مسلسل المحرقة مازال مستمرا.. ونصل من خلال مجريات أحداثه إلى حلقته العشرين.. بعد أن رأينا بأم أعيننا ما حدث في فلسطين.. وبالتحديد مدينة (غزة)..
سيناريو لا يقبل القسمة على اثنين.. فكل طرف يسعى إلى تحقيق أهدافه ومتطلباته..
العدو الصهيوني.. بعنجهيته وهمجيته وجبروته.. يقابله قوات المقاومة الأبرار.. أولئك النمور الذين ينقضون على فرائسهم.. بكل جرأة ورباطة جأش.. فيمزقونها ويتركونها أثرا بعد عين..
إسرائيل.. تلك الشرذمة التي انتظرت طويلا حتى أنشأ لها الغرب دويلة مستقلة قطعها من جسد الوطن العربي.. بل من قلب (فلسطين).. مهبط الديانات السماوية..
دويلة مستقلة تجد الأمان.. وتلقى الحنان من صدر أمها الرؤوم (أمريكا).. فقد عملت بكل ما أوتيت به من قوة على فرض كافة أنواع العنف.. من دمار وهدم وتفجير.. فكونت هذه الأساليب جميعها صورا وحشية.. ووصمة عار قاسي.. ترسم وجه العدو الحقيقي..
أما أبطال هذا المسلسل.. فكان على رأسهم.. كتائب القسام.. الذين أثبتوا لليهود بأنهم لا يقهرون..
فقد خاض ذاك الحصن المنيع معركة مصيرية ـ غير متكافئة ـ وسطروا من خلالها ملحمة سيظل يذكرها التاريخ طويلا.. ويكتبها بأقلام من فضة.. ومداد من ذهب.. ملحمة ابتدعوا من خلالها اسما جديدا لهم.. رجال لا يهابون الموت.. في سبيل قضية سامية..
كتبوا بصواريخهم المتواضعة.. رسالة شفهية إلى العالم وخاصة من يتحداهم.. يقولون فيها..(خلقنا من التراب وإليه سنعود).. وسنحارب حتى آخر قطرة دم.. فخط المجاهدون أروع آيات الجهاد.. وزلزلوا الأرض من تحت أقدام أعدائهم.. وأسروا منهم.. وجرحوا.. وقتلوا من قتل.. ووصلوا لمعاملهم وملاجئهم..
أما ضحية المسلسل.. فكان هؤلاء الأبرياء.. من أطفال ونساء وشيوخ.. والذين لم يكن بيدهم حيلة سوى العويل والصراخ.. طالبين العون والنجاة..
أطفال ماتوا في أحضان أمهاتهم.. وآخرين ماتوا قبل أن يولدوا.. وبين هؤلاء وهؤلاء.. استشهد..
شباب ضحوا بأنفسهم فداء لاستعادة أرضهم..
المحرقة اليهودية في أحداثها وصلت لحلقتها العشرين.. وفيها كانت فداحة المأساة لا توصف.. وقد تجاوز عدد الذين علوا في مراتبهم إلى سماء الشرف والعزة والكرامة.. الألف شهيد..
تحطم عداد الجرحى إلى أكثر من (خمسة آلاف).. بينهم من حالته خطيرة جدا..
وهكذا تلاحقت المصائب والكوارث على رؤوس أخوتنا العرب بفلسطين..
ومازالت المعضلة في أشد ذروتها.. وبنوك سيناريو الكارثة لم تشبع بعد..
فمن مجازر (قانا).. للعدوان على لبنان.. إلى الخلاف والشتات بين الفصائل الفلسطينية جمعاء.. وخاصة (فتح وحماس)..
أما بالنسبة لمساهمات العرب.. فقد سعى بعضهم إلى تقديم المساعدات لأهل (غزة) الشقيقة.. ومنهم (سورية).. التي صبت جل جهودها في سبيل نصرة أهل غزة..
أما (مصر).. فلم تقنع معاهدتها أحدا.. وخاصة(حماس).. لأن هذه المعاهدة كانت تتضمن الكثير من الانحياز لإسرائيل على حساب العرب.. ثم جاء دور (قطر).. الصديقة.. التي حاولت لم شمل العرب أجمع..وعقد قمة طارئة سرعان ما فشلت هي الأخرى.. حين رفض بعض العرب الحضور (السعودية ومصر).. وحتى زعيم السلطة المعني بالأمر (محمود عباس)..
وهكذا باءت جميع الأمور بالفشل.. بحجة عدم اكتمال النصاب.. ومع ذلك فالاستغاثة مازالت مستمرة بعد..
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن..
لو أن النصاب كان قد اكتمل.. هل سيضيف ذلك علامة فارقة؟! أم أن القضية سوف تبقى معلقة.. والبحث عن حل سيطوى إلى أجل غير مسمى؟!
أيام العدوان على غزة في يومها العشرين الذي استمر 22 يوم في31/12/2008م
كتب في 31/12/2008م
.