نود أن نتوجه إلى جميع فئات الوطن وجميع المسؤولين وأصحاب القرار وخاصة السيد وزير الصحة المحترم
لنوضح لهم الغبن والظلم الذي يتعرض له مقيمو الاختصاصات الطبية في وزارة الصحة السورية ولذلك سنشرح بالتفصيل وبلغة واضحة وسهلة أصل المشكلة ووصفها ومقترحات لحلها.
في البداية يجب التوضيح إلى أن الاختصاصات الطبية في سوريا تتم وفق طريقتين أساسيتين هما وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة بالإضافة إلى بعض الطرق الأخرى الثانوية والفرعية مثل الاختصاص في وزارة الدفاع والشرطة وغيرها . الأعداد الموجودة فيها تكون قليلة ولذلك ولتوضيح الأمور سنتكلم عن وزارتي التعليم العالي والصحة فقط.
أي أن الطبيب, وبعد أن يتخرج من كلية الطب كطبيب عام ينتقل إلى مجال التخصص (كالأمراض القلبية والجراحة العامة والجلدية والمخبر الخ من عدد كبير جداً من الاختصاصات) وهنا يقوم الطبيب بالتقدم إلى مفاضلة وزارة التعليم العالي أو مفاضلة وزارة الصحة ويجب هنا تبيان الفرق بين الوزارتين وطبيعة الاختصاص بينهما: وزارة التعليم العالي: عندما يقبل الطبيب في مفاضلة وزارة التعليم العالي فهو يصبح "طالب دراسات عليا" بهدف الحصول على "شهادة الماجستير" في إحدى الاختصاصات إي أنه مثل أي طالب دراسات عليا في أي كلية من كليات سوريا, ويكون طالب الدراسات العليا تابعاً لكلية الطب البشري والمشافي المرتبطة بها (مشفى المواساة, مشفى الأسد الجامعي, مشفى الأطفال, مشفى التوليد ومشفى الأمراض الجلدية الخ..) .
حيث يقوم بالتدرب والدراسة طوال فترة أربع سنين على أساس أنه طالب ويوجد مقررات دراسية ومواد ويتقدم الطالب في نهاية كل سنة دراسية إلى دورة امتحانيه. وفي نهاية السنة الرابعة (بشكل عام مدة الدراسات العليا 4 سنين) وبعد النجاح في الفحص الإجمالي يحصل الطالب على شهادة الماجستير ويصبح أخصائياً في مجاله وهذه العملية ممنهجة ومنظمة تتبع الأسلوب الأكاديمي من حيث إعطاء المحاضرات وتقسيم المواد والامتحانات العملية والنظرية. ويذكر أن المعدلات المطلوبة للدخول في الدراسات العليا تكون عادة أعلى من مثيلاتها في وزارة الصحة للأسباب المذكورة أعلاه.
وزارة الصحة: أما القسم الثاني من الأطباء فيتقدمون إلى مفاضلة وزارة الصحة وعند قبولهم يصبحون "مقيمين" في اختصاصاتهم. أي أنهم ليسوا طلاباً كحال أقرانهم في وزارة التعليم العالي, بل أطباء مقيمين بهدف الحصول على "شهادة اختصاص" في الاختصاصات المتنوعة والشهادة التي يحصلون عليها اسمها "شهادة اختصاص" أي أنها ليست ماجستير أو دكتوراه أو أي شهادة أكاديمية بل "شهادة اختصاص" وهذه الشهادة مميزة لوزارة الصحة السورية وليس لها أي معادل في أي دولة أخرى ولا يعترف بهذه الشهادة في أي مكان بل يعترف بها "كشهادة خبرة" في الاختصاص المذكور. فنظام الإقامة في وزارة الصحة هو نظام خدمي وليس تعليمي, أي أن الهدف من وجوده هو تأمين الخدمات الطبية للمواطنين الذين يرتادون مشافي وزارة الصحة (مثل مشفى المجتهد ومشفى ابن النفيس ومشفى الزهراوي ومشفى الهلال الأحمر والمراكز الطبية والتخصصية المنتشرة على كامل أرجاء الجمهورية).
