نقول بالعامية ( يلف ويدور ويعود لنفس النقطة ) تلك هي السياسة الأمريكية الصهيونية اليوم اتجاه سورية تحديدا .. لأنها تدور في حلقة مفرغة رغما عنهم .. والسبب أن جميع المخططات التآمرية ضد سوريا تصطدم الآن بنهاية واحد ألا وهي ذاك الخط الأحمر الذي يحذرونه لأنه يفجر المنطقة برمتها لذلك يتراجعون ويسعون لطبخة جديدة ..
هذا الخط الأحمر هو المحور الإيراني العراقي السوري اللبناني الحماسي الغزاوي وهو محور المقاومة والذي في حال اجتيازه ستدمر المنطقة بأكملها وتخسر تلك الدول مصالحها ومكاسبها التي حققتها عبر عقود من الحروب والتآمر على منطقتنا .. وسيتضرر العالم بأكمله بخسارة النفط الخليجي والأهم أن الكيان الصهيوني سيهدد بالعمق .. لذلك يسعون لتفكيك هذا المحور عبر مخططات جهنمية يضعها حاخامات السياسة الأمريكية وبطرق شتى بالأموال بالتآمر بالصراعات الطائفية بالحروب بالاغتيالات بالمظاهرات وبأي طريقة قذرة يمكن أن تحقق هذا الهدف .. والسبب أنه لا يمكنهم توجيه ضربتهم الأخيرة والقاصمة لظهر أمتنا إلا بتفكيك هذا المحور ..
فالمخطط المرسوم لأمتنا بعد خراب تونس ومصر واليمن وليبيا المدمرة ودخول تلك الدول بالفوضى وإشغالهم بمشاكلهم الداخلية لسنين قادمة .. كان الهدف الأساسي منه انتقال الفوضى لسورية عبر توالي سقوط أحجار الدومنو ..! لتدخل بنفس النفق المظلم بل بسيناريو أسوأ بكثير ليسهل القضاء على حزب الله وحماس والتفرغ بالنهاية لإيران وإن لم يحصل هذا فسيكون مخططهم قد فشل فشلا ذريعا .. إذ ماذا يهمهم من سقوط بن علي ومبارك التابعان لهم بالأصل ..؟!
وإلا فليحلل لنا أي إنسان سبب تلك الأحداث والخراب في أمتنا وليسأل نفسه ما غايتهم من إحداث تلك الفوضى والبلبلة في دول أنظمتها طيعة وغارقة في العمالة وراضخة لكل قراراتهم ..؟
فإن قال لي أحدكم أنها ثورات عفوية خرجت للمطالبة بالديمقراطية أقول له : كلامك صحيح وهذا ما حدث بالبداية بتحريض الناس على الفيس بوك لكن ما إن قامت المظاهرات حتى انتقلت قيادة تلك الحشود لعملائهم كي لا تفلت زمام الأمور من أيديهم وهذا ما حصل تماما في مصر وتونس وإلا إن لم يكن هناك مظاهرات فكيف ستتابع أحجار الدمينو لتصل لسورية ..!؟ أما ما يثبت تورطهم هو تحيّد الجيش المصري والتونسي نهائيا وتأييد أمريكا لمظاهراتهم وأوامرها السريعة بتنحي حكامهم فورا واستجابتهم لذلك ..؟
والإثبات الثاني هو أن تلك الشعوب ناضلت عبر سنين ضد تآمر حكامها وخرجت بمظاهرات وقمعت بشدة وعنف وذهب فيها الكثير من الضحايا وكان هذا بترحيب أمريكي واضح وبعدم انتقاد هؤلاء الحكام ولا إجبارهم على التنحي فماذا عدا ما بدا اليوم .!؟
أما شعوب الخليج حين توالت أحجار الدومنو إليها وتظاهرت ضد حكامها قمعت وتدخلت جيوشها فورا ولم نسمع لا جعجعة ولا طحنا عنها في أي من المحطات التي تدعي الحرية داخلا وخارجا حتى أن الرئيس الأمريكي لم يراهم في منامه كما يرى سوريا .. فنحن محظوظون جدا لأن بوش كان يكوبس بنا وعقدته النفسية كانت سورية وكلما استيقظ صباحا يردد ( سوريا سوريا سوريا ) ثلاث مرات بدل فنجان قهوته الصباحي .. وأوباما اليوم يردد بعد استيقاظه( درئا ) وكلينتون تكوبس تردد (هومص ) وهذا يدل على رقة قلوبهم وحبهم وهيامهم بالشعب السوري .. لكن لا أعلم أين قلوبهم الحنونة الرقيقة وكوابيسهم وأحلامهم اتجاه شعوب غزة والضفة والمقدسيين والأفغانيين والليبيين والعراقيين الذي يقتلون نسائهم وأطفالهم وشيوخهم ويدمرون بلدانهم يوميا بدم بارد .. فهل تلك الدول ليست من عشيرتهم وليسوا من أولاد عمومتهم كالسوريين .!!
