news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
نصيحة ابن سجين سياسي مغترب إلى الشباب المتظاهر ... بقلم : علاء أحمد حمود

اسأل مجرب ولا تسأل معارض حاقد 


أتوجه في هذه الرسالة وهي رسالتي الثالثة التي سأخص  بها بشكل أساسي  شباب بلدي سوريا  , بصراحة كنت أتمنى أن أتوجه في هذا المقال لبعض من يسمون أنفسهم بالمعارضين , لكن سبب كتابتي لهذا المقال يعود لبعض الاتصالات التي تلقيتها من بعض الأصدقاء المتعلمين  الذين يؤيدون ما يحدث في الشارع  السوري , ملخص هذه الاتصالات تقول :" بأنني لو كنت أعيش حاليا في بلدي  ولو كنت قد تأثرت بالفساد الحالي مثلهم لما كتبت مقالاتي السابقة " , وعليه قررت أن أكتب بعض من تجربتي في سوريا علهّا توضح بعض الأمور وتحميني من بعض المزايدات ,أو تدفع البعض من الشباب للتفكير ولو للحظة فيما سأكتب

 

 سأذكر بعض الأمور التي عشتها في الجامعة وما أزال أعيشها حتى الآن من معاناه مع الفساد والظلم متوجها إلى الشباب الجامعي ,ثم سأقدم وجهة نظري وأترك الحكم لكم.

رغم الظلم والفساد الذي عانيت منه كنت مصرا على أن أجعل العلم والقلم  السلاح  الوحيد لي ,لأني كنت وما أزال أجده الأفضل  الذي يمكنني من إعادة حقي وحق أبي من الفاسدين وأولادهم , والحمد لله تجاوزت البكالوريا بعلامات عالية ودخلت كلية الهندسة المدنية جامعة دمشق دون أن أخسر ولا سنة ,عندها بدأت معاناة جديدة وهي معاناة مصروف الجامعة حاولت في جامعتي أن أعيش بالقدر الأدنى ,و طبعا كان التفكير في دخول الكافتيريا بالنسبة لي ولمجموعة من الأصدقاء غير وارد  وذلك بسبب وضعنا المادي المتواضع   كانت رحلات الترفيه بالنسبة لنا  تقتصر على بعض الموالح والشاي في حديقة تشرين في دمشق وصدقا كنا نعيش أجمل اللحظات ,مع العلم أن مصروفي السنوي كان يعادل مصروف بنزين  ابن مسؤول في يوم واحد .

في السنة الثالثة من الجامعة أصبحت بحاجة لمصروف يغطي مشاريع البحث والدراسة عندها قررت أن أبحث عن عمل فاقترح علي بعض الأصدقاء أن نعمل في سوق الهال في دمشق أيام العطل و الإجازات  وفعلا عملنا في توزيع متطلبات المطاعم من خضروات وغيرها, وكان أول مبلغ  حصلت عليه هو 165 ل س .استمريت حتى السنة الخامسة عندها قررت أن أبحث عن عمل جديد لان العمل السابق كان متعبا جدا ولا أريد أن اخسر أي سنة دراسية , فاقترح علي بعض الأصدقاء بأنه سوف يساعدني في الحصول على وظيفة قاطع تذاكر في شركة هرشو في كراجات حرستا , على أن يبدأ الدوام ليلا وحتى الصباح, وافقت وبدأت العمل وأنا سعيد بأنني سوف أساعد أبي في التخلص من مصروفي لحساب إخوتي ,تخرجت من الجامعة بمعدل عالي وأقسم بالله العظيم أن العديد من المواد التي درستها كانت في الكراجات بجانب من يسمون بالوشيشة  ,وطبعا أنا أفتخر بهذا الأمر وأفتخر بأن الله ساعدني في زيادة معرفتي والاطلاع على أشخاص ونفسيات لم أكن قادر على التعرف عليها لولا هكذا ظروف .

