النظام, و اما النظام قد رفض بيع الوطن و المواطن و تقبل التجريح و الاهانة سبيلا لحماية الوطن و المواطن فتأكد ان الشعب السوري بغالبيته رفض و يرفض و سيرفض حركاتكم المكشوفة و نداءاتكم المفضوحة و الدليل فشلكم على مر السنين و الذي اعتقد سيستمر لان الشعب السوري شعب مثقف مدرك لحقيقتكم.