إذا ألقينا نظرة على التاريخ الذي تدعي به حكومات الولايات المتحدة الأمريكية
والذي لا يتردّدون في الإعلان عنه وإدخاله في المناهج المدرسية ويعلّمون التلاميذ كيف كان أجدادهم الأبطال يحاربون الهنود المتوحشين! ويجب أن لا ننسى الدور الذي لعبته الأفلام الهوليودية في ترسيخ تلك الأكاذيب في عقول الشعوب، نكتشف حينها ذلك المستوى من الانحطاط الأخلاقي والتجرّد من الإنسانية الذي يمكن أن يصل إليه الإنسان في عملية تزويره للتاريخ...
يدعي التاريخ الأمريكي بأن الأوروبيين الأوائل قد خاضوا مئات من الحروب ضد الهنود. لكنها في الحقيقة لم تكن سوى مجازر دموية لا أخلاقية ارتكبها القوى الأوروبي المدجج بأسلحة فتاكة ضدّ شعب مضياف مسالم شبه أعزل يكره الحروب. لا زالت كتب التاريخ الأمريكية تزخر بالمئات من الدروس التي تتحدّث عن حروب ضارية بين الأوروبيين والهنود. أوّلها كانت حرب البيكوت عام 1637م، ثم حرب الناراغانست بين عامي 1643م ـ 1645م، ثم الحروب التي اندلعت بين المستعمرين الفرنسيين والمستعمرين الإنكليز، والتي راح ضحيتها المئات من القبائل (مئات الآلاف من الهنود) التي صادف وجودها في وسط مناطق الصراع، ثم حرب الأوتاوا، وحرب النوسكارورا، وحرب الناتشيز، وحرب الألغونكوان، وحرب الأوروكويز، حرب الشيروكي، والشكتاو، و الكريك، والشاوني، معركة تيبتكانو، حرب البلاك هوك، حروب السامينولي، حروب الشوشون والأوتي والأباشي والنافاجو، ثم معارك الأراباهو والشايني والسيوكس، ومعركة ليتل بيغ هورن، وأخر المعارك كانت ضد شعب النيزبيرس في عام1870م، والمعركة الشهيرة التي أخضعت آخر الثورات الهندية بقيادة جورانيمو في العام 1880م، وختمت هذه الحروب بمجزرة ووندد ني في داكوتا الجنوبية عام 1890م.
جميع هذه الحروب اتخذت أسماء القبائل الهندية التي قام الأوروبيون بسحقها بعد التعامل معها بالمكر والخديعة والمفاوضات قبل الانقضاض عليها غدراً ومن ثم ارتكاب أبشع المجازر بحق شعوبها. يوصف التاريخ الأمريكي تلك الحروب بطريقة تجعلنا نعتقد بأن المستعمرين البيض هم شعوب مسالمة جاؤوا بسلام ولم يعتدوا على أحد إلا إذا تم الاعتداء عليهم. فيضطرّون حينها للردّ، لكن بشجاعة لا مثيل لها ونبل أخلاقي منقطع النظير. أما الهنود، فهم مجموعة من القبائل البدائية لا حضارة لها، شعب من الكفار لا دين لهم، متوحّشون يقتلون الأطفال والنساء، لا يأبهون بالقيم الأخلاقية التي طالما نادى بها البيض.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: إذا كان الحال كذلك، كيف نفسّر إبادة عشرات الملايين من الهنود؟ كيف تم دفع شعوب بكاملها ملأت يوماً كافة أرجاء القارة الأمريكية الشمالية، إلى حد الانقراض التام؟! إن جميع تلك الحروب المذكورة لم تكن سوى مجازر هدفها هو إبادة منظّمة للشعوب الهندية على يد الأوروبيين، والوثائق التاريخية تؤكّد ذلك.
