لن نخوض مجددا في شرح وتوضيح المؤامرة ومراميها التي تحاك حول وطننا الغالي فقد اشبعتها شرحا سياسيا ادبيات حزبنا ولقاءات وتصريحات اميننا العام د.عمار بكداش , ولكن هنا سنتابع اخر تطورات الوضع بعد ان اصبح كل شيء يقال ولا مجال لمداراته , فقد كشف المبتسمون عن نواجزهم ولم يعد بالإمكان إخفاء الوجه الشنيع للعصابات المسلحة المتسترة بالدين والتي تضمر عفنا استعماريا طائفيا رجعيا مقيتا.
وأصبحت ادعاءاتهم بالوطنية مثار تندر الشعب السوري, فمثلا لم يكلفوا انفسهم النطق ببنت شفة و لم يحتجوا على اغتصاب أربعمائة نازحة سورية في المخيمات التركية ( تم إثبات حمل 250 إمرأة منهن ) كما لم يحتجوا ولو بكلمة على زيارة السفير الأميركي إلى حماه أو درعا .
كيف سيفعلون ذلك وقد أزالوا المساحيق السلمية عن وجوههم المأفونة فها هو عمار القربي منذ أسابيع قد أفتى بحتمية حمل السلاح من (الشعب)السوري إذا إستمر الصمت العربي والعالمي. كما ان أكثم نعيسة نادى وبملء شدقيه : إن (السوريين) يجب أن يحملوا السلاح بوجه النظام .
ومنذ ايام نشرت صحيفة الحياة (الغنية عن التعريف بتمويلها وإنتمائها) تصريحا بريئا لأحد الثوار «السلميين» وهو يتحدث عن بطولاته بقتل إثنين من ضباط الجيش السوري.
وليأتي محمد رحال احد زعماء ثوار الغفلة يعد شعبنا بالقتل بواسطة السلاح الاميركي وبالحلال على الطريقة الافغانية..
وتستمر القائمة فلا نستغرب انه في بعض المناطق وبعد منتصف الليل نرى "ثوارا"يقومون بلصق أوراق على الجدران تهدد بالإختطاف والقتل وتمنع النساء من السير بدون(محرم) , وتطلب إطلاق سراح المعتقلين من أصحاب السوابق من صغار تجار السلاح والمخدرات,لا بل اكثر من ذلك فبعض المعارضين مستعدون لبيع ليس وطنهم بل حتى عائلاتهم نكاية بالنظام لهذا تراهم صباح مساء يبيعون أنفسهم في أسواق النخاسة التركية و القطرية و الفرنسية و الأمريكية.. تساندهم فضائيات العهر الخليجي وبتمويل من امير قطر الديمقراطي جدا امير القواعد الاميركية وقاتل الشعب العراقي والليبي ...وراشي اعضاء الفيفا لاستضافة المونديال...
وبتشجيع من الباب العالي داوود أوغلو الذي شبه احتلال ليبيا بفتح مكة , و معه أردوغان الذي أخذ يتوعد سورية من جديد.ونسأل ترى هل أخذ الضوء الأخضر من الناتو بتصعيد لهجته ضد سورية مقابل غض البصر عن الإبادة الجماعية بحق الأكراد التي يقوم بها جيشه في جنوب شرق تركيا وشمال العراق؟
وامام هذه الاصوات التآمرية يتساءل شعبنا أين هي برامج هذه المعارضات للنهوض بالبلد سياسياً واجتماعياً واقتصادياً والى محاربة الفساد والاصلاح أم أن كل ما يطرحونه هو السعي لإسقاط النظام بالدعم الخارجي القذر والمبرمج والذي يهدف إلى تدمير سوريا كاملة اجتماعياً واقتصاديا وسياسيا، وهذه الأهداف واضحة ولم يحاول الغرب الداعم للمعارضين أخفاء شيء منها ، إنهم يبذلون كل جهدهم لإلحاق سوريا بالعراق والصومال وأخيراً ليبيا خاصة وأن أوساط واسعة من المعارضة لا يشغلها كثيرا التبعية لقوى الهيمنة الأجنبية أو الرجعية العربية ولا من يسعى لتكون سوريا دولة وهابية تحت حكم يقمع باسم الدين ويتبع سياسيا للدول الامبريالية التي لا يمانع في مغازلتها بل يتعاون معها لكي تصبح سوريا أداة لتحقيق إستراتيجيتها في عالمنا العربي ومحيطه الإقليمي عبر مشروع الشرق الأوسط الكبير الجديد الملتف بعباءة الديمقراطية وبمذاق إسلامي إن تطلب الأمر, وعلى الأقل بداية.
حقائق ووثائق
وكما أكدنا في بداية المقال سنكتفي بالوثائق التي تعرض لحقيقة العلاقة الوثيقة بين الدوائر الامبريالية وأوساط من المعارضة السورية:
تقول المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند في المؤتمر الصحفي المنعقد في 16 حزيران 2011 "نحن بدأنا توسيع اتصالاتنا مع السوريين الذين ينادون بالتغيير داخل وخارج سوريا". كما تحدثت نولاند عن "الاتصالات الواسعة" التي تقوم بها وزيرة الخارجية الأمريكية مع الحلفاء وتركيا وآخرين وتبادل المشورة في العالم العربي...." وقام بذلك أيضا مساعد الوزيرة فيلتمان سيء الصيت " وعندما سئلت عن نوع المساعدات التي تقدم للمعارضين قالت "لا أريد أن أتحدث أكثر من ذلك في هذا الوقت لأن المحادثات سرية ونحن نريد أن نتمكن من توسيع وتعميق هذه المحادثات" وعندما سئلت عن كيفية القيام بالاتصالات مع المعارضة أجابت "لا أعتقد أنه من مصلحة العمل أن أدخل في تفاصيل عديدة".
وفي تعقيب على تصريحات نولاند يقول ميشيل شوسودوفسكي الأكاديمي الكندي في 17 حزيران 2011 " أن زعزعة استقرار سوريا ولبنان هو جزء من مخطط امريكي-اسرائيلي-حلف الناتو منذ عشر سنوات على الأقل".
ذكر الجنرال ويسلي كلارك القائد السابق لحلف الناتو أن "خطة حملة الخمس سنوات.. شملت سبع دول بدءا بالعراق ثم سوريا ولبنان وليبيا وإيران والصومال والسودان" انظر كتاب انتصار في الحروب الحديثة .
اعترفت الصحافة الغربية (واشنطن بوست، نيويورك تايمز والإندبندت وغيرها) أن هناