تمر سورية في فترة صعبة جدا و ذلك نتيجة تراكمات سياسية و اقتصادية أساءت للمواطن بقدر أكبر من ايجابياتها التي لا نستطيع نسيانها أو إنكارها و بسبب المؤامرة التي كانت و لا تزال دول خارجية تعمل على إنجاح أهدافها ....
وبصدد حديثي عن أزمة سورية لاحظت أمراً أساسياً في بقاء هذه الأزمة و سأعرض حلا يمكن أخذه بعين الاعتبار:
إن السلطة في سورية لم تتكون بليلة واحدة بل وجدت منذ 40 عاماً لتكون بعناصرها كافة بحيث تمثل جزءا لا يتجزأ عن الشعب السوري ففي بنائها كان يؤخذ بعين الاعتبار أمور عدة جعلها تمثل معظم أطياف الشعب السوري و طبعا هذا بفضل ذكاء من قيادتها ...التي يقال عنها بأنها قيادة حكيمة و فعلا بفضل هذا الذكاء أثبتت صمودها ضمن أزمة كبيرة رغم كثير من الانتقادات التي دارت حول كيفية ثباتها..
و من أهم عوامل بقاء السلطة في سورية هو قوة نظامها الأمني و امتلاكها الإدارة العسكرية في البلاد و إدخال عناصر اقتصادية ضمن السلطة لا يستهان بها و إن ما تطالب بها المعارضة اليوم هو إسقاط النظام الأمني في سورية الذي أثبت خلال هذه الأزمة دورا كبيرا في حماية الشعب السوري من نزاع طائفي و أثبت بنفس الوقت قدر تحكمه بالشعب و إن أي إسقاط للنظام الأمني كما تريده المعارضة سيؤدي بلا شك إلا دمار الدولة و إرجاعها إلا عصور النزاعات الطائفية و الحروب الأهلية و برأيي إن اسقط هذه النظام الأمني الذي طالما تحكم بحياة المواطن لمدة عقود لا يأتي بمرسوم من الرئيس أو يمكن إنهائه بيوم و ليلة لأنه يقوم الآن بغض النظر عما يقوم به بجرح كرامة المواطن بحماية أرواح المواطنين.
المعارضة في سورية لا تريد الحوار إلا بتخلي السلطة عن الحل الأمني أي النظام الأمني و السلطة لا يمكن أن تترك بلدا قامت ببنائه لمدة 40 عاما للدمار و القتل..
إنها فعلا لمعضلة كبيرة و برأيي أن الحل الذي يجنب السوريين من أزمة لم و لن تنتهي لا بشهر و لا بشهور ولا حتى بسنين و على ما أعتقد لمدة تقتل المواطن السوري و تدمر وطناً عظيماً مثل سورية هو أن ترضخ المعارضة لطريق الحوار الذي لا شروط له فداء لوطن طالما حلمنا به و لا نريد دماره
مهما كان السبب لن أدع أحدا يقترب من وطني الذي عشت فيه سنوات صباي ...إن هذه الفترة التي نعيشها في سورية إنها لفترة في غاية الحساسية لما تحمله من أبعاد و أولها بحث المواطن عن كرامة لطالما فقدت و ثانيها صراع دول على بسط سيطرتها على سورية ...إن ما نشهده من مؤامرة خارجية على الوطن تجعلنا فعلا ننظر لمشاكلنا الداخلية ليس بالبسيطة بل بالكبيرة التي لن نتخلى عنها إلا إذا كان هناك ما يؤذي فعلا كياننا المستقل في سورية و نسترجع ذاكرة الاستعمار العثماني الذي محق كثيرا من حضارتنا و نقول لا و لا نريد شيئا...
أرجوكم أوقفوا كل ذلك و أوقفوا ما يحصل الآن و تعالوا معنا للحوار تعالوا بدون شروطكم التي لن تحققوها أبدا إلا إذا دمرتم وطنكم ..
و بين أبيض و أسود سنجد كثير من الناس في سورية اليوم يتناقشون فيما بينهم عن الأزمة التي نمر بها في هذه الفترة و نلاحظ آراء مختلفة منها ما يتجه للضرر بالوطن و الآخر يتجه لحماية الوطن
إن من يسير باتجاه دمار وطنه هو من يتظاهر عشوائياً و يؤيد من يخرب و يعمل بتظاهره على دعم تآمر الدول الأجنبية و العربية على سورية و هو يعلم بذلك بشكل أو بآخر...
إن من يحمي وطنه هو ليس من يقوم بتأييد الفساد و يخرج مؤيدا لنظام أمني بغض النظر عما أنجزه من إنجازات لكنها ببطئها السلحفاتي بقيت بالخلف ..
إن من يحمي وطنه هو من يقول لا للتظاهر العشوائي و يعمل على وئد الفتنة في سورية و هو من يدعم الإصلاح و من يدعم أي مبادرة للخروج من الوضع الراهن الذي أرهق اقتصاد سورية و دمر كرامة لم تولد بعد..إنني لا أجد في المظاهرات في سورية حاليا أمرا يجعلني أخرج معهم فأنت عندما تخرج مع تيار أو حركة ما فإنك تؤيد معظم ما يقال و كل أهداف هذه الحركة أو الثورة...بمعظم أهدافها و شعاراتها لست مؤيدا لها و قلة قليلة هي الشعارات التي تقال و أؤيدها لذلك فإنني لست مضطرا لأكون مع أحد لا أتفق معه..و لا أحد يستطيع أن يجبر أي شخص على تأييد أفكاره إلا عن طريق الاستبداد كما حصل في حماه....
إنني أرى بالإنسان الشريف هو الإنسان المعتدل الذي لا يكون مسيرا من أحد و قادرا بنفسه على أن يقول لا للتخريب لا لقطع الطرق لا لإزعاج الناس و يتقبل رأي و مشاعر الشخص الآخر و هو من يعمل على الأرض بكل إمكانيته على القول لا عندما يمس الأمر وطنه..
من الأفضل أن نعترف بشيء يسمى رمادياً وهو من تكون مبادئه كالتالي:
1*لا للتدخل الأجنبي الذي سيدمر سورية حتماً.
2*لا للتظاهر العشوائي الذي ليس له أي أهداف و شعارات نكون مؤمنين بها فعلا .
3*نعم للتظاهر الشعبي السلمي المسؤول الذي يكون في وقت نختاره نحن بأنفسنا و ننادي به فعلا بأفكار بناءه و مدروسة و نعم للتظاهر الذي لا يؤدي لقطع طرق و إحداث قلق لأحد.
4*نعم للمطالبة بالإصلاح الفوري الذي لا رجوع عنه.
5*لا للدعوة لقتل أحد أي كان مؤيدا أم معارضا فكل من هؤلاء يمتلك أفكارا خاصة به و لسنا بصدد تقييمه و لأننا نعمل على بناء سورية متعددة.
التحيات الطيبة لأرواح شهداءنا العسكريين أو المدنيين في سورية الذين خطوا بدمائهم الطاهرة لوناً من ألوان علمنا السوري رمزاً لكرامة الوطن و المواطن .
**************************************************************