المهرطقين يستحقون القتل
يصف لنا الكابتن جون أندرهيل، القائد الإنكليزي الذي شارك في الحرب التي أدّت إلى إبادة شعب البيكوت عام 1637م، إحدى معاركها التي انتصر فيها الإنكليز الأبطال على الهنود الأشرار. و قتل في هذه المجزرة 400 من الرجال والشيوخ والأطفال والنساء. ولم ينجُ منها سوى خمسة هنود. وقد برّر فعلته الشنيعة هذه بأنه دائماً يستلهم أفعاله من الكتاب المقدّس الذي ورد فيه ما يحلّل قتل الكفار وأطفالهم ونسائهم وشيوخهم وكل ما يخصّهم.. يقول البطل أندرهيل:
.. بينما كنا نقترب من مخيّمهم، راح الجنود ينبشون قبورهم ويمثّلون بمحتوياتها... وقاموا بإحراق محاصيلهم.... وراحوا يطلقون النار على الحيوانات الأليفة التي جاءت في طريقهم.. وكل من جاء لمفاوضتنا من قبلهم كان يتعرّض لنيران الجنود... قمنا بإشعال الحريق حول مخيّمهم المحصّن.... وانتظرنا لفترة من الوقت حتى تمكنت النيران من التسرّب إلى داخل المخيّم.... ورحنا نسمع صراخ الأطفال والنساء من بين الذين راحت تأكلهم النيران... مما أنذرنا بأن الوقت قد حان لخروج رجالهم تجاهنا لمواجهة الموت المحتّم... فراحوا يهجمون علينا من داخل النيران بشجاعة يستحقون الاعتراف بها حتى من أعدائهم... وراح رجالنا يستقبلونهم مجموعات مجموعات، ثلاثين وعشرين من الهنود بالوقت نفسه.... لكنهم لم يجدوا في انتظارهم سوى سيوفنا ونيران البنادق... وليس هناك فرصة للهروب.....
أما مشهد جثث الأطفال والنساء المترامية هنا وهناك، فقد جعلت الكثير من الجنود يستسلمون للبكاء، خاصة هؤلاء الصغار في السنّ الذين لم يخوضوا الحروب من قبل... لكن الذي حصل هو الصواب.. وفي هذه المناسبات القتالية أستلهم دائماً كلمة الله الواردة في الكتاب المقدّس... فأتذكّر حروب الملك داوود على الكفار، وكيف كان يسحق الأعداء الذين يستحقون البطش دون رحمة.. دواؤهم هو السيف و ليس السلام... إنهم يستحقون أبشع ميتة يمكن أن يموتها الإنسان الكافر... وقد ورد في الكتاب ما يشير بوضوح إلى أنه يجب على النساء والأطفال وذويهم الكفار أن يهلكوا و يفنوا تماما على يد المؤمنين... يجب أن لا نتجادل حول ما نفعله أو نرتكبه في الحروب.. إننا بكل بساطة نقوم بتنفيذ كلمة الله الذي طالما ساندنا في خطواتنا وإنجازاتنا المختلفة..!
متوحّشون ميّالون للسلام
مثالٌ آخر على الحروب المذكورة في التاريخ الأمريكي المجيد نذكر تلك التي شنّتها الحكومة الأمريكية على شعب النيزبيرس الذي كانت قبائله تقطن في ما يعرف بأوراغون حالياً. فرضت الحكومة على هذه القبائل بأن تنزح عن أراضيها الخصبة إلى محميات خاصة للهنود أقامتها الحكومة في أراضي صحراوية غير صالحة حتى لعيش الأفاعي. لكن هذا الطلب رفض من قبل الشعب الذي كان يتزعّمه أحد أعظم الشخصيات الهندية هو أنموتوياهلات الملقب بشيف جوزيف. كان هذا الرجل الحكيم راجح العقل، واسع الأفق وميّال للسلام أكثر منه للحرب. لكن الضغوط الكبيرة التي أنزلتها الحكومة على شعبه المسكين جعلته يفضّل النزوح شمالاً تجاه الأراضي الكندية بدلاً من الانتقال إلى محمية وضيعة في الصحراء. لكن ما أن وصل قرب الحدود الكندية (مونتانا حالياً) حتى انقضّت على قوافله المهاجرة جحافل من الجيوش الأمريكية بقيادة الجنرال البطل أوليفر هاوارد! ففرض عليهم القتال! و دامت المعارك الشرسة أياماً عديدة إلى أن انتهت باستسلام الزعيم الهندي العجوز حفاظاً على سلامة من تبقّى من شعبه الذي تعرّض لعملية إبادة وحشية شاملة. يقول في كلمته الشهيرة التي أعلن فيها عن استسلامه:
لقد تعبت من القتال... جميع زعماء شعبي قد ماتوا... جميع الشيوخ الحكماء قد ماتوا.. والذي يقود المحاربين الشباب قد مات.. إن الجو بارد جداً، وليس لدينا ما نكتسيه كي نتقي البرد القارص... الأطفال الصغار يتساقطون من البرد ويموتون.. أما الذين بقوا على قيد الحياة، فقد هربوا إلى التلال المجاورة ليختبئوا بين الأحراش، ليس لديهم طعام ولا كساء.. لا أحد يعلم أين هم الآن... ربما ماتوا من البرد.. أريد أن تمنحوني وقت حتى أبحث عن أطفالي.. ربما أجدهم بين الأموات.. اسمعوني يا أسيادي. أنا تعبت. إن قلبي حزين ومريض. ومنذ هذه اللحظة، من حيث موقع الشمس الآن، سوف لن أقاتل أبداً..
