برزت هتافات خلال التظاهرات غير السلمية التي حصلت في الأسابيع الماضية في سوريا, مسيئة الى الإنسانية قبل ان تسيء الى العروبة,ومسيئة الى العروبة قبل ان تكون مسيئة الى الإسلام,ومسيئة الى المسلمين قبل ان تكون مسيئة الى المسيحيين.
إن صدور هتافات كهذه ليس بالأمر العرضي الذي لا يستأهل الوقوف عنده, ليس بسبب مضمونها الذي اساء لكل من لفظها او رددها او حتى سمعها ,بل بسبب الهدف الأساس و الخفي الذي كان وراء إطلاقها.
فمنذ بداية ما سمّي مظاهرات أسقاط النظام في سوريا إلتزمت قوى 14 آذار المسيحية بوجه التحديد, الصمت حيال ما يحصل في سوريا,والسبب لا يعود لرغبة "عدم التدخل في شؤون الجار الأوحد للبنان" بل لان قلقا كبيرا راودهم ألا وهو: ماذا لو سقط النظام السوري الحامي لحقوق الأقليات وما ستكون تبعات إنهيار الدولة السورية على الأقليات عموما والمسيحيين تحديدا في سوريا وفي لبنان؟.
عندها ظهرت هذه الشعارات التي تتوجه الى مسيحيي لبنان المتعصبين قبل ان تتوجه لأي احد آخر,لتقول لهم وبطريقة غير مباشرة ان التغيير الديموغرافي الذي اقلقهم طوال السنوات الماضية بسبب تضاؤل عدد السكان المسيحيين في لبنان وهجرة القسم الأكبر منهم, هذا القلق سيزول فور" إنتصار الثورة "," السورية". وستزيد نسبة السكان المسيحيين بالمقارنة مع باقي سكان لبنان...وإن اي طرح مستقبلي لتوطين الفلسطينيين المسلمين في لبنان سيقابله طرح لتوطين السوريين المسيحيين ايضا وعندها المانع الديموغرافي الذي بنظر هؤلاء البعض هو المانع الأساسي لقبوله بتوطين الفلسطيني المسلم سيزول حتما.
لقد فات مفبركي هذه الشعارات غير البريئة شكلا ومضمون من أن الفلسطيني المسلم والمسيحي لم يتخل عن مبدأ العودة فها هو الفلسطيني الكهل على فراش موته يوصي أبناءه واحفاده, بأن ينقلوا رفاته عند العودة لا الى تراب فلسطين وحسب بل إلى مكان حدده ,بين اشجار الزيتون واشجار الصبّار في حقله ليكون بجوار والديه...
وإن السوري المسيحي والمسلم يشكلان جسما واحدا لا ينقسم أحدهما عن الأخر , وان مسيحيي سوريا ومسلمي سوريا هم سوريون مسيحييون وسوريون مسلمون وليس العكس, وهم جزء اساس من تكوين هذا البلد ,وشريك فاعل في بناء نهضته.
كما فاتهم أيضا إنتصار اللبنانيين في حرب تموّز 2006 وتماسكهم بوجه ما كان يخطط للبنان و لهم من مؤامرات بدأ من إغتيال الشهيد رفيق الحريري وحتى يومنا هذا.
لا يا ايها المفبركون والمخربون لقد فاتكم ايضا ان لبنان قوي بجيشه و بمقاومته وبشعبه, وان اللبنانيين باتوا محصنيين اكثر من في مواجهة شعارات كهذه ,وان حق العودة مقدسّ, وان سوريا الله حاميها. إن هذه الشعارات ستزيد تمسك اللبنانيّ بوحدته , والفلسطيني بحق عودته, والسوريّ بتراب ارض اجداده, وأنكم, ايها المفبركون في الغرف الظلماء ,أعداء للإنسانية, واعداء للعروبة ,واعداء للإسلام وللمسيحية على حدّ سواء,ولن يغفر لكم التاريخ ولن يسامحكم الله.
عذرا يا ايها الأعداء : لن يذهب المسيحي الى بيروت إلا للإحتفال بنصر جديد على الكيان الصهيوني والإنهزام الكبير لمشروعه ,وعندها سنكمل طريقنا للحج معا الى القدس ان شاء الله.