وبالفعل فإن المقيمين وحدهم هم الذين يتحملون مسؤولية استمرار العمل والخدمات وفق ساعات عمل مضنية ومجهدة لا مثيل لها في كل الدول المحيطة وبراتب شهري لا يتعدى المقطوع منه حاجز الـ 10 آلاف ليرة سورية. وعلى سبيل المثال لا الحصر, فإن مقيم الداخلية في السنة الأولى وفي بعض المشافي يعمل بنظام 36-12 طوال السنة أي أنه يعمل لمدة 36 ساعة متواصلة ويعود لبيته لمدة 12 ساعة.
وقانونياً فإن المقيم ليس طالباً ولا يوجد شيء اسمه محاضرات علمية بل قد يوجد ما يسمى "باليوم العلمي" حيث تعطى بعض المحاضرات النظرية والعلمية في آخر ما توصل إليه الطب. ويتقدم المقيمون لامتحانين فقط خلال فترة الإقامة (امتحان الجزء الأول في نهاية السنة الأولى وامتحان الجزء الثاني – المسمى بالكوليكيوم في نهاية السنة الرابعة من الاختصاص) وينبغي على المقيم النجاح في هذا الامتحان للحصول على "شهادة الاختصاص" والتي كما أشرنا سابقاً هي شهادة خبرة لا أكثر ولا أقل. ومنطقياً فإن هذا امتحان الكوليكيوم ينبغي أن يحيط بمهارات المقيم العملية وما يتعلق بذلك من معلومات نظرية, فالمقيم كان يعمل خلال فترة إقامته ويقدم الخدمات الطبية للمواطنين ولم يكن يعطى محاضرات نظرية أو مواد دراسية ولذا ينبغي لواضعي الامتحان أن يعتمدوا مرجعاً نظرياً بسيطاً يغطي الأوجه العملية ما تعلق بها من معلومات نظرية. ولقد كان هذا الحال على مدى سنين طويلة وعديدة.
ولكن بدأت تغييرات غير منطقية تحدث في مجال امتحانات الكوليكيوم حيث أصبح المقيمون في العديد من الاختصاصات مطالبون بمراجع نظرية ضخمة وهائلة وباللغة الانكليزية لا يطالب بها إلا طلاب أرقى الجامعات الأميركية والأوروبية بهدف الحصول على شهادات عليا مثل الدكتوراه والماجستير. وبطبيعة الحال, فإن المقيم الذي يقضي سني إقامته يعمل من دون وجود أي محاضرات حقيقية لن يملك الوقت أو الخزينة العلمية ليدرس كتباً بآلاف الصفحات كي يمتحن بها من قبل أشخاص لا يعرفهم ولا يعرفوه بل هم أطباء عاديون تم تعيينهم في اللجان الامتحانية من قبل وزارة الصحة يعملون في عياداتهم ويظهرون يوم الامتحان بأسئلة أقل ما يمكن وصفها بالمريخية وهذا بالطبع يؤدي إلى نسب نجاح مخزية فعلى سبيل المثال وفي دورة نيسان 2010 كانت نسبة النجاح في الجراحة التجميلية صفر بالمئة وفي دورة تشرين الأول 2010 كانت نسب النجاح في الجراحة العظمية والجلدية ما بين ال 10-20%. إن منطق الجدل في هذا الموضوع هو طبيعة الشهادة التي يحصل عليها المقيم في وزارة الصحة.
فإن كانت اللجان الامتحانية تريد الطالب العربي السوري الذي درس طوال حياته الدراسية باللغة العربية أن يكون على نفس مستوى طلاب الجامعات الأميركية الكبرى, فلماذا لا نعامل بالمثل ونحصل على شهادة مماثلة إن كنا مطالبين بنفس المناهج؟ وأما الحل الآخر فهو الاعتراف بالتواضع بما لدينا وأن نعترف أن شهادة وزارة الصحة للاختصاص هي شهادة خبرة في هذا الاختصاص وأن تعتمد اللجان الامتحانية مناهج محددة وباللغة العربية لامتحان المقيمين. السادة الكرام, كل ما نطلبه هو العدل والمنطقية في التعامل مع الأمور على أرض الواقع فالمقيمين في وزارة الصحة هم الجنود الحقيقيون الذين يحرصون على سير العمل في مشافي ومراكز الوزارة ونتمنى أن تلقى هذه الكلمات آذاناً صاغية لدى صناع القرار. ودمتم للوطن.