news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
تنذكر و ما تنعاد ... بقلم : Mr. Hassan

يمر الإنسان في مواقف و ظروف كثيرة خلال حياته, منها ما يذهب إلى سلة المهملات القابعة في قسم معين من الدماغ و بالطبع يمكن استعادتها ببعض الجهد حيث أنه لا يوجد لدى البشر خاصية الـ.    Shift+ Delete, و منها ما تتم استعادتها بسهولة .


و ذلك ينجم عن كون هذه المواقف تتمتع بشيء يعطيها بعض التميز, طبعا هذا التميز قد لا يكون دائما ناتج عن شيء ايجابي و إنما أيضاً قد يكون بسبب مواقف سلبية و هي التي نقول عنها "تنذكر و ما تنعاد " أي أن هذه الذكريات غالبا ما يتم استذكارها و روايتها و الحديث عنها كنوع من الطرفة مع الحرص على عدم تكرارها لأسباب تتعلق بشكل أساسي بالسلامة العامة و تفاديا للمثل القائل: "لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين"

عادة ما ترافق هذه الذكريات الإنسان من طفولته و حتى مماته و ربما بعد ذلك (الله أعلم), و كلما كانت هذه الذكريات مرتبطة بمواقف ذات طابع دراماتيكي كلما ترسخت بشكل أكبر

فمثلا, حين كنت في الخامسة من عمري اشترى والدي سيارة و كانت أول سيارة يقتنيها, و كتعبير عن رضا والدي عنا أنا و أخي (حيث أصبحنا حبابين و أقل شيطنة منذ عرفنا بالسيارة الجديدة) قرر والدي إذ ذاك بأن يكافئنا بمشوار (كزدورة) بالسيارة. ركضنا إلى السيارة و الفرحة تغمرنا و سرعان ما حصل شجار بيني و بين أخي على المقعد الأمامي, إلا أن نظرة جانبية من والدي جعلتنا أنا و أخي نستشعر خطر إلغاء هذا المشوار في حال استمرينا في شجارنا فما كان من أخي إلا أن استوعبني لأنه أكبر مني سنا, و جلس في المقعد الخلفي , مثل الحباب, أما أنا فقد تربعت على عرشي في المقعد الأمامي, و طبعا لم أحرم أخي من بعض الابتسامات و النظرات الشامتة...

على كل...تحركت السيارة أخيرا و رحت أتابع و الدي أثناء قيادته, و لاحظت بأنه يحرك هذه العصا الغريبة التي تتوسط المسافة بيني و بينه بين الفينة و الأخرى, و استحينت اللحظة المناسبة لتحريك العصا بدلا عن والدي                (إنه دوري الآن !!) و على حين غفلة من والدي أمسكت بالعصا و سحبتها للخلف...

في تلك اللحظة شعرت بخوف شديد نتيجة لما حدث...فقد صدر عن السيارة صوت ضجيج شديد و اندفعَتْ بشكل متقطع (نتعت) و أدى ذلك إلى اصطدام رأسي في التابلو و اندفاع أخي من المقعد الخلفي الى فوق العصا الشريرة و اصطدامه بي حيث تكوم فوقي, و لكن و الحمد دلله لم ينتج عن ذلك أية أضرار جسدية أو مادية (لغاية تلك اللحظة)...أما والدي (فيا ويلي على والدي) فأترك لكم إخراج المشهد على طريقتكم......تنذكر و ما تنعاد

 في المرحلة الثانوية تعودت أن أجلس مع صديق طفولتي في نفس المقعد ما قبل الأخير في الصف من الناحية اليسرى لما يتمتع به هذا المقعد من أهمية استراتيجية حيث نكون على خط واحد طولي مع طاولة المدرس الذي يصعب عليه رؤيتنا بشكل واضح وقت القيلولة بسبب تراكم صف المقاعد أمامنا.. ..

و في أحد الأيام زارنا النعاس كالعادة بدون اسئذان منذ بداية الدوام, استطعنا أنا و صديقي الصمود إلى الحصة الثالثة      و التي كان مقررا أن تكون حصة تربية عسكرية (فتوة), و كان مدرس المادة مشهور بالمدرسة بالحزم و عدم الضحك للرغيف السخن, إلا أن النعاس لا يعرف أحدا...

حاولت الصمود أكثر و لكني كدت أبكي من النعاس و خاصة حين رأيت أحد زملائنا في المقعد الثاني من جهة الحائط الأيمن ممسكا بقلم في يده و واضعا يده الأخرى على جبينه متخذا وضعية الكتابة و مغمضا عينيه (بس على مين يا (بابا), فقلت في نفسي تشجع يا فتى فذاك المقعد رغم أنه مكشوف جدا للمدرس إلا أنه لم يكتشف بأن زميلنا سارح في سابع نومة.

حاولت أن أفعل مثل زميلي ذاك بأن أمسك قلما و أدعي الكتابة و متابعة ما يقوله المدرس إلا أنني لم استطع حتى أن أحافظ على رأسي مستندا على يدي, نظرت إلى صديقي فإذا به دافنا رأسه بين ذراعيه فوق المقعد كالعادة و مستغرقا في نوم هانئ فقررت أن أفعل مثله مع الحفاظ على بعض الحذر. كان عنوان الدرس يتحدث عن الطبوغرافيا و تحديد الإحداثيات على الأرض و نقاط العلام و ما إلى هنالك...و قد أعطى المدرس أمثلة على الأشياء التي يمكن أن تكون نقاط علام و أخرى لا يمكن أن تكون نقاط علام مثل شجرة عليها غراب !.... أذكر أني كنت أصحو بين وقت و آخر على كلمة (شجرة)...(غراب)...و تكررت هذه الكلمات كثيرا و في كل مرة افتح عينيّ بتثاقل كلما رددها المدرس بصوته الجهوري, فأصبح لدي فضول لمعرفة علاقة الشجرة و الغراب بحصة التدريب العسكري فما كان مني إلا أن سألت صديقي و شريكي في المقعد عن ذلك و لكن سرعان ما تبين لي بأن معلوماتي أوسع بكثير من التي لديه حيث أنه لم يسمع حتى المدرس يقول كلمة (غراب)...

فقررت أن لا أتعب نفسي في تعلم كل شيء في يوم واحد و أن أتابع قيلولتي...أما ما حصل بعد ذلك فاني صحوت و لكن هذه المرة ليس على كلمة (شجرة) أو (غراب) و إنما على ألم مترافق بحرارة موضعية متمركز في قمة رأسي, رفعت رأسي و أنا أفرك مكان الألم فرأيت عمو المدرس بجانب السرير, عفوا المقعد, حاملا بيده عصا من النوع الحلوف,     و على هات و خود و جيبني و طلعني و نزلني و هذه تنفعك و هذه تضرك...و هوووب لعند المدير أنا و صديقي و من ثم فصل ثلاثة أيام مع إحضار ولي الأمر (الله يعينو)...و هوووب...تنذكر و ما تنعاد

2010-11-06
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)