تخرجت وتوظفت في مكان لا يوجد فيه أي مجال للتطور أو النجاح وبما أننى أملك الأمل والطموح , قررت أن أكمل الدراسات  العليا مع خدمة العلم , وهنا بدأت المرحلة الثانية التي كنت واثق أنها ستأتي حيث حصلت على عمل في شركة عالمية في مجال نظم المعلومات ودعم القرار , فقررت الاستقالة من الدولة والسفر خارج الوطن  ,تعبت كثيرا في الغربة  وأنتجت الكثير من المال, بعد فترة من غربتي قررت أن أستثمر بعض الأموال في التسجيل على بيوت في أكثر من جمعية سكنية , فقررت أن أضع ملغا كبيرا من المال في الجمعيات السكنية في أكثر من منطقة في دمشق وأقسم بالله العظيم حتى الآن وبعد خمس سنوات لم أر لا النقود ولا البيت ولا حتى الأرض , وما زلت أعاني من فساد بعض رؤساء الجمعيات الذين تجردوا ومن يدعمهم من كل القيم الإنسانية  , والذي أضحكني  مؤخرا أنني اتصلت بأحد رؤساء الجمعيات و سألته عن وضع الجمعية إذا كانت قد حلت المشاكل أم لا خصوصا أن الوزارة قد تغيرت (طبعا كنت من أكثر المعارضين للوزارة السابقة ولرئيسها وأحملها جزءا كبيرا من المسؤولية عما يحدث الآن  )  وأن معالجة الفساد من قبل السيد الرئيس قد بدأت  بقوة   ,فأجابني :  خير انشا لله لا تقلق بس في مشكلة عنا حاليا ولله أردنا أن نباشر في الصب ولكن  انت تعرف أوضاع البلد حاليا, المشكلة أنه لا يوجد عمال  بناء وعمال خشب معظمهم خرج في المظاهرات وقد تم اعتقالهم والأمر متوقف حاليا ,حيث لا يوجد في المحافظة من يبني لذلك علينا أن ننتظر قليلا, عندها ضحكت وقلت له : يعني كل من يخرج في  المظاهرات هم من عمال البناء . فتخيلوا مثل هؤلاء الصغار الذين يفسدون في الأرض ثم يقولون بكل وقاحة أن المشكلة ليست فيهم إنما في السلطة على الرغم من أن معظمهم أدوات لبعض فاسدي السلطة  .

 

يا أصدقائي الشباب في سوريا كونوا على ثقة أنه مهما بلغ الظلم أو الخسارة المادية والمعنوية  لأحدكم لم ولن يبلغ الظلم والفساد الذي عانيت منه أنا ورفاقي وما زلنا نعاني منه حتى الآن, وبعد كل هذا أجد أن سوريا أغلى من المال وأن الوطن هو الملك الأعظم للإنسان ,أما السلاح الذي نصر على استخدامه في محاربة الفساد وحماية الوطن فهو العلم والحوار مع شاب طموح خلوق شامخ  يريد أن يفعل الكثير لبلده وشعبه  ,وليس التكبير وترك الامتحان بحجة المشاركة في محاربة الفساد ,فلو كان تحقيق الطموح بخلع القمصان لكان سعد الحريري قائدا للأمة العربية , ولو كانت استعادة الحقوق بحرق الأعلام والإطارات, بالتكبير في الشوارع , ,لكانت أفغانستان تحتل أمريكا ,و لكنت والكثيرين من رفاقي قد أنهينا الفساد واسترجعنا حقوق أبائنا منذ عقود ,لأنه من السهولة بمكان خلع القمصان وحرق الإطارات ,لكن من الصعوبة أن تملك العلم والمال الحلال الذي سيجعلك أقوى ,أقدر على إيصال كلمتك وتطوير بلدك  عبر طرق كثيرة ,واعلموا جيدا أنها ستكون أمضى من الرصاص . ولعلّي أستذكر قول أحد الشعراء في وصف فائدة العلم

 

