بقراءة متأنية لواقع الأحداث التي تدور من حولنا فإنني أجد ومن وجهة نظري الضيقة بأن تشبيه مقتل الطفل حمزة الخطيب بحادثة استشهاد الشهيد محمد الدرّة فيه كثير من المغالطة!!!
وللتذكير أكتب بأن محمد الدرة استشهد في حضن والده الذي كان يصحبه لشراء سيارة اللعبة التي عده بها عندما يتفوق في دروسه، وفي الطريق استشهد برصاص الصهيوني الذي استهدفه هو دون سواه. أما الفقيد حمزة فقد خرج وهو ابن الثالثة عشر من عمره ليشارك المتظاهرين فيما عزموا عليه بمشيئته أم رغماً عنه ولا يمكننا المساواة بين الحدثين، لأن الأول كان الخروج بمحض الصدفة أما الثاني فقد كان عن نية مبيتة في خلد من أخرجه !
والتساؤل الذي لا بد من أن نطرحه هنا تحت أي مسمى نغفل عن الصّغار فينا ونتركهم لينغمسوا في غمار مواجهة لا يعلمون كنهها أو لأي غاية تهدف ( ولا أريد أن أدخل هنا في سجال بأن أطفالنا قد شبّ عنهم الطوق ... فالولد ولد ولو قلّد مقاليد بلد).
إذاً لا بد من الإعتراف بأن هناك غايات أخرى من مشاركة الصّغار في أفعال الرجال وأحددها في ثلاثة أمور:
1. إهمال الأهل والتقصير في العناية بأطفالنا مما يجعل الولد غير مسؤول عما يفعل فيسير في مهالك الغواية والإنحراف.
2. طمع الأهل في غنيمة لاحت لهم وغرّروا بها بهدف زيادة المشاركين في أمر ما, يخاله الناظر إليه وكأنه سواد يغطي كبد السماء.
3. العبث ببراءة الأطفال وزجهم في غياهب ينأى عنها الرجال ليصبحوا دروعاً بشرية يحتمي بها المارقون والخارجون عن القانون. ذلك بدا جلياً في كثير مما أسموه مسيرات إحتجاجية أو مظاهرات.
إذن فإن المغفور له حمزة لم يقتل في حضن ذويه، وكان قد فارق الحياة قبل وصوله المشفى، ولم يمثل بجثته كما صوروه فقد أكد ذلك الطبيب الشرعي الشعار بالصور والدلائل الدامغة والتي لا مجال إلا التنويه عنها في هذه العجالة، ولم تسلم جثة الطفل لذويه لتعذر معرفة هويته إلا بعد قرابة الشهر من الوفاة ليظهر على جثمانه الآثار الطبيعية التي شاهدناها وعلى مدار اليومين الماضيين وعلى كافة شاشات التضليل التي آثرت إلا أن تبث الخبر وتستغل حتى جثامين الأطفال المنتنة لتقوم بالإتجار بها للنيل من كرامة وعزة هذا البد.
تخيروها مذمة ... وإذ هي رفعة وفخار بإعتبار أن ألي الأمر في الشأن السوري عمدوا إلى إيصال جثامين الضحايا لذويهم حتى تقر أعينهم ولو بعد شهر، رغم يقيننا بأنهم ومن الممكن أن يغفلوا عن هذا الأمر ويتجاهلوه في مظلة الأحداث المروعة التي تنتاب هذا البلد الجريح، وهنا نتفاجىء بأن فئات البغي والتضليل آثرت إلا تجنيد كل ما يرونه مدعاة للتنكيل وبث الذعر والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، حتى ولو كان ذلك على حساب العبث ببراءة الأطفال الذين كانوا ضحايا استهتار ذويهم أومن حولهم لمآرب لا يعرف كنهها إلا هم...