في الأزمات يبتعد الإنسان منا إلى الميل نحو عدم الانحياز إلى طرف دون آخر أو رأي ضد آخر مخافة أن لا يلقى صداه في قلوب الناس وعقولهم, أو يكون قد وضع نفسه على الحياد مما يجري ... خوفاً لأن يكون انتـقاءه بعيداً عن خطٍ معين يعتبره خاطئ بالمعنى المجازي للكلمة ..
أي كما قال جورج بوش في حملته على الأرهاب في العالم ـ وطبعاً حسب وجهة نظره وتعريفه ومفهومه للإرهاب ـ : ( من ليس معنا فهو ضدنا ) وسيُحاسب ....
من هذا المنطلق أصبح في سوريا طرفان مـَن هو مع .. ومـَن هو ضد ... وبغض النظر عن وجود طرف ثـالث هو مراقب الآن وقد يكون هو الأغلبية ... بحيث بَانَ على الخلق تـلك الهوة التي أراها جليةً في المواقف سواء من حيث التحريض المستمر الذي يذهب ضحيته خيرة أبنائنا في الوطن ... ومن أي جهة كانوا, نتيجة عدم الوعي الكامل والمعرفة الحقيقية لما يُحاك لهذا الوطن من مصائب لن تصّْبُ ... سوى ناراً على رؤوس أبناء الوطن السوري بكل فسيفسائه... تحركهم النزعة الوجودية للمذهب الواحد ... أو من جهة عدم السرعة في التعاطي الجدي من قبل المسؤولين للتعمال مع كل تـلك الملفات التي كانت محقة بدايةً ... وأصبحت مطية لهؤلاء أصحاب الأجندات الخاصة التي باتت ظاهرة للعيان ولكل مـَن يقرأ ملياً بين السطور أو عبرها مباشرة ...
منذ يوم 17 / 3 / 2011, كانت الانطلاقة لما تم تسميتها بالثورة ( ودون التقليل من أهمية ما جرى والانتقاص من حق الشعب فيما يريد ), كانت هذه المطالب محقة وهي هدف الجميع ودون أن نسـتثني أحداً من فئات الشعب ( وعذراً لتقسيم شعبنا في سوريا إلى فئات ... فقد أصبح واقعاً الآن وليس باليد حيلة ), المهم في الأمر, بدأت المطالب وبدأ معها ( عملياً ) التوجه نحو الإصلاح الذي كان مؤجلاً منذ سنوات, وتـلبية بعض المطالبة الشعبية مباشرة والوعد بمتابعة تصحيح ما يجب تصحيحه والكل يعلم علم اليقين بأن الأمور آيلة إلى الأفضل ( شاء من شاء وأبى من أبى ), وإن الأمور الحياتية للشـعب السوري بدأت تـلقى تجاوباً بقدر الإمكان وبما يفسح لها المجال من قبل السلطة للعمل على تـنفيذ الوعود, ولا أدلَّ على ما أقول : هي لقاءات الوفود الشعبية والشبابية بشكل دوري ويومي مع السيد الرئيس مباشرة ودون واسطة أو بديل ... والحوار قائم بين الشعب ورأس الهرم بشكل مباشر من الفم إلى الأذن وبأريحية وصراحة مطلقة ودون وجل أو خوف أو حدود تـلجم الحديث فيما يراد الحديث به.
مما يعني بأن المطالب الشعبية المحقة ستتحقق ( ولو أخذت وقتاً للتنفيذ ) ولم يعد هناك مـِن داعٍ لتحميل الشارع السوري وأروقة الأزقة ومداخل بيوتنا الآمنة ما لا يجب احتماله, وهدر هذه الطاقات الشبابية في أمور هي بعيدة أصلاً عن كل ما هو غير طبيعي, وفي غير مجراها الحقيقي, وفي غير خط بناء سوريا الجديدة المطلوب قيامها من تحت الأنقاض العفنة ... التي يُراد لسوريا أن تبقى تحتها ... بشعبها وقيادتها وأرضها, أعتـقد بأن الخروج المبرمج وتحت مسميات مختلفة أصبحت أو باتت غير منطقية ... إلا إذا كان القصد منها متابعة ما كان يُراد للبلد أن يصل إليه من خراب مدمر للجميع ...
إذا علمنا بأن الصادرات السورية إلى الخارج تـأثرت بنسبة 30 % أقل عن الأشهر السابقة والسنين السابقة ... نقول بأن هذه الأحداث والخروج إلى الشوارع غير المبررة اليوم ستزيد من الأزمة تـفاقماً ومن الحل والإصلاح تباعداً وهروباً إلى الأمام ... سينعكس سلباً على حياة الناس المعيشية ( ما عدا, طبعاً , هؤلاء المستفيدين حكماً مما يحدث وهم في قلب الحدث وصانعيه ), ولكن انعكاسات خطيرة ستكون لنا في الأكمة ترصد كل تحركاتنا الطيبة لإنهاء الأزمة المصطنعة بإحكام, وما تـليّـته في الأسطر الثلاث السابقة تشكل زاوية من زوايا الركام الذي يريده لنا أعداء الوطن, هذا ناهيك عن التبعات الاجتماعية والثـقافية التي ستجر الناس إلى طبقات دنيا لا نريد لها أن تطالنا وننزل إليها, ونحن نتربع جميعاً كأخوة على البساط الأخضر لهذا الوطن ............
وبالتالي يأتي هنا لزوم الوعي والانتباه مننا جميعاً كسوريين منتمين لجميع الأطياف والثـقافات وواجب الحفاظ على بلدنا سوريا حفاظنا على الروح الغالية التي وضعها فينا الرب أمانة ورسالة نأمل أن تصل بنا إلى الأمثـل في مسيرة حياتنا الطويلة, أدعو هنا شبابنا إلى التوافق وعدم نبذ الآخر والتآخي من جديد وإغلاق كل فجوة بين الأطياف حفاظاً منا على الأرض .. والعرض ... ولتبقى سوريا ملاذاً لنا جميعاً .... عاشت سوريا حرة أبية وملاذاً للآمنين ... شكراً لكم. ...