news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
عليه طلاقو أنو ما دخله ... بقلم : أبو الطيب الشامي

في زحمة العمل وصخب الحياة يوضع الإنسان في مواقف محرجة قد لا يدري كيف يتصرف إزاءها فإذا بالفصاحة تخونه وسرعة البديهة تتخلى عنه والذهول يسيطر عليه


هذا ما حصل معي وأنا أقف خلف آلة التصوير وإليكم الحكاية من البداية ...

هدأ العمل قليلاً وخلت المكتبة من الزبائن , فأرسلت الموظفين كلاً في اتجاه مغتنماً فرصة انحسار موجة الزائرين .

وفجأة دخل اثنان تبدو عليهما مخايل النعيم وبيدهما بعض الأوراق , وطلبا إلي نسختين من الأوراق التي بادر أحدهما بدفعها إلي في حين وقف الآخر ينظر إلي بشرود

وما إن بدأت العمل مسرعاً على عادتي حتى توالى الزبائن وكعادتي ألمحت لهم أنني منضبط بتسيير أمورهم حسب وصولهم ( يعني بالدور )

ودار حوار بين الرجلين فهمت من خلاله أن أحدهما مهندس أو تاجر بناء

 

وانهمكت في نسخ الأوراق التي كانت نوعاً ما كثيرة , ولم أنتبه لعدد الزبائن الذين كانوا ينتظرون دورهم بكل أدب واحترام

وفجأة دوت كلمة انطلقت بصوت قوي كالرصاص أطلقها هذا الرجل - أي المهندس - الذي كان ضخماً قليلاً تجاه إحدى النساء اللواتي كن في المكتبة ( عليي الطلاق إنو مو أنا )

أصاب الذهول جميع من في المكتبة...

والتفت متفاجئاً تجاه المرأة التي أصابها الذهول و الرعب أكثر من الجميع , وانطلقت خارج المكتبة وهي ترتجف من الرعب متمتمة : استغفر الله استغفر الله

لم استطع لشدة ذهولي مما حصل أن أتدارك الموقف ولا أن أفهم ماذا كانت تريد , والزبائن من حولي كانت نظراتهم معلقة بي مما زاد الموقف حرجاً , وعندما لم أفلح في تدارك الأمر مع المرأة التي غادرت المكتبة لتوها نظرت إلى الرجل ( الذي حلف بالطلاق أنه مو هو )

 

فبادرني بصيغة عنيفة قائلاً : ما بيكسر راس المرأة إلا الطلاق

صار لي ساعة عم فهمها إنو ما دخلني وهي ما عم تفهم وحلفتلها بالله وما صدقت

حتى حلفتلها بالطلاق آم فهمت وصدقت

واستطرد قائلاً : الله يعين زوجها عليها

صمتُ في ذهول مما حصل في محلي الذي كثيراً ما تقصده النساء أكثر من الرجال , في منطقتنا وحتى من خارج منطقتنا لسمعة المحل التي جذبت إليه الزبائن , وخاصة من النساء المحتشمات أمثال أختنا التي أصابها الخجل وهي لا تكاد تصدق أن تسمع كلمة من هذا القبيل في مكتبة محترمة كهذه

 

وخلاصة المشكلة أنها عندما دخلت ظنت أخانا المهندس - الذي بدا محترماً عند دخوله على عكس ما ظهر منه بعد ذلك وخاصة تجاه امرأة تقاربه في السن إن لم تزد عليه -

فطلبت منه كتاباً فأجابها : أنا ما بشتغل هون

فقالت له : فقط أريد كتاباً فأنا مستعجلة

فقال لها : الله وكيلك أنا ما دخلني

فقالت : بس أنا بعرف أنك بتشتغل هون

فبدلاً من أن ينبهني إلى أن أقوم بواجبي تجاهها أطلقة كلمته السابقة .

 

يا عالم إلى متى ونحن نفكر بهذه العقلية المريضة يعني ما علاقة زوجته بما حصل ؟

حتى لو سلمنا جدلاً أن الحق على هذه المرأة فما علاقة زوجته أن يحلف بطلاقها وما علاقة زوجة السائق أن يحلف بطلاقها إذا كان لا يملك فراطة ليعيد الحساب للزبون وما علاقة زوجة بائع الخضرة أن يحلف بطلاقها

أن الليمون غير جاف

وأن الباذنجان غير مر

وأن البازلاء حلوة

 

وأن الفول غير مبحص

وأن البقدونس تم فرمه اليوم وليس أمس

أو الرمان لفان وليس حامضاً

وما علاقة زوجة الكريم المضياف أن يحلف بطلاقها ليثبت كرم ضيافته إذا امتنع الضيف عن تناول الرز بحليب لأنه مسهل

ما علاقة الطلاق في حياتنا لنحلف به , الطلاق لفظة خلقها الله لنستعملها عند استحالة الحياة بيننا وبين زوجاتنا أي عندما ينعدم التفاهم بين الزوجين

ولكننا نستعملها عند انعدام الفهم

 

ولماذا نضع الحق على المرأة (الله يعين زوجها عليها )

والحق (الله يعين زوجة هذا القليل فهم عليه )

فما رأيكم دام فضلكم

2011-04-25
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)