المتوحّشون لا يقتلون الأطفال أبداً
في العام 1890م ختمت الحكومة الأمريكية حروبها ضد الهنود بمجزرة (ووندد ني) التي ارتكبتها في داكوتا الجنوبية. وروى أحد الهنود الناجين من تلك المجزرة عن بعض من تفاصيلها للسيد "جيمس مكريغور"، المشرف على أحوال و شؤون الهنود الحمر. فقال:
... ها أنت تشاهد حالتي.. أنا مريض وجرحي بالغ الخطورة... فالجنود كادوا أن يقتلوني.. أنا لم أؤذي أي أبيض في حياتي.. كانت هذه المجزرة خطأ كبير تجاه شعبي وزعيم قبيلتي. لم ينوي زعيمنا مقاتلة الجنود. كان يضع دائماً علم أبيض أمام المخيّم تعبيراً عن ميله للسلام والتفاوض.. لقد غدر بنا الجنود... قاموا بتجريدنا من السلاح بعد أن خدعوا زعيمنا.. راحوا يتوغلون بين الأهالي يفتشون النساء والأطفال بحثاً عن السلاح أو أي آلة حادة تستخدم كسلاح.. وبعد أن كدّسوا الأسلحة بعيداً عن تناول الهنود، أصدر قائدهم أمراً بإطلاق النار علينا وعلى نسائنا وأطفالنا!.. راحوا يلاحقونا و يصيدونا كما يصيدون البوفالو!.. كيف يمكن لهؤلاء الجنود أن يقتلوا الأطفال؟.. لا بدّ من أنهم سييؤن.. فالهنود لا يستطيعون قتل الأطفال البيض. لا يمكنهم فعل ذلك أبداً....
نصح الكفّار وإرشادهم
في أوائل القرن التاسع عشر حضر مبشّر مسيحي إلى بوفالو كريك، نيويورك، قادماً من بوسطن وجمع زعماء قبائل "السينيكا" الذين سكنوا تلك المنطقة في حينها، ليقول لهم أنه ينوي تحويلهم إلى الديانة المسيحية... وأنه سيعلّمهم كيف يعبدون الروح العظيم، ولا ينوي تجريدهم من أرضهم أو مالهم أو ممتلكاتهم. ولا يوجد سوى ديانة واحدة أصيلة في هذا العالم، وإن من لا يعتنقها سوف يتجرّد من السعادة وسيعيش في الظلمة والخطيئة طوال عمره، وغيرها من كلمات تبشيرية ساحرة.. وبعد انتهاء هذا المبشّر من خطابه الطويل، طلب من الزعماء الهنود الحاضرين في الاجتماع أن يعطوه جواب على اقتراحه. واتفق الزعماء على أن يتحدّث باسمهم الزعيم الهندي المخضرم "ساغويواثا" الملقّب بـ"ريد جاكيت". وقد قام الكاتب الأمريكي "سامويل غودريش" بتوثيق هذا الخطاب ونشره فيما بعد ضمن كتاب يحمل عنوان: " شخصيات هندية شهيرة ". وقد وصف الكاتب هذا الزعيم الهندي النبيل بدقة كبيرة منذ أن وقف ببطء منتصب القامة ملقياً وشاحه التقليدي على ذراعه كالسيناتور الروماني، وكيف ألقى خطابه الشهير بفصاحة لا تخلو من النبل وعزة النفس، وهذا ذكّر البيض الذين حضروا الاجتماع بما فقدوه من الشيم الأخلاقية الأصيلة التي طالما تميّز بها الهنود الحمر، إلى أن انتهى من كلامه و مضى في سبيله. قال الزعيم الهندي رداً على كلام المبشّر:
... صديقي و أخي. إنها إرادة الروح العظيم بأن نجتمع هنا اليوم.. إنه الآمر الناهي بكل شيء.. وقد أعطانا يوماً جميلاً لاجتماعنا.. أزال حجابه عن عين الشمس فسطعت من فوقنا وفتحت عيوننا فأصبحنا نرى بوضوح.. وعملت آذاننا دون توقّف.. مما جعلنا نسمع بانتباه كل كلمة قلتها لنا.. كل هذا هو من فضل الروح العظيم وله الشكر والحمد..
