الجواب الاعتيادي و الآلي هو أن أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات يسهمون في تطوير مسيرة البحث العلمي وهذا لا غبار عليه ـ أما الآخرون فلا.
لكن ما هو الهدف الذي من أجله أرسل الموفدون لصالح الوزارات؟
الإستجمام في بلد الغربة لمدة لا تقل عن أربع سنوات؟
أم هو فائض في صناديق وزاراتنا الموقرة تتصدق به على بعض المتميزين الجامعيين؟
بالتأكيد لا هذا ولا ذاك. إن هذه الأموال الطائلة التي تصرف على الموفدين هي مدرجة تحت بند إسهام الوزارات في تطوير البحث العلمي, فلماذا لا يوجد بحث علمي فعلي بعد العودة من الإيفاد؟ و لماذا الإيفاد إذاً...الأولى إذا كانت هذه الحال هو إرسالهم كمتدربين لفترات محدودة لاكتساب مهارات معينة.
ثم إننا نسمع كثيراً عن ربط الجامعة بالحاجات الحقيقية للمجتمع,أليس هؤلاء العائدون من الإيفاد هم خير من يمكنهم أن يضعوا ذلك موضع التطبيق الفعلي من خلال الإشراف المشترك مع الجامعات على تدريب الطلاب خلال مدة دراستهم,كما يحصل في البلدان المتطورة التي توفدوننا إليه.
المدهش أن بعض أهل الحل و العقد من المسؤولين ـ وهم الذين درس معظمعم في البلاد المتقدمة , ينسى أو يتناسى أن الوزارات والشركات في تلك الدول تملك مختبرات للبحث العلمي تفوق أحيانا مثيلاتها في الجامعات, و الأمثلة على ذلك كثيرة. أذكر على سبيل المثال لا الحصر شركات الكهرباء و الغاز و النقل في ألمانيا و فرنسا و إيطاليا.و كثير من أساتذة الجامعات هناك تسعى أن تجد مكانا لها في تلك المختبرات.
أعلم أن القارئ لهذه السطور يعلم أن الغاية منها هو زيادة بضع دريهمات على راتب العائدين من الإيفاد, هذا صحيح و لكن هذا ليس كل شيْء. تغربنا عن بلدنا سنوات عدة و تعلمنا فيها أصول البحث العلمي إلى جانب زملائنا الموفدين لصالح الجامعات, بل في أحيان كثيرة في ذات المختبر و تحت إشراف ذات المشرف, وعليه أليس من حقنا أن نلقى ذات المعاملة لدى عودتنا, أليس من حقنا أن نتابع ما بدأناه من بحث علمي و نسهم في تنمية بلدنا.
بالمناسبة إذا رجعنا إلى الوراء بضع سنوات, لم يكن المدرسون الجامعيون بأحسن حالا و إنما ناضلوا بأقلامهم و وحدوا أصواتهم و أطلوا علينا من جميع المنابر حتى استقام أمرهم, وفقنا الله ووفقهم و الرزق على الله.