قالوا سوريا .....هي البلد قالوا سوريا هي الوطن...... والوطن هو العرض وهو الشرف قالوا و ما أكثر ما وصفوا وما قالوا
نعم صدقوا بكل ما قالوا ......وصدقوا بكل ما وصفوا ...
ولكن انا أقول وبكل بساطة سوريا هي موطأ قدمنا و منزلنا الوحيد الذي نملكه على وجه هذه الأرض
هو البيت الذي يحتوينا والبيت الذي يحمينا هو ملجأنا هو مأوانا هو فعلا كل ما لدينا .....
كل فرد من هذا المنزل ( أي كل مواطن ) قد يتفق وقد يختلف مع الاخر في وصف هذا البيت وفي تشخيص مشاكله .... قد نختلف او نتفق في الشكل الذي نرغب ان نرى عليه هذا البيت.... قد نختلف او نتفق حول تأخر أخذ القرار لضرورة التجديد ...لضرورة الإصلاح....ولإعادة الترميم ..
قد يعلم القليل منا سبب التأخر و قد يجهل الكثير سبب التأخر .... قد يتفهم البعض الاسباب و يعذر ...وقد لا يبرر الآخر .... كل هذا حق ... نعم حق .... بل وأكثر.. انه حق طبيعي
ولكن الواقع اليوم هو ان الزمن قد مر على هذا البيت وقد تصدعت بعض الجدران لأي سبب كان من عوامل خارجية أو حتى داخلية أصابت ارضيته و أقصد الرخام او البلاط بعض الحفر والتشققات لان الدهر أكل وشرب عليها.. وشبابيكه ضيقة لا تسمح للجميع بأخذ ما يكفي من الاوكسجين ......و حتى الاثاث قد اصبح قديما ومتهرئاً ولا يتماشى مع آخر صرعات اليوم ( مو مودرن ) او مو عصري
هنا قد لا نتفق على ابسط التفاصيل عندما يحتاج البيت الى اصلاح وترميم ... حتما سنختلف ...
قد نختلف في ادق الامور عندما يحتاج منزلنا الى اعادة اكساء ... الى اعادة طلاء ....عندما يحتاج الى اثاث جديد قد نظنه مريح .....الى نوافذ أكبر تدخلها الشمس لتلفح وجوه الجميع.... الى أبواب خشبية مرتفعة ندخل ونخرج منها دون ان نحني رؤوسنا بدل الابواب الحديدية المنخفضة والتي كسرت أو حتى اوجعت ظهر البعض .....قد نحتاج الى بناء درج جديد نصعد به الى سطح منزلنا لنرى كل ما حولنا ونستنشق الهواء من فوق هذا العلو بدل التسلق خلسة على الحبال لنسرق نظرة على الجوار ..... قد نحتاج حتى الى صرف صحي جديد لأننا لم نكن ندري اين كانت تذهب مياهه الاسنة طول هذه السنين ... لربما تكون قد اختلطت بماء شربنا من حيث لا ندري .... بعضنا قد يحتاج الى أجهزة تبريد وتكييف لان المناخ العالمي تغير حرارة مرتفعة صيفا وبرودة قارصة شتاء لم يعد هناك خريف أو حتى ربيع و أجساد لم بإمكانها مقاومة أو تحمل أي من الأمرين
قد نحتاج الى ... والى ... اخره...من تفاصيل قد لا يعرف بعض افراد هذا البيت من اين تبدأ ولا الى أين تنتهي ...
قد لا نعرف ما هو المهم ولا حتى الأهم . .. قد نجهل من اين فعلا يجب أن نبدأ به عندما نأخذ هذا القرار ... الأولويات متضاربة ... الآراء مختلفة ... الأفكار متنوعة ... الخيارات كثيرة ... الإمكانيات المادية ليس لدى الكثير تصور دقيق عنها ولكن كل هذا لا يهم
نعم ... والف نعم هنا دعونا نختلف ....ودعونا نتشاجر... ودعونا نتخاصم حول كل ما ورد سابقا
فهذا البيت نسكنه جميعا وهو ملك مشترك للجميع للصغير قبل الكبير للضعيف قبل القوي ولكل منا كل الحق في رؤيته بأحلى صورة.. كل حسب ما يريد.... وكل حسب ذوقه الفريد !!!!
ولكن يجب ان لا ننسى انه هناك امر وحيد .. بكل صدق هو وحيد ... يجب ان نتفق عليه وممنوع لدرجة التحريم الاختلاف عليه ... وهو أساس هذا البيت أعمدة هذا البيت بالعامية ( عضاضات هذا البيت )
وخاصة اذا كانت مبنية على ارض صخرية متينة وقد اثبتت دعائم هذا البيت وعلى مرور الأيام ومنذ تأسيس هذا البيت ان من بناه لنا اختار ارضا صلبة ومتينة لينبي عليها اساسا مدعما وقد اثبتت ورغم مرور الزمن انها ...مقاومة...صامدة.... شامخة ...عصية على كل من أراد زعزعتها او حتى اقتلاعها ...
هنا فعلا محرم الاختلاف عليه او حتى حوله ...
وحتى أكثر من ذلك مطلوب وخاصة في خضم الحماس الكبير والرغبة الجامحة لعملية التجديد والترميم وإعادة الاكساء ان يكون كل فرد مسؤولاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ... ان يكون يقظا ... حذرا ... واع لأقصى الحدود حتى لا يصيب هذه الأساسات هذه الدعائم بأي سوء بأي خدش بأي تهديد
حتى لا نهدم البيت فوق رؤوسنا جميعا لأننا و في يوم من الأيام أحببنا فقط ان نرى بيتنا أجمل بيت في العالم وهذا حقنا الطبيعي كأفراد نسكن فيه ولكن من فرط حماسنا وانفعالنا....و من قلة خبرتنا او حتى انعدامها... و من جموح رغباتنا و تضاربها ....
قمنا وفي لحظة غفلة بتدميره فوق رؤوسنا من حيث لا ندري وبدون قصد او حتى سوء نية
و من حالفه الحظ ونجا من تحت الانقاض سيبقى بلا بيت يأويه بلا سقف يحميه ... سيبقى في العراء ربما وحيدا .. لأن الجميع قضى تحت الانقاض ... و حتى انه سيبقى عاريا... لانه نسي في خضم حماسه واندفاعه احضار ملابسه من الداخل قبل ان يتهدم منزله على كل ما فيه .
مع كل حبي
جودي خرما / احدى قاطني هذا البيت القديم