news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
رؤية أولية لمشروع الإصلاح في سورية ... بقلم : علاء الدين مريم

الإصلاح بشكل عام هو إحداث التغيير المطلوب لتحقيق الكفاءة الإدارية بجميع مكوّناتها


وهو في سوريّة ضرورة ملحة لتحقيق متطلبات الجماهير الشّعبية من جهة ، واستجابة لقناعات السلطات العليا ، وصورة لرؤية السّياسيين بشكل عام - بغضّ النّظر عن انتماءاتهم الحزبية - من جهة ثانية ، مما يعكس توافقاً قائماً بين منظومة البنى الفوقية ، وعلاقات الإنتاج المجتمعية في البنى التحتية ، وهذا بدوره يسهّل عملية الانتقال إلى مرحلة جديدة عنوانها : الإصلاح  ومكافحة الفساد تمهيداً للتطوير والتّحديث .

 

في مسألة تقييم الأداء الحكومي تظهر المشكلة بوجود قصور في الأداء الإداري ، وانتشار للفساد ، وسريان الرّوتين ، وفي تعقيد إجراءات التّعاملات ، و في ضعف الخدمات العامة ، وارتفاع تكاليفها قياساً إلى متوسط الدّخل الفردي ، وعدم القدرة على الضبط والمحاسبة ، وقلة المساءلة ، وخلل في توزيع الثروات ، وفي المقابل فإن ما تحقق من حاجات مجتمعية ، وأهداف تنموية على كافة الأصعدة ، وفي كافة المجالات - رغم الإمكانات المحدودة المتوفرة ، ورغم وجود التّحديات الدّاخلية والخارجية الموضوعية منها والذاتية - ليس بالقليل ، وذلك جدير بالتقدير للجهود المبذولة من قبل الغيورين على مصلحة الوطن وعزته وكرامته وتقدّمه وازدهاره ، وهم : كلّ سورية .

 

وسورية اليوم بالمشهد العام ، هي امتدادٌ لحضارة قديمة وعريقة ، وحاضرها باهرٌ بكلّ ما فيه من مكونات مجتمعية ، تعكسها صورة واضحة ،جميلة ونقيّة ، تجمع أطيافها بأشكالها وألوانها الزّاهية ، ومستقبلها واعد نحو التّطوير والتّحديث ، والعملية الإصلاحية  فيها ستكون ديناميكية ، وحركة تصحيحية دائمة ، تحقق طموحات الشّباب بقيادة السيد الرئيس الشّاب : بشار الأسد .

 

إن إحداث التغيير المطلوب نحو الإصلاح ، يحتاج إلى كفاءة الأجهزة الإدارية المعنية ، ولا تستطيع الإدارة القديمة بطريقة تفكيرها ، والتقليدية بأساليب عملها ، والمترهلة بأدائها أن تقوم به ، لذلك فإن من أهمّ متطلبات الإصلاح  - بعد توفير الدّعم السّياسي له - هي تكوين جهاز إداري متخصص ، يبتعد عن النّمطية والتّقليد ، ويلجأ إلى الابتكار والتّجديد ، واستخدام أساليب الإدارة المعاصرة ، كأداة لإحداث هذا التغيير .

كما أنّ مكافحة الفساد تحتاج إلى أكفٍّ نظيفة ،وإلى أناس صادقين مصلحين ، يريدون الإصلاح ومقتنعون به ويبدؤون بأنفسهم

 

 ( إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ) ،  وإلى رقابة نوعية مختلفة عن تلك الموجودة على أرض الواقع لأن الهيئات الرّقابية الحالية ، غير قادرة على ذلك العمل ، كون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش تعتمد التقارير والشكاوى - ومعظمها ( كيديّة ) - منطلقاً لعملها ، وتتحرك على ضوء ذلك ، وتعمل في ظروف خاصة ، ومجالات محددة وضيّقة ، والجهاز المركزي للرقابة المالية يهتم بجزء من عمله بتأشير القرارات الإدارية ، وفي الجزء الآخر من الرّقابة المالية  يقوم بتدقيق الثّبوتيات ، وذلك العمل لا يكشف الفساد بالمطلق، ولو أنّه ساهم في الفترات الماضية بالحد منه في بعض الجّوانب ، والرّقابة الدّاخلية تسعى لإرضاء الإدارة ، وتختبئ وراءها ، وتتستر على من تشاء وتدين من تشاء ، حسب توجيه المدير المسؤول عنها مما يجعل عملية الضّبط الداخلي غير ممكنة ، وفي كل الحالات فإن تفعيل العمل في هذه الهيئات ، وتأمين الكادر المؤهل للعمل فيها يعتبر أمراً ضرورياً ، ولكنه غير كاف لمحاربة الفساد ، والذي تحتاج مكافحته إلى أساليب أخرى :

 

 تقوم على أساس الرقابة على الأهداف ، وتقويم الأداء وفق معايير موضوعية ومؤشرات قياسية وتركز على الرّقابة القبلية الوقائية والتي تساهم إلى حد كبير في تجنّب الوقوع بالغلط  وعدم حدوث الفساد أساساً وتتم من خلال ضبط الوسائل والآليات ومتابعة التنفيذ وتوجيهه نحو تحقيق الأهداف.

