منذ بداية الأحداث في سورية أي منذ ثلاثة أشهر والجميع من سوريين داخل سورية و خارجها يتابعون ويشاهدون ، يتحدثون ويحللون كل كما يرى وكما يفهم ومن وجهات نظر مختلفة عن الآخر ، حتى أصبح للكل شأن في السياسة ومن كان لا يعرف عنها شيئا أصبح بها خبيرا .
ظهرت مجموعات متعددة على مواقع التواصل الاجتماعي بمسميات عديدة ، كان هدف أغلبها نبيل وحقيقي بأن تجمع أكبر عدد ممكن من الشباب والمواطنين السوريين على اختلاف شرائحهم للانضمام إليها ودعمها من أجل حوار راقي واقتراحات عقلانية شأنها أن تقرب بين الكل في ظل هذه الأزمة القاسية علينا جميعا كسوريين .
و ظهرت الى جانب هذه المجموعات " جماعات " أيضا وبالطبع لا " أقصد هنا "الجماعات المسلحة" فتلك لها قصتها المنفردة التي لا املك موقعا سياسيا أو ناقدا لأتحدث عنها . لكن ما أقصده "جماعات العازفين" من مطبلين ومزمرين .
هذه الجماعات التي اتخذت من هذه الأزمة وللأسف " مسرحاً " تستعرض على خشبته مهاراتها في تأليف الألحان واختراع "النوتات " الموسيقية الأكثر علوا لتصم آذاننا بها.
انشغل من يمثلون " جماعات العازفين " هؤلاء بأنفسهم متناسين كل ما يحدث حولهم من اشتباكات وقتل وخوف ، نسوا أننا بحاجة لآن نجتمع ونبحث سوية عن إجابة واضحة مطمئنة ، ولم يسمعوا سوى أصواتهم .!
الى هنا قد يبدو الأمر طبيعيا بعض الشيء من مبدأ أن كل يريد أن يقول ما يشاء ، ونحن يجب أن نستمع الى كل الآراء ونفسح المجال لبعضنا البعض حتى نتحاور ونتبادل وجهات النظر .
لكن الأمر غير الطبيعي هو أن تبدأ هذه "الجماعات" بتخوين كل من لا ينضم لفرقتهم ويرفض العزف معهم على إيقاعهم . فمن وقف على الحياد أصبح صامتا جبانا ومن صرح برأي منطقي كان خائنا مندسا . ! أما من لم تسمح له مبادئه الوطنية "الحقيقية " بالتمثيل والبهورة حكم عليه بأنه خارج الإيقاع .. أي وببساطة " معارض " .
ألم يدرك هؤلاء أن التطبيل في هذه الأزمات هو مجرد صوت فارغ قد يلفت الأنظار بدويه لكنه سرعان ما يتلاشى في الهواء! ، ألم يفكروا أن العبارات الجاهزة والمصطلحات المنمقة المنمطة التي يتبجحون بقدرتهم على قولها لم تعد تفيد الآن .
"يا مطبلين ويا مزمرين" سمعكم الكثيرين ولم تقنعوهم بما تحدثتم ، فلقد تغيرت الأزمان وتبدلت معها الأحوال ومن حقنا كسوريين أن نسأل ، نتحاور ونحكم العقل في أزمة لم ندرك حتى الآن الى أين تأخذنا ؟ من حقنا أن تتم الإجابة على تساؤلاتنا بصوت معتدل فنحن في وقت لا ينفع فيه الخوف والهمس ولا يقنع الصراخ والضجيج .
فكفى أرجوكم .كفى تخبرونا كيف تكون الوطنية وتملوا علينا مفردات مقيتة فلسنا ننتظركم لنتعلم حب الوطن والدفاع عنه ، وإن بحثنا عن الحقيقة التي من شأنها أن تزيح الغيمة والغمة عن سوريا والسوريين فلا يعني أننا عملاء للخارج ..!!
كلنا سوريين وما من سوري لا يخاف على أرضه .. لا يقتله ما يشاهده الآن مما يحدث في سورية .. لا يريد أن ينتهي ما نمر به جميعنا .
وصدقوني ما من سوري إلا وله صوت ورأي وكرامة يتمسك بها لأنه سوري ، لكن الفرق الذي لم تدركوه وتتقبلوه هو أن لكل سوري طريقته في حب سورية وفي الدفاع عنها.