news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
خربشات حقيقية ... بقلم رولان العاقل

في يوم خرافي مثل كل أيام الخريف الهانئة بدأت الأصوات تلتف حولي كما تعودت أن أنصت لها يوميا ..


سمعت فحفيف أغصان الشجر ينادي اسمي الدافئ... ويكرر ندائه بهمسات أرجوانية , كان ذلك الصوت يمتد كزوبعة ليست غريبة عن كانون ويتابع امتداده ليرتطم بجدار قلبي المزعزع... معطيا صدا ينم عن فراغ فؤادي المظلم ..

هذا الارتطام خلف لحن قيثارة ووزع ألحانها على عروق جسدي ..

عندئذ ..قررت شق باب عيني لأتلصص على ما حولي من أجواء . الحمد لله .. ستائر صمتي مغلقة وأنا بأمان من الغرباء

على وقع خطى هذه الكلمات ..أغلقت جفني الحالم لأتابع سماع الأجواء بدون إبصار, فنحن في معظم الأحيان نعشق أصوات الأشياء ,أصوات الأشخاص ..نألفها ,نتنفس عبقها ونعيش قصة حب معها ..لأن الأذن تعشق قبل العين أحيانا..ولكن ما أن نبصرها ونتلقى أشعتها ..

نفقد الصورة الزيتية التي رسمناها بفرشات خيالنا ولونها على شكل ذبذبات صوتية.. وأنا اكره أن افقد الأشياء

ها أنا الآن في منتصف جنة خضراء ..أراقب اهتزاز العشب الراقص.. اقترب أكثر ليلامس قدمي ويترك دغدغة حنونة على جلدي الوردي, أتابع السير حافية الأقدام ثابتة الخطوات نحو شجرة تفاح لأحتمي في ظلها المغري , انظر لأغصان الشجرة المزينة بالتفاح واستغرب.. السنا في كانون !! ولكن كما يقال: علينا أن نعتبر كل الأشياء التي تحدث في حياتنا عادية فحتى الموت عادي كباقي الأشياء

تلفت نظري التائه في زحمة الطبيعة..تفاحة حمراء ..كانت اكبر شقيقاتها وأكثرها احمرارا وتألقا , .. شدني شكلها لاقتطافها رغم بعدها عني لأني كما عادتي اعشق الأشياء التي يصعب علي امتلاكها, تفاحتي الحمراء كانت بعيدة عني وصعبة المنال .. رأسي آلمني من النظر عاليا إليها, صرت أدور حول الشجرة أفكر وأفكر... كيف الوصول إليها ..؟

لم يساعدني حينها قانون الجاذبية كما ساعد نيوتن..آه ليت التفاحة تسقط لأشكره !

دون جدوى أظن أنها تفاحة آدم التي إتهموا جميع نساء الأرض بها وأنا لن اكرر الجريمة وادخل في التاريخ مرة أخرى

سأنتظر آدم نفسه ليقطفها لي ويغويني لأكلها,من يعلم !! فقد أكون أول امرأة عربية أغواها آدم لأكل تفاحة... فاحمل الشرف مرتين... مرة لشغل الناس بقصة تفاحة أخرى ,,,ومرة لتبرئة حواء المسكينة.. التي قد تكون أحبت أن تطعم ادم أطيب الفواكه لا أكثر !

 

أه من أحلام اليقظة .. أخذتني بعيدا ,,,ثملة في التصورات إلى أن جاء فارسي البرتقالي أبو محمد عامل التنظيفات في حي الشاهبندر ,,,لينقذني من زوبعتي الصباحية بصوت مكنسة القش المتهرئة وهي تصارع قمامة الحي تلك التي لا تنفذ عندنا ولا يفرغ سكان حينا من رميها...

اعتدت في كل صباح أن أراقب أبو محمد وصراعه الكوميدي مع قطط الحارة فهو كلما كوم الأوساخ من جهة بعثرتها القطط مازحة من جهة أخرى وكأنها تهزأ من تقنياتنا الأوروبية في تنظيف الشوارع

ليعود ذلك المسكين بتجميع الأوساخ وورق الشجر وهو يشتم عيشته التي جعلت منه لعبة غميضة لقطط هزيلة مسكنها دروع السيارات ..