وفي الحقيقة جميعنا يعلم أن دول الخليج لا يتمع مواطنوها بأبسط الحريات .. وإن قارناها بسوريا ومصر وتونس وحتى ليبيا واليمن رغم ضعف الحريات عندنا جميعا يتبين الفارق الكبير بالحريات وحقوق الإنسان .. ومع هذا تؤيدهم أمريكا وتدعم أمرائهم وملوكهم رغم وجود الفقراء بكثرة عندهم ونقص الخدمات وانعدامها في كثير من المناطق ..
وبصدق وأمانه هذا ما رأيته بنفسي عندما كنت في السعودية ولو شرحت لكم عشرات الصفحات لن يصدق أحد إن لم يرى بعينيه .. فبمجرد أن تخرج من المدن الرئيسية عندهم تنعدم معالم الحضارة والخدمات وتشعر وكأنك تعيش كالبدو الرحل في بادية ما .. وأعتذر سلفا من أهلنا وأحبابنا البدو الرحل والذين يعيشون أفضل منهم لأن هذا برغبتهم ولضرورة حياتهم .. أما بعض شعوب تلك الدول فبالأسم يعيشون ضمن دول تعتبر من أغنى دول العالم قاطبة .. عدا عن المستوى الثقافي بشكل عام بين شعوبهم وشعوب الدول المذكورة .. وأنا هنا لا أحرض شعوب الخليج الطيبة بأن تخرج وتخرب بلدانها وتتظاهر ضد حكامها ولا أتمنى لهم إلا الخير والأمن والاستقرار وهم أدرى بشعابهم .. لكني أقارن فقط للأمانة والتاريخ ..
ومن تلك المقارنة يكتشف أي شخص بسيط أن الأمر مخطط له وهو مؤامرة على الأمة العربية والإسلامية وليست مظاهرات عفوية .. أما هدفها أولا: ضرب ليبيا المليئة بالثروات ونهبها ..
ثانيا إدخال المنطقة في فوضى عارمة لسنين قادمة ..
ثالثا والأهم الوصول لسوريا وتفتيتها وهو الهدف الرئيسي ..
وصدقوني أن سورية أهم من ليبيا وثرواتها بما أنها تهدد قلب الكيان الصهيوني .. فإن لم يستجيب شعبها كما يحلمون وهذا ما حصل فعلا فهناك شركة بلاك ووتر جاهزة ومستعدة لإرسال عصاباتها المتخصصة بالإجرام والتي عملت بالشعب العراقي أبشع مجازر وفظائع لم يشهدها تاريخ العالم والإنسانية بأكمله .. وعلى الشعب العراقي البطل أن يتحول الى فيتنام جديدة وسترون كيف يخرجون فورا مدحورين مذلولين مهانين هم وحكوماتهم وتوابعهم .. أما الشعب الليبي فللأسف وقع في فخ الحرية وكرر الخطأ العراقي ودمر نفسه مع أن القذافي يغسل مئة مرة عن صدام حسين بتعامله مع شعبه ..