العلم أشرف مطلوب وطالبه                 لله أكرم من يمشي على قدم

يا طالب العلم لا تبغِ به بدلاً                 فقد ظفرت ورب اللَّوح والقلم

واجهد بعزم قوي لا انثناء له               لو يعلم المرء قدر العلم لم ينمِ

والنية تجعل لوجه الله خالصة                   إن البناء بدون الأصل لم يقمِ

 

إن صرختنا وبعد أن وصلت لقائد البلاد عن طريق أهلنا الشرفاء هناك أمران

إما أن نبتعد عن  دراستنا وأعمالنا  لنملأ الشوارع بالشتائم  , معرضين مستقبل بلدنا وأهلنا للخراب وفي النهاية كل ما سنحصل عليه هو زيادة جهلنا وفقرنا وهروب الفاسدين من مسؤولين أو أذنابهم خارج البلد ,ثم سيأتي مصاصي الدماء من الخارج ليكملوا نهب ثرواتنا ووهتك أعراضنا تحت اسم الحرية وحقوق الإنسان 

أو أن ننتظر قليلا و نحارب الفساد بالحوار والقلم ,بالالتفاف حول السيد الرئيس لمساعدته في تعرية المفسدين وتحقيق أحلامنا دون دماء  ,في هذه الطريقة تأكدوا بأن النتائج ستكون أكثر فعالية  وسنكون قادرين على تعويض  خسارتنا التي تعرضنا لها في السابق ,  دون أن نفقد أرواحنا و مستقبلنا ,دون أن نوقف امتحاناتنا أو نحرق ممتلكاتنا .

 

كما يقولون "اسأل مجرب ولا تسأل حكيم "  أقول لكم : اسأل مجرب ولا تسأل معارض حاقد لأنه سيستخدمكم أداة لتحقيق أهدافه و تصفيه حساباته , وبالنهاية سينسى أمركم كما فعل الكثير من السياسيين الفاسدين في بلدنا خلال السنوات الماضية. لذلك أدعوكم يا أصدقائي أن تفكروا جيدا وتساهموا في توعية من حولكم ممن فقد عقله , واعلموا أن استثمار وقتنا بالدراسة والعمل لما فيه مصلحة الوطن ,  سيمكننا من محاربة الظلم والفاسد  ,ومن الحصول على حياة  أرقى وأعظم بكثير مما عاشه أو يعيشه العديد من أولاد الفاسدين  ,وعليه أنصحكم  أن لا تقضوا أوقاتكم بالتكبير أو بالتظاهر في الشوارع إنما استثمروها بالدراسة وتعلم الخبرات التي ستساعدكم على تحقيق أمانيكم وأماني أهاليكم ,لأن الفرص قادمة حتما وهناك الكثير من الشركات التي أعرفها جيدا قامت  مؤخرا بدراسة إمكانية فتح فروع لها في سوريا واستقطاب العديد من الخبرات السورية ,لأنها متأكدة أن مستقبل سوريا سيكون أقوى وأجمل  ,لكن للأسف سوف لن أجد أحدا من الشباب الذي يخرج الآن في التظاهرات ضمن شباب سوريا الحديثة ,ببساطة لأنهم سيكونون مشغولين بتعويض خسائرهم المادية , والعلمية .

 

أخيرا لمن يسال عن توجهاتي أقول له , بأنني أنتمي للمعارضة الحقيقية التي تعارض الفساد بالمطلق ,تؤيد بناء الدولة المدنية الحديثة تحت راية الأسد , تؤيد الحوار بعيدا عن الدماء والغوغائية , والتي تؤمن بضرورة إعطاء السيد الرئيس الوقت الذي يمكنه من وأد المؤامرة ,عزل الفاسدين وتلبية مطالب السوريين الشرفاء في كافة مناحي الحياة ,المعارضة التي لا تعترض قبل أن تسمع , والتي تضع مصلحة البلاد في مقدمة أولوياتها ,المعارضة الحقيقية التي تؤمن بأنها ستبني  سوريا الحديثة تحت راية الأسد رغم أنف وحقد الحاقدين   .

