كلما تمعنا في الفوران العربي ورغوة غباء واضطراب العقل العربي نرى أن امتنا لم تمر من قبل في مثل هذه الغيبوبة والانحراف والانجراف فالإنسان لا يذهب بعيدا إلا عندما لا يعرف أين يذهب فالأمية والآراء المتأرجحة اسماك تائهة يمكن أن تقاد إلى قناعات واتجاهات أخرى
لأنهم يبحثون عن صوت متألم ليصرخوا وراءه فهم لا يؤمنون بالأفضل أخلاق والأكثر ذكاء بل بالأعلى ضجيجا وتجاوبا مع أعصابهم المتعبة ولان هذه (الثورات) تشبه حقل بطيخ على الطريق كل من يمر سيقطف واحدة حتى لو لم تكن ناضجة ولأنها بدون حارس وراعي حقيقي سرعان ما تحولت ثيران تركب وأبقار تحلب وكثر الراكبون والحالبون من فنانين ومنظرين ورجال دين متلفزين وسياسيين مرشحين يتنافسون في تقديم التنازلات في مزاد علني لإسرائيل لتزويدها بالغاز ومتابعة حصار غزة والمحافظة على العهود والمواثيق فالأدوات القديمة التي حافظت على الوضع القائم زمن طويل أصابها التكلس ما أدى إلى البحث عن أدوات جديدة أكثر فاعلية ومرونة لتفتيت جديد
ولان هذه (الثورات) ما هي إلا رغوة غاضبة تثيرها وتغذيها نار الجهل فهي بحاجة لإعادة أنتاج العروبة لضمان الوحدة العربية وعدم سوقها وسوقنا إلى حيث يريدون نتيجة تدني مستوى الوظيفة الإستراتيجية التي يؤديها الكيان الصهيوني وغياب البدائل لتشطير المنطقة وفق مصالحهم وأطماع من معهم وتوفير الأموال التي يدفعونها سنويا لأمن وحماية إسرائيل لذلك عمدوا فورا إلى قرصنة رغوة الفوران العربية ورشوتها قبل أن تتحول إلى( ثورات )عن طريق جنرالات الجيوش صمام الأمان للأمريكي ومصالحة وحراس التزامات لحماية إسرائيل فالذي اسقط حكام هذه الدول جنرالات الجيوش بغطاء جماهيري وإيحاء وتوقيت خارجي وترويج مفكرين أخر الشهر وإعلان ومحطات مأجورة لا يتحدثون عن الأشياء كما هي بل كما يريد الآخرون وكأنهم تحت تأثير التنويم المغناطيسي ولأنه( في الليلة الظلماء يفتقد البدر) وتتحرك الأوجاع والمؤامرات وجب على هذه (الثورات)أن تعرف على أي ارض تضع أقدامها قبل إغماد صوتها وجعلها تتبع غريزة القطيع التي ستأخذها إلى شتاء طويل عوضا عن الربيع الموعود المفقود لان (الثورة )الحقيقية تقود من مجهول إلى معلوم أو من معلوم إلى معلوم أكثر تراكمية أما التي تقودك من معلوم إلى افتراضي مجهول هي رغوة وليس ثورة المهم أن لا تجد هذه (الثورات) نفسها وسط شبكة من الخيوط المتقاطعة جل همها تحرير نفسها وكلما حلت رجلها علقت يدها وهكذا رغم ذلك تشعر بالنجاح مع أنها لم تنتصر وإنما أزالت حالة وجع مؤقت ولكي تنتصر وتزيل حالة الألم بشكل دائم يجب أن يثبت جهاز استقرار الشعوب مدافعها باتجاه إسرائيل كيفما تحركت هذه الشعوب وان لا يبتكروا لها خصاء الرجال ليفقدوهم كل رغبة وعشق للحرية والمقاومة والاستقلال وليفقدوا العزة والغضب للكرامة العربية المتآكلة
محسن ع عيسى