تظهر إشكالية ثقافية واضحة عند النظر إلى ثنائية النظرية والتطبيق ، فإذا اعتبرنا أنه من أولويات عمل المثقف عند أدائه لدوره : مساهمته في تغيير الواقع من حوله ، من خلال تأثيره بمحيطه مستفيداً من مجموعة معارفه المكتسبة
ومن المنظومة القيمية المتكونة عنده ، وهنا تكمن فاعليته ، هي دعوة لأن يكون لكلٍّ دوره في عملية الإصلاح المنشود ، مبتدئاً من نفسه ، مبيناً قدرته على التأثير بمحيطه ، أياً كان موقعه ، وفي كل الأمكنة المتاحة ، وفي كل الأوقات
في موضوع الإصلاح : يعتبر اتخاذ القرار الإداري جوهر العملية الإدارية بكل مستوياتها ، كما يمكن القول بأن الإدارة بمعناها الدقيق : هي عملية اتخاذ القرارات ، فالقرار هو خلاصة العمل الإداري ، ونتيجة منطقية له ، ويمكن النظر إلى عملية اتخاذ القرار بأنها : اختيار أحد البدائل المتاحة لتحقيق هدف محدد بشكل صحيح وقابل للتحقيق ، وإذا كانت عملية اتخاذ القرار تبدأ بظهور الحالة التي تتطلب اتخاذه ثم جمع المعلومات ومعالجة البيانات حوله وبعد ذلك يأتي إعداد القرار وترشيده ومن ثم إصداره مع تعليمات تنفيذه ومراقبة ذلك ، هذه المقدمة يمكن أن تكون المدخل نحو قراءة : اختيار الأسلوب الأنجع في اتخاذ القرار
يتيح أسلوب الإدارة الديمقراطية : المشاركة في اتخاذ القرار من خلال الحوار والمناقشة وإتاحة الفرصة للرؤية المتبادلة والخبرات المتنوعة مما يجعل القدرة على تحديد الهدف المشترك ممكنة بشكل أفضل و يصبح اختيار البدائل أكثر موضوعية ، وتأتي النتيجة بقرار أكثر كفاءة وأشد فاعلية وقابلاً للتنفيذ من خلال إشراك الأطراف المعنية في تنفيذ بعض المهمات المتعلقة به مما يعزز الثقة المتبادلة بين هذه الأطراف
كما أن اتباع أسلوب حل المشكلات على المكشوف والذي يحتاج إلى الجرأة والموضوعية والمصارحة والشفافية بين الأطراف المعنية أثناء العرض لمعرفة الأسباب الحقيقية وراءها وتفنيدها وتحديد المسؤوليات ومواجهتها بالنقد والنقد الذاتي وتحمل مسؤولية الخطأ والاعتراف به ، كل ذلك يتجه نحو حل المشكلة بشكل نهائي وهذا الأسلوب يتطلب التعامل بمحبة وبثقة وبتسامح وبإيجابية خالصة لمصلحة تجاوز المشكلة وتصويب الخطأ وتصحيح الانحراف نحو تحقيق الهدف المنشود أياً كان وعلى أي مستوى
أما سياسة الباب المفتوح والتي تنفذ من خلال فتح المكاتب و تفعيل أداء النافذة الواحدة وتقبل الشكاوى ومتابعتها واستخدام التغذية الراجعة المأخوذة عنها بالتحسين والتطوير المستقبلي عند إعداد الخطط المستقبلية فهي الأسلوب الأفضل لتكوين الثقة وتعميق العلاقات الإنسانية وإشاعة أجواء الارتياح واحترام الآخر والتعاون معه
وبعد: هذي الأقانيم الثلاثة أجدها مناسبة ليبدأ بها العمل كل مسؤول من نفسه على مستوى إدارته من ناحية وفي علاقته مع المواطن من ناحية أخرى ، وهي قابلة للتنفيذ مباشرة ، لا تحتاج إلّا للتواضع ، والمصارحة ، وتقبّل الآخر ومحبته في الوطن والوطنية ، علّ ذلك يساهم في ملأ الفجوة – التي تحدث عنها السيد الرئيس بشار الأسد – بالثقة بين مؤسسات الدولة وبين المواطنين