تدرس كل الدول في العالم البحث عن حلول للمشاكل التي تعاني منها المجتمعات و الدول . و لا شك أن مشكلة البطالة هي من أهم المشاكل التي تواجه الدول و المجتمعات سواء منها الدول المتقدمة أو الدول المتخلفة أو ما يطلق عليها بلدان العالم الثالث.
و للأسف فإن هذه المشكلة هي من أهم المشاكل التي تعاني منها سورية و المجتمع السوري و بدلاً من معالجة جوهر المشكلة معالجة جوهرية مستمرة تتعالى أصوات رسمية تجد الحلول في الهروب إلى الخلف وفرض قانون يحيل الموظف على التقاعد في سن مبكرة هي سن الثانية و الخمسين من العمر , و لا ندري ما هي الأسس العلمية و العملية التي استندت إليها هذه الرؤى .
في وقت يتنادى العالم كله لجعل سن التقاعد السابعة والستين من العمر و ترى الرؤى الإستراتيجية لمراكز البحوث العلمية في هذه الدول في قول الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه و هو يسأل أحد ولاته الذي ولاه على إحدى الولايات قبل أن يتسلم مهام عمله :\"ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو قاطع طريق قال اقطع يده . فأجابه سيدنا عمر فإذا جاءني منهم جائع فإن عمر سيقطع يدك . و تابع سيدنا عمر يا هذا إن هذه الأيدي خلقت لتعمل فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية , كما أن أصحاب هذه الرؤى في التقاعد المبكر لم تعر انتباهاً لقول الرسول العربي الكريم صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم الذي يبين \" إذا قامت القيامة و في يد أحدكم فسيلة و استطاع أن يغرسها فليغرسها \" .
هل يريد أن يدمر البعض المجتمع السوري و الوطن السوري تحت مظلة البحث عن حلول للبطالة في ايجاد بطالة أخرى هي الأخطر و الأشد إذ أن الإنسان و في قمة قدرته على العطاء يجد نفسه معطلاً بقرار تفتقت عنه رؤى قاصرة لم تقدر حجم المشكلة في جانبها الآخر عطالة الشباب. و في وقت يرى العالم المتقدم أن بعضاً من مشاكله الإقتصادية التي تضر بأوطانه هي في تقاعد مبكر يتم في سن الخامسة و الستين . و لم يبحث عن حلول للبطالة لبطالة أخطر, بل رأى في حل مشكلة البطالة في مزيد من الدراسات المعمقة التي تتناول المشكلة من داخلها و من كافة الجوانب المحيطة بها , و ترى معالجتها بمزيد من سنوات العمر , و ترى المعالجة في مزيد من حسن التوظيف لمشاريع قائمة أو استحداث مشاريع جديدة فيها الكثير من العائدات الإقتصادية و فيها ما يفيد الإنسان . أم رغبة البعض من أصحاب الرؤى في رفد المقاهي و مضافات القرى بمزيد من لاعبي الورق و البحث عن ألعاب مستحدثة لم تصل إلى مقاهيهم و مضافات قراهم و مدنهم الكبيرة فأنا على يقين أن الكثير ممن يفترضهم ــأصحاب رؤى التقاعد المبكر ـ سيشردون كما شرد الكثير ممن حملوا السلاح و استخدمتهم جهات خارجية معادية ليتحولوا إلى مجرمين بحق الوطن وأبنائه .
لأنني أحب وطني سورية و لا أجد نعيماً خارج أرضه و ترابه . و لأنني أحب سورية بشعبها الطيب الكريم . و لأنني أجد في السيد الرئيس بشار الأسد القائد العربي النبيل المسيج بحب شعبه , أتمنى من كل الذين يبحثون عن حلول للمشاكل التي تعترض المجتمع والوطن أن يبحثون برؤى علمية و عملية معمقة فيها خير الوطن و خير أبنائه , و لا أن تكون حلولاً من جانب و لكنها في جوهرها تدمير للوطن و أبنائه.