أخي.. لقد أقيم هذا الاجتماع من أجلك.. وقد حضرنا في هذا الوقت بناءاً على طلبك.. وقد استمعنا بانتباه لما قلته.. وطلبت منا أن نعبّر عن أفكارنا بحريّة.. هذا يجلب السرور لقلوبنا.. فإنه يشجعنا على الوقوف أمامك باستقامة والتعبير عن ما يجول في نفوسنا من أفكار.. الجميع هنا استمع إلى ما قلته، والجميع قرّر واتفق على إعطائك الجواب عن طريق وسيط واحد..
أخي.. قلت أنك تريد جواباً على ما اقترحته قبل مغادرة هذا المكان.. إنه من حقك الحصول على جواب.. فأنت بعيد جداً عن منزلك ونحن لا نريد أن نؤخّرك.. لكن يجب علينا أولاً العودة قليلاً إلى الماضي.. وسأروي لك ما رواه لنا آبائنا وأجدادنا، بالإضافة إلى ما سمعناه من الرجل الأبيض..
أخي.. اسمع جيداً ما سأقوله.. كان هناك وقت ملك فيه أجدادنا هذه الأرض.. وامتدّت مقاعدهم من شروق الشمس إلى غروبها.. فالروح العظيم جعل هذه الأرض للهنود.. وخلق البوفالو والغزلان والحيوانات الأخرى لطعامنا.. وخلق الدب والقندس لنجعل من جلدها كساءً.. وقام بنشرها في جميع أصقاع البلاد، وعلّمنا كيف نصطادها.. وسخّر الأرض لتنتج الذرة فصنعنا الخبز.. كل هذه الخيرات، خلقها من أجل أولاده الهنود لأنه يحبّهم.. وإذا حصلت خلافات بين الهنود حول أراضي الصيد، كانت تسوّى مباشرة، دون سفك الدماء.. لكن مرّ يوماً ملعوناً على الهنود.. عندما قطع أجدادك المياه العظيمة (المحيط).. ووصلوا إلى شواطئنا.. كان عددهم قليل، لكنهم وجدوا أصدقاء، وليس أعداء.. قالوا لنا أنهم هربوا من بلادهم خوفاً من رجال أشرار.. و جاؤوا إلى هنا كي يتمتعوا بممارسة ديانتهم بحرية.. وطلبوا منا مقعد صغير من الأرض.. فأشفقنا عليهم، و قمنا بتلبية طلبهم.. وعاشوا بيننا بسلام.. وقدمنا لهم اللحوم والحبوب.. لكنهم أعطونا مقابلها السمّ!. لقد اكتشف الرجل الأبيض بلادنا.. فأرسلوا أنباء إلى بلادهم.. وجاء المزيد من البيض.. لكننا لم نهتم لهذه المسألة وأخذناهم كأصدقاء.. وقالوا لنا أنهم يعتبروننا أخوة.. وقد صدّقناهم وأعطيناهم المزيد من الأرض.. لكن أعدادهم ازدادت كثيراً.. وطلبوا المزيد من الأرض.. وقد أرادوا بلادنا كلها!. لكن عيوننا تفتحت، وأصبحنا مضطربي البال.. ووقعت حروب كثيرة.. فأبيد الكثير من الهنود..
أخي.. كانت مقاعدنا في يوم من الأيام كبيرة، ومقاعدكم كانت صغيرة.. لكنكم أصبحتم الآن شعب عظيم العدد والقدرة.. أما نحن، فمن الصعب علينا إيجاد مقعداً نمدّ فيه بساطنا.. لقد أخذتم بلادنا.. لكنكم غير مكتفين بذلك.. وتريدون الآن فرض ديانتكم علينا..