وأتمنى من الذين يسمون أنفسهم ثوار ليبيا أن يراجعوا أجندتهم ويتأكدوا أن عدوهم خارجا وليس داخلا وإن لم يفعلوا سيندمون كما ندم العراق (( وحقيقة تلك الدول تتصرف في ليبيا اليوم كما يحلو لها ولا تستمع لا للثوار ولا لغيرهم )) وكأنها صاحبة السيادة والقرار وتتنازع بين بعضها لتقاسم الغنائم حتى قبل إتمام العملية .. أفلا تعقلون ..!؟
أما سوريا الحبيبة فو الله ودون مبالغة وليس لأنها بلدي أقول بأمانة : إنها من أكثر الدول العربية حرية .. وإثباتا على ذلك أن معظم شعبها أثبت وعيا كبيرا بتلك الأزمة وتجنب الفتنة والصراع الداخلي .. وأيضا بحكمة قائدنا وجيشنا الذي يعمل بكل دقة ويحاول اصطياد المجرمين المخربين ويتجنب المتظاهرين السلميين المدنيين قدر الإمكان وباعتقادي هذا ما أطال أمد الأزمة .. ومن الحكمة اليوم أن تتوقف جميع المظاهرات التي يستغلها المجرمين وعصابات بلاك ووتر السفاحة والتي هي من ترتكب تلك المجازر وتعتدي على أعراضنا وتجبر من يتعامل معها أن يفعل ذلك لتوريطه والهروب بعدها كما فعلوا في العراق وليبيا واتهموا قوات الجيش والأمن بذلك .. لذلك أرجوكم التوقف والانتظار حتى يتم القضاء عليهم .. وسنرى ما تقدمه حكومتنا من إصلاحات وبعدها نستطيع أن نخرج ونتظاهر كما نشاء بحضور وهدوء ونطالب بما لم يتحقق وبذلك نرد لهم الصاع صاعين ونكون قد استفدنا من الإصلاحات ولم نخرب بلدنا كما يريدون .. وإلا صدقوني سيذهب أبرياء لأن جيشنا لن يترك شخصا مخربا ولا مجرما في سوريا ..
أما الهدف الرابع والأخير فهي الضربة التي ستقصم ظهر أمتنا :
وستكون بعد أن تسقط سوريا ومحورها لا قدر الله .. ألا وهي تقسيم المملكة العربية السعودية ..! حيث لا يمكن ذلك إلا بسقوط هذا المحور المقاوم الوحيد اليوم بوجه مخططاتهم .. لأن حلم اليهود تاريخيا هو دخولهم مكة كفاتحين ..! بعد تقسيم السعودية لعدة إمارات متنازعة .. وما أسهل ذلك عليهم بالتحريض الفيسبوكي ودعوة الناس للتظاهر ودعم المعارضين الذين بالخارج وإصدار قرار بالتدخل العسكري لتكون الجيوش والطائرات في سماء السعودية بلحظة واحد لأنها ستقلع من الكيان الصهيوني وقطر .. هذا طبعا إن لم يستجب ملكها للتنحي .. وإن تنحى فسيتم التقسيم بهدوء وروية فالأمراء هناك كثر وسينبطحون أكثر كي لا يقتص منهم شعبهم وسيرضون أن يحكموا أي قرية وليس إمارة فقط .. وللأسف لن يستطيع أحد بالأمة الدفاع عن تلك المقدسات على مبدأ أكلت عندما أكل الثور الأبيض ..! وحينها سيتحقق حلم بني صهيون بعودتهم لمكة المكرمة والمدينة المنورة ليقفوا على قبر رسول الله عليه الصلاة والسلام ويقولوا القول الشهير لغوروا عندما قال ها قد عدنا يا صلاح الدين .. وسيقول اليهود عندما يدخلون ( ها قد يا محمد بن عبد الله ) عليه الصلاة والسلام .. ولا أحد يستطيع حينها تقدير ما سيفعلونه بأشرف مقدساتنا .. ولا ينخدع أحدكم ويقول أن مليار ونصف مسلم سيدافعون عن كعبتهم لأننا وبعد ستون عاما من تدنيس قدسنا الشريف لم نرى أحدا بالعالم دافع عنها إلا سوريا والمقاومة هذا في حالة الاستقرار .. فكيف بدولنا العربية وهي ممزقة متفرقة متنازعة همها الوحيد حل خلافاتها الداخلية وفتنها الطائفية ولملمة جراح أبنائها ..
وبالنهاية أستغرب وأتسائل ألم يبقى بين العرب من يستشعر الكارثة القادمة لأمتنا العربية والإسلامية إلا سورية وحدها ..؟! هل باع الجميع أنفسهم للشيطان وثمّن كل منهم رأسه وانبطح وباع إسلامه ووطنه وأمته ..؟ لماذا نترك دولنا تنهار وتدمر فرادا ويعبثون بشعوبنا ومقدساتنا وأمننا واستقرارنا وينهون حضارتنا وتاريخنا ..؟ لماذا نترك هذا الكيان القذر بيننا مع أننا جميعا متأكدون أنه يريد إذلالنا كمسلمين ومسيحيين والانتقام من رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام عن طريق أمته والتي نخرت الخيانة عظمها .!؟ اصحوا أيها الحكام اصحي أيتها الشعوب النائمة . والسلام .