 

ينطلق مشروع الإصلاح برأيي من أساسين أولهما نظري : يتعلق بوضع إستراتيجية وطنية شاملة عنوانها :  ( الإصلاح ومكافحة الفساد ) لها أهدافها ومنطقاتها ومبادؤها ومبرراتها ، تعتمد في دراستها الإحصائية على تحليل الواقع الرّاهن واستقرائه ، للوقوف عند الأسباب والمشاكل ، بحيث يتم هذا التّحليل وفق محاور رئيسة  كافية ووافية لاستنتاج الحلول ، واستشراف السّياسات المناسبة وآليات العمل اللازمة ، وتحديد البدائل المتاحة لتحقيق الهدف العام في إحداث التغيير المنشود ، وثانيهما عملي : ينطلق من وضع برنامج تنفيذي يؤدي إلى استجابة لمتطلبات هذا الإصلاح بحيث تكون هذه الاستجابة :

1.      سريعة وآنيّة لما هو ممكن ومتاح من الأمور الإجرائية ، والتي يحتاج إصلاحها إلى قرارات إٌدارية فوريّة

 

2.       تدريجية بطيئة للأمور والمشاكل التي تحتاج إلى دراسة متأنيّة والتي يحتاج البتّ فيها إلى استصدار تشريع ما

وبذلك تكون مسؤولية الإصلاح جماعية ، وتعتبر مشاركة المؤسسات المجتمعيّة ، والمنظمات الشعبية والجمعيات الأهلية ، والوسائل الإعلامية - بعد تطويرها من خلال صدور قانون ينظّم عملها ويعطيها استقلاليةً لتقوم بدورها بشكل ديمقراطي -  إلى جانب الإدارات الحكومية والرسمية ، تحقيقاً لمبدأ التّشاركية في اتخاذ القرارات ، كل ذلك يعتبر من أهمّ أسباب النّجاح لمشروع الإصلاح ، كما أن اعتماد أسلوب الحوار  وتبادل الآراء والخبرات ، وإدارة وسائل الإنتاج بشكل ديمقراطي ، وتناوبِ المديرين على المناصب  وتسمية المدراء على أساس الكفاءة والنّزاهة ، كل ّذلك : يعتبر أمراً ضروريا ، وهاماً لتحقيق الإصلاح ومكافحة الفساد .

 

أما عن الوسائل والأدوات لعملية الإصلاح المنشود ، فيجب أن تكون فعّالة  ومؤثرة وعملاناتية ، كإحداث فرق العمل الداعمة ، كتلك التي تعمل في مجال إدارة الأزمات ومكافحة الفساد ، وتشكيل لجان متابعة متخصصة واستشارية ، تقف إلى جانب الإدارات بجميع مستوياتها ، وبكافة مسؤولياتها ، لتقوم بعملها على أساس علمي وعملي بآن واحد ، من خلال تنفيذ جولات ميدانية إلى كل مواقع العمل ، ومستوياته لدراسة الواقع ، والوقوف عند المشاكل والصعوبات والمخالفات ، والتي تعكسها مظاهر الفّساد بأشكاله وألوانه ، بهدف وصف الحالة وتحليلها ، وبيان الحلول المقترحة لمعالجتها ، بحيث تكون تقارير هذه اللجان توجيهية ، وتقويمية إضافة إلى كونها رقابية ، تركز على تصويب الأخطاء ، وتصحيح الانحرافات ، وتلافي السلبيات ، وتعميق الإيجابيات ، والحكم على نجاح الإدارة التي تقود المنظمة - في القطاع الإداري أو الإنتاجي - من خلال تحقيق هذه الإدارة  للأهداف التي أنشئت المنظمة لأجلها خاصة ما يتعلق بالأهداف الاجتماعية وبالأمور الخدمية  وبخلق القيمة المضافة ، تلك النجاحات تؤدي بمجملها إلى التطوير والازدهار ، وبناء سورية الحديثة .

 

وبعد : فإن كلمة السيد الرئيس  ، والتي جاء فيها بأنه : ( لا يوجد عقبات في الإصلاح ، يوجد تأخير ولا يوجد أحد يعارض الاصلاح ، ومن يعارضون هم أصحاب المصالح والفساد ، ولكن الآن لا يوجد عقبات حقيقية ، واعتقد أن التحدي الآن : ما هو نوع الاصلاح الذي نريد أن نصل اليه ، وبالتالي علينا ان نتجنب اخضاع عملية الإصلاح للظروف الآنية التي قد تكون عابرة لكي لا نحصد النتائج العكسية . )  

هذه الكلمات تلخص الموضوع ، وتؤكد بأن السياسات الداخلية ستكون ناجحة ، كما هي السياسة الخارجية نحو ازدهار الوطن ورفاهية المواطن 

2011-05-27
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)