هناك في زاوية غرفتها المظلمة جلست وحيدة ....
تسمع صوت نحيبها بصمت وتنثر جدائلها المعقودة تتراءى لها صور عمرها المفقودة في طيات الزمن القادم
اليوم ستخلع ثوبها التي طالما أحبته وكيف لا ؟؟؟ وولد معها ورافقها في لحظات اللقاء وخبئها من عيون الرقباء
وأشعل لحظات حبها بدفء مستعر ...
اليوم جلست كما الغريبة تنتظر في مرافئ العمر عن عابر سبيل كان بالأمس عنوان وجودها ...علَها تراه ...علَها
تعيده إلى عنوانه .. تبحث في الوجوه عن وجه تعرفه ..
تركض بين الناس تتفحصهم .... تصرخ علَ صدى صرختها يرجعه ...ويمر العمر وهي واقفة في موانئ العودة المستحيلة
وحيدة إلا من وجعات روحها وصوت تطاير ثوبها في الهواء ....
لن يعود ....قالت لها موجة البحر المتخبطة
التفتت نحوها غير مصدقة تحاول إسكاتها بيديها الصغيرة ..
لكن موجة البحر أصرت على قولها لن يعود ... ذهب .... هناك ...حملته على ظهري ونقلته إلى بلاد
بعيدة لا قيمة فيها للحب ولا معنى ..
بلاده عنوانها الضباب ورائحتها نفوس متعفنة باعت نفسها بقيود ذهبية ...
هناك تتلاقفه نساء الضياع وتتقارع كؤوس الخيبة معلنة بفرح موت نفس بيضاء ....باعت نفسها
منتشية تحت عناوين مبهمة تسمى الفرصة ...
وأنا : قال بصوت متقطع
ردت الموجة بصوت هادر : كنت محطة تزود بها لسنواته المقبلة ...
وضفائرك التي كان يعقدها كان يغلق بها كل مساحات الأمل ...
ويداك التي كانت تحنو عليه وتربت على كتفيه حفرت كوشم لن يزل لأنه عرف بأنه ضائع من بعدك
و بلا أمل
...لكنه رحل
وبذاكرته رائحة أنفاسك وزغردة ضحكاتك ورقصة عيونك ورسائلك الخجولة و وشوشاتك لصدفاتي
ودعسات قدميك على رمالي ...
لا تحزني ... فدموعك أقوى من كبريائي ... وروحك اسمي من أن تحسر في قارورة زجاجية
وحبك بحر لا حدود له وأنا جزء منك
فتعالي إلي أحنو عليك ... ويضيع دمعك بطياتي ...........
أغراها ما قالت الموجة""" فألقت بجسدها البارد بأحضانها وحملتها عاليا وبعيدا ..
وهناك انبثق نور من السماء أبهر المارة بشعاعه وارتفعت مرفرفة كما الحمامة البيضاء ...
واختفت في غياهب السماء..