 

أما من يسمون أنفسهم معارضة وأنا أسميهم " المعترضون الجدد " من يؤيد قيام الليل بالشوارع والشتائم والقتل ,من يقبل أن يهان وطنه ورمز بلده , من يريد أن يضع العصي في الدواليب وقراراته جاهزة معلبة ومستوردة , فهم  يقسمون لمجموعة فئات أختصرها كما يلي : 

•         فئة سورية متعلمة تنتمي لبعض الطبقات الاجتماعية والفكرية وجدت أنها فرصة مناسبة لركوب الموجة والحصول على بعض الشهرة أو زيادتها التي قد تساعدها في مراحل قادمة  , ولا ضير عندها في أسوأ الأمور من الحصول على بعض فتات السلطة ,هذه الفئة مقسومة لمجموعتين بعضها لم يحقق نجاحات عملية وبعضها الأخر حقق بعض النجاحات ولكن دون طموحه ,وبما أن هذه الأوقات مناسبة لهم لزيادة شهرتهم وتحقيق باقي طموحاتهم بالاستعانة طبعا ببعض  قنوات الظلام ,اتكلوا على الله وركبوا الموجة .

 

•         فئة تحمل الهوية السورية ,حاقدة ممتلئة بالخيانة والغدر تملك العلم والمال, لا تعرف معنى وطن أو معنى حرية وديموقراطية  هدفها تصفية حسابات أسيادها ,مجموعة منها تتخذ الدين غطاء لها  ,ومجموعة أخرى لا تؤمن بالله ولا اليوم الأخر ,لكن لا ترى مانعا في الاستعانة مؤقتا بتجار الدين ,هذه الفئة  بمجملها تحمل رايات عثمانية وغربية , تساندها دول خارجية ومنصات إعلامية بأسماء عربية ودماء إسرائيلية  ,شعار هذه الفئة " الغاية تبرر الوسيلة"  مهما كانت هذه الوسيلة ونتائجها ,تسعد كثيرا في الجلوس بالأحضان و يا حبذا لو كانت ممتلئة بالمال , هذه الفئة قد اختبرتها جيدا في غربتي من خلال العديد من  جلسات النقاش  .

 

•         فئة يتصف أشخاصها كما يقولون ب "عقله على قدو " معدومة التعليم يمكن أن تفعل أي شيء بعد جلسة نقاش واحدة كما أنه يمكن أن تغير رأيها  في جلسة أخرى , وهؤلاء يحتاجون لمن يرشدهم ويبعدهم عن المحرضين الحاقدين الذين يستغلون طيبتهم وتواضعهم الفكري .

•         فئة معدومة التعليم يتصف أشخاصها كما يقولون أيضا "عقله على قدو "  نشأت على القتل والتخريب تجد دخول السجون أنها رحلة ترفيهية , تفعل أي شيء في سبيل المال أمثال  أبو نظير صاحب المقولة الشهيرة  "ربي يسّر" , هذه الفئة لا أمل في مناقشتها مكانها الوحيد هو بيت خالتا ,وقد اختبرتها جيدا مع سابقتها خلال عملي أيام الجامعة .

أتمنى في قادم الأيام أن أمتلك الوقت لمناقشة كل فئة بالأسماء ومناقشة أدواتها وأهدافها, والحكم حتما سيكون للقارئ الكريم.

 

ختاما باسمي وباسم رفاقي في بلاد الاغتراب نرفع أسمى رسائل الشكر والحب لرجال الدين الشرفاء من أبناء بلدي العظيم , وعلى رأسهم مفتي سوريا العلامة الدكتور أحمد بدر الدين حسون والعلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي , وكافة رجال الدين من مسلمين ومسيحيين , لما قدموه لنا من صورة جميلة رفعت من معنوياتنا وملأت قلوبنا بالطمأنينة تجاه أهلنا وبلدنا  .

 

حمى الله سوريا وسيد شباب سوريا, ورحم الله شهداءنا الأبرار مدنيين وعسكريين.

 

علاء أحمد حمود

المملكة العربية السعودية

2011-07-31
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)