news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
حدث في بلاد دموعستان... بقلم : تـمّام نصـر ديـّوب

اجتمع عباقرة بلاد دموعستان ليجدوا حلا ً نهائيا ً للأزمة المستفحلة والمستمرة منذ عشرات السنين والتي أدت إلى إعاقة تقدمهم على جميع المستويات. البعض اقترح شراء أحدث الأسلحة المتطورة في العالم ثم شن هجوم صاعق على العدو لكن الاقتراح رفض بحجة أن لا أحد سيبيعهم السلاح المتطور والبعض الآخر قال: لم لا يقوم جميع أهالي البلاد بعبور الحدود والهجوم على عدوهم ولو أدى ذلك إلى سقوط العديد من الشهداء ولكن هذه الفكرة الجنونية لاقت رفضا ًمن السلطان بداعي أن طائرات العدو ستقصف الجموع بعدة قنابل ضخمة تبيدهم عن آخرهم بينما السبب المضمر الذي لم يصرح به هو: من يبقى ليحكمه إن هم ذهبوا.


وآخرون اقترحوا أن يصعد كل الناس الجبال في كل ليلة ٍ ليتقربوا من الله ويدعوه أن يخلصهم من أعدائهم وبنفس الوقت يجب التشجيع على الزواج المبكر والتكاثر. بعد أيام من المشاورات والطلب من كل من لديه فكرة أن يتقدم بها وبعد رفض جميع المقترحات وقد كاد اليأس يسيطر عليهم أقبل عليهم رجل يدّعي أن لديه الحل الذي لن يكلفهم شيئا ً وله مفعول ٌ قوي ٌّ ويستطيع كل الشعب أن يشارك فيه بلا استثناء.

 

تشوق جميع المجتمعين لمعرفة الحل فبدأ هذا العبقري الجديد بالتحدث بعد موافقة السلطان: نبني سد. وما إن قال جملته تلك حتى ضحك الجميع وقال الذين أنهوا ضحكتهم وماذا نحبس خلفها! أنهارنا جفت وأمطارنا قلت. رد بهدوء: أنا لم أقل نبني سدا ً للمياه, من فضلكم دعوني أكمل, الفكرة يا سادة تقوم على إننا عندما نتابع نشرات الأخبار وخاصة وقت الحروب نذرف شلالات من الدموع حزنا ً على إخواننا في الأراضي المحتلة دون فائدة فلم لا نستغل هذه النقطة لصالحنا فبدل أن تكون نقطة ضعف تصبح نقطة قوة أي نقوم ببناء سد ضخم ونقوم بذرف دموعنا خلف السد حتى يمتلئ ثم نقوم بفتحه دفعة واحدة باتجاه العدو فنغرقه.

 

بعد أن أنهى فكرته عم الصمت في القاعة للحظات ثم هتف السلطان: رائع إنها فكرة ٌ رائعة ٌ جدا ً وعند ذلك دوى تصفيق ٌ حاد ٌ ورفع الجميع أيديهم بالموافقة, وأعطى السلطان الأمر بالمباشرة ببناء السد ونزل الجميع إلى العمل وتم البناء على غير المعتاد بسرعة وصار الجميع ينتظرون نشرات الأخبار ويتمنون أحيانا ً ولو بخجل أن تشتد الضربات على إخوانهم حتى تزيد المناظر المأساوية ليذرفوا الدموع بغزارة ٍ وبالفعل كانوا يعبئون دموعهم في عبوات ثم يقومون بسكبها خلف السد وهنا ظهرت مشكلة وهي كيف سيقوم أبناء المناطق البعيدة بنقل دموعهم إلى السد فتم إنشاء أنابيب كأنابيب الصرف الصحي تصل إلى بيوتهم ورويدا ً رويدا ً بدأ يمتلئ السد ويرتفع منسوب الدموع ولم يترك أهل البلاد وسيلة إلا واستعملوها لزيادة المنسوب بأسرع وقت فراح العشاق يتواعدون قرب السد ويذرفون الدموع حزنا ً على الفراق وصار المسافر يودع أهله عند أطراف السد والنساء عدن لمشاهدة الأفلام الرومانسية بكثرة والصلوات على المتوفين صارت تقام أمام السد وسُيرت الرحلات المدرسية إلى السد وكذلك نشرات الأخبار كانت تبدأ

 

بذكر المستوى الذي وصل إليه منسوب الدموع في السد.

 

أما من لم يكن يذرف الدموع أو يذرفها بقلـّة فتكتب به التقارير ويساق إلى التحقيق بتهمة الخيانة ويضرب ضربا ً مبرحا ً حتى يذرف هو وأهله دموعا ً تعادل ضعفي ما يذرفه الناس في العادة.

 

مرت سنوات والناس على هذه الحال واقترب السد من الإمتلاء وحدد يوم ٌ لفتح السد وفي تلك الليلة لم ينم الناس فالجميع ينتظر ويترقب ساعة الصفر التي حُددت في السابعة صباحا ًمن اليوم التالي وفي الوقت المحدد تماما ً اقترب السلطان ليضغط على الزر الذي يفتح السد والكل جاهزٌ للفرح وما هي إلا دقائق قليلة حتى كانت الدموع تغمر كل الأراضي المحيطة بالسد وتنطلق بسرعة جنونية تشق الأرض لتغمر معظم أراضي البلاد, أجل هذا ما حدث فقد أهمل المهندسون حساب ميلان الأرض فتدفقت الدموع باتجاه البلاد وغرق الملايين من الناس وقلـّة ٌنجحت بتسلق الجبال تنتظر سفينة نوح أخرى تنقذها وهكذا مرت سنوات ٌ طويلة قبل أن يجف بحر الدموع وعندها كانت الأرض غير صالحة ٍٍٍٍٍٍ للزراعة وقد ملأها ملح الدموع.

…………..

تـمّام نصـر ديـّوب

 

القصة الفائزة في مسابقة القصص القصيرة على البي بي سي إكسترا

2011-09-20
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)