نعم ..أبو محمد... والبلدية ...و تقنيات البلدية... والمحافظة ...استهزأت بهم جميعا... مجموعة قطط.

هذه القطط لم يكن همها الأكبر المزاح مع عامل التنظيفات,, ربما كان هناك بعد ثالث لها ..يضع المجهر على وجع البلدية بأكملها ولكن يا قططي العزيزة "لا تنوي ما في حدا "

لتنتقل من رياضتها اليومية إلى كسب رزقها وتقف عند باب الجامع الكويتي المواجه لمنزلي تنتظر شيخ الجامع ليخرج من بابه فتسير معه مسافة أمتار لتصل إلى بقالية متواضعة يطغى عليها طابع المجاعة فيشتري لها علبة مرتديلا من النوع الذي لا يأكله إلا الحيوانات .

ولكن سيدنا الشيخ لديه نظام فكل شيء في حياتنا بالدور "على الفرن بالدور على قبض الرواتب بالدور والكهربة والمي بالدور "!!! مو ...!!؟؟

ولكن مولانا كعادته يفشل في تطبيق النظام وهو يلقي قطعة لهذه وأخرى لتلك... لتغدر القطة السوداء بالشقراء وتأكل حصتها

فبغضب الشيخ الحنون

"عفوا ولكني اجهل أسماء شيوخ حينا فهم جنود مجهولون لنا "

ما علينا .... يحاول الشيخ تنبيه القطة السوداء أن تترك زميلتها في العمل "عفوا مرة أخرى زميلتها في الفصيلة تأكل حصتها ..فحسب قوله الطمع عيب

آسفة يا مولاي ..لكن عليك أن تبدأ بالبشر أولا

..انتهى شيخنا الحنون من إطعام القطط بعد الخناق والطوشة يلي صارت وعاد إلى منزله ليتعبد الله ويدعو علها الناس بينصلح حالها

وأما القطط الشبعانة "المفروض" عادت إدراجها لتتابع يومها في الركض بين السيارات والبحث في القمامة

انتظروا نسيت أن أخبركم عن امرأة غامضة كانت دائما تقف على حافة البقالية يسارا ..موجهة ظهرها لصاحب المحل غير معنية بما حولها ..تلبس سواد صمتها كمعطف طويل وتحمل بيدها كيس اسود... لطالما اعتقدت أن فيه جثة زوجها

تراقب المارون وفي عيونها العسلية أسئلة كثيرة هي حتما تبحث عن شيء ما أو عن شخص ما فقدته في أزمة منتصف العمر كان يربطني بها شيء ما اجهله اشعر بانتماء لفصيلة دمها ...أو ...ربما كنا ننتظر سوية الأمل دون البوح بذلك

يشدني انتظارها ويعز علي جلوسها اليومي في فترة الصباح ,ترى إلى أين تذهب خمسينية العمر بعد ذلك ؟

ليتني املك جرأة كافية للحاق بها ..لكنني تعودت مراقبة الأشياء من بعيد فلست بقوة أحلام مستفانمي.. انا اكره أن أتخذ الكتابة مأخذ الحياة وأحاول الخروج من سطوري الحالمة في بقية النهار ,أتجرد من كوني عاشقة للكلمات ..أليس في ذلك مفارقة ؟

ربما ..لكن في يوم ما قال لي شخص حكيم : الفنانون لا يمشون على ضفاف الأنهار ..

يومها لم اسأله أين يمشون إذن! وهل تأخذ كل منهم مجرى محايد!!

أم كلنا محصورون ضمن منطقة جغرافية واحدة !

! هذا وان ضممت نفسي لمجوعة الفنانين

والسبب لعدم طرحي السؤال له هو إدراكي شيئا مهما في السنوات الماضية ..

المعلمون يروون لنا القصص لنكتشف الحكمة التي تخصنا وليست مسؤوليتهم تلقيننا المغزى ..فلكل شخص منا مغزي معين يستخلصه ضمن نطاق حاجته الخاصة.. وأنا سأبحث عن رقعتي الجغرافية التي غالبا يملأها أكسجين التناقض

صدقوني التناقض يجري في دمي ويتسرب إلى كل المحيطين بي حتى ابلغهم حكمة, فإن رغبتم بجرعة تناقض تابعوا قصتي عن كثب ولن ابخل عنكم بذرة خصوصية .. رولان العاقل

2010-10-30
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد