كان هناك صياد فقير الحال و حظه قليل وفي أحد الأيام انتهى النهار ولم يصد إلا سمكة واحدة فقرر أن يأخذها إلى البيت ليطعمها لأهله بدل بيعها
وفعلا أخذت زوجته السمكة لتقوم بطهيها وأثناء تنظيفها وجدت في داخلها جوهرة كبيرة ونظر الصياد إلى هذه الجوهرة والابتسامة تعلوا وجهه وصرخ قائلا لقد فرجت أخيرا
انطلق الصياد إلى السوق لكي يبيع هذه الجوهرة وصادف بالسوق صديق له فحدثه بما حصل معه وعرض عليه الجوهرة فقال له دعنا نزور شيخ الصاغة ونعرض عليه هذه الجوهرة فهو رجل أمين ولن يغشنا وبالفعل عرضوا عليه هذه الجوهرة وهناك دهش هذا الشيخ و راح يفحص هذه الجوهرة مرة تلو الأخرى حتى توقف وقال لهم اسمع أيها الصياد للأمانة إن هذه الجوهرة نادرة ولم أرى أو اسمع بحياتي عن جوهرة مماثله لها وبالتالي فإن قيمتها لا تقدر بثمن وأنا أنصحك أن تهديها للملك فهو الوحيد الذي يقدر قيمتها وإن الملوك من عاداتها ترد الهدية بأحسن منها
تردد الصياد قليلا ثم قرر أن يعمل بنصيحة الرجل وانطلق إلى قصر الملك وطلب مقابلته وأخبرهم أن لديه هديه قيمة للملك يريد أن يقدمها له بنفسه
وافق الملك على مقابلته وتسلم منه الهدية ودهش عندما شاهدها وهو خبير بالمجوهرات النادرة وقرر فورا أن يرد الهدية بهدية أفضل منها لأنها عادة الملوك ..
وبعد أن أطرق قليلا طلب من وزيره أن يصطحب الصياد إلى خزائن الملك العظيمة ويعطيه ساعة كاملة فقط ليخرج منها ما شاء من الكنوز وتصبح ملك للصياد يعود بعدها لمنزله
وبالفعل دخل الصياد الى خزائن الملك متلهفا لحمل اكبر قدر من هذه الكنوز خلال هذه الساعة و أول شيء وقعت عينه عليه صناديق من دنانير الفضة فهم بحمل أحدها ثم لمحت عينيه صناديق من دنانير الذهب فهم بحمل احدها فشاهد بريقا قويا في أخر الغرفة فتوجه مسرعا ليكتشفه وبالفعل شاهد صناديق من أحجار الماس القيمة جدا فهم بحمل أحد هذه الصناديق وبالحطة ذاتها لمحت عينيه فوق هذه الصناديق كرسي عظيم من الذهب الخالص والمرصع بالأحجار الكريمة والألماس لا يقدر بثمن فقرر حمله أولا ولكن الفضول دفعه للجلوس على هذا الكرسي للحظات قبل حمله وخاصة أنه تعب قليلا وقد تسارعت دقات قلبه من الفرح والدهشة ..
جلس الصياد على هذا الكرسي ونظر أمامه إلى هذه الكنوز التي سيحملها وأغمض عينيه للحظة يتصور ما سوف يقوم به بالأيام القادمة ..... وفجأة شعر بالحرس يوقظونه ويقولوا له انتهت الساعة المخصص ويجب عليك الخروج فورا طبعا الصياد لم يصدق أنه قد نام ساعة كاملة على هذا الكرسي وكاد يجن جنونه وحاول أن يخرج معه شيء من هذه الكنوز فمنعه الحراس تنفيذا لتعليمات الملك
خرج الصياد من القصر خائبا وحزينا ومحبطا وليس بيده شيء ................ انتهت القصة
..
إن هذه القصة تحمل عبرا كثيرة ولكن أهمها هو أننا نعيش في هذه الدنيا نحلم كثيرا وننسى أن الوقت قصير وأن أحلامنا أكبر من أعمارنا وأننا نحلم أكثر مما نعمل ونضيع الكثير من الفرص المهمة لتحسين حياتنا في الدنيا والأخرة لا شك بأن أحلام اليقظة نعمة من الله علينا كبشر نهرب بها من واقعنا ونعيش بها لحظات تنسينا معاناتنا وهمومنا نطلق لخيالنا العنان لنجتمع مع من نحب أو نبتكر قصرا أو كوخ في غابة أو شاطئ وفي أي زمان صيف أو شتاء خريف أو ربيع ليل أو نهار .
الخيال جزء من سلوكنا العقلي ولولاه لما وصل الإنسان إلى المستوى الحضاري والتقني الذي نعيشه الان ،
السؤال هنا هل تعتبر إحلام اليقظة انحرافا ؟؟؟؟؟؟
أحيانا تعتبر انحرافا
الحقيقة لا تعتبر انحرافا إذا كانت أحلام اليقظة معقولة بين الواقع والخيال ولا تشغل إلا جزء من حياتنا وتفكيرنا فهي مقبولة كجزء من نمونا العقلي .
أما الاستغراق في أحلام اليقظة إلي درجة تعرقل حياتنا التعليمية والاجتماعية والعقلية وتشغل الحيز الأكبر من تفكيرنا وطاقاتنا وحياتنا فهنا تعتبر
انحرافا يجب التصدي له ومعالجتها .
المطلوب : تعزيز العمل الإنتاجي المثمر وشغل أوقات الفراغ ولا ننسى الحديث النبوي الشهير
(( خط النبي صلى الله عليه وسلم خطاً مربعاً، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه ......وقال: (هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به ))
وفي الحديث إشارة إلى الحض على قصر الأمل والاستعداد لبغتة الأجل