أخي.. تابع في الاستماع.. تقول أنك ستعلّمنا كيف نعبد الروح العظيم وفق الطريقة التي يريدها هو.. وإذا لم نعبده وفق المذهب الذي تسلكونه سوف لن نكون سعداء إلى الأبد.. تقول أنك على صواب و نحن تائهون في عالم الخطيئة.... من الذي يضمن صحّة هذا الكلام؟... وقد فهمنا أن ديانتكم مكتوبة في كتاب.. فإذا قُدر لهذه الديانة أن تنتشر بيننا، لماذا لم نستلهمها مباشرة من الروح العظيم؟.. لماذا لم يعطها لأجدادنا وأسلافنا الأوائل حتى نتفهّمها جيداً ونستوعبها بطريقة صحيحة؟.. إن كلّ ما نعرفه عن هذه الديانة هو ما تقوله لنا.. كيف لنا أن نصدّق كلامك في الوقت الذي نتعرّض فيه دائماً للمكر والخديعة على يد الرجل الأبيض؟..
أخي.. تقول إنه هناك طريقة وحيدة لعبادة الروح العظيم وخدمته.. إذا كان هناك حقاً ديانة واحدة، لماذا أنتم البيض تتجادلون دائماً حولها وتختلفون؟ لماذا لا تتفقون على سلوك واحد طالما أن التعليمات مكتوبة في هذا الكتاب؟..
أخي.. نحن لا نفهم هذه الأشياء.. قيل لنا أنكم توارثتم هذا الدين من أجدادكم وانحدر من الأب إلى الابن إلى أن وصل إليكم.. لكن نحن أيضاً لدينا دين.. وقد توارثناه من أجدادنا.. هذه هي طريقتنا في العبادة.. إنه يعلّمنا كيف نحمد الخالق على ما نجنيه من خيرات.. ويعلّمنا كيف نحب بعضنا البعض.. وكيف نتّحد.. نحن لا نتجادل ولا نختلف حول ديننا..
أخي.. إن الروح العظيم قد خلقنا جميعاً.. لكنه جعل أولاده البيض والهنود يختلفون في أشياء كثيرة.. فقد أعطانا لون بشرة مختلف.. وعادات مختلفة.. وأعطاكم الفنون.. خاصة تلك التي تتعلّق بالحروب.. فهو لم يفتح أعيننا لهذه الأشياء.. وبما أنه جعلنا نختلف بأمور كثيرة، لماذا لا نتفق على أنه أعطانا ديانة مختلفة لكنها مناسبة لطريقة عيشنا وفهمنا للحياة ؟ إن الروح العظيم لا يخطئ أبداً.. وهو يعرف ما يناسب أولاده.. ونحن مكتفون بما أعطانا..
أخي.. نحن لم نشأ تدمير ديانتكم.. أو نجرّدكم منها.. إننا فقط نريد أن نمارس ديانتنا..
أخي.. قلت أنك لم تأتِ إلى هنا لتأخذ أرضنا أو مالنا.. بل أتيت لترشدنا إلى طريق الصواب.. لكن أحب أن أقول لك بأنني قد حضرت إحدى اجتماعاتكم العبادية.. ورأيت الراهب حين كان يدور على المصلّين و يجمع منهم المال.. أنا لا أعرف إلى أين يذهب هذا المال أو لماذا تجمعوه.. لكن دعونا نفترض أنه يذهب إلى الكاهن الأعلى.. وإذا بنينا هذا على طريقة تفكيرك، نستنتج بأنك تريد بعض من مالنا..
أخي.. قيل لنا أنك تقوم بالتبشير بين البيض الذين يسكنون في الجوار.. هؤلاء الناس هم جيراننا ونحن نعرف سلوكهم جيداً.. سوف ننتظر لفترة من الوقت ونرى ما هو تأثير تعاليمك التبشيرية عليهم.. وإذا اكتشفنا أن لها نتائج إيجابية على سلوكهم، وتجعلهم صادقين في تعاملهم مع الهنود وتردعهم عن الغش والخداع الذي طالما عانيناه منهم، سوف نعيد النظر فيما قلته..
أخي.. لقد سمعت جوابنا على اقتراحك.. وهذا كل ما عندنا لنقوله حالياً.. وبما أننا سوف نفترق، سنتقدّم لمصافحتك باليد ونتمنى أن يحميك الروح العظيم في رحلتك، والعودة إلى ديارك وذويك بأمان..
تعرّض بعدها الزعيم ريد جاكيت لتهم كثيرة تنعته بالهرطقة والشعوذة والخروج عن السلوكيات الدينية الأصيلة واتُخذت بحقه الإجراءات المناسبة...!
من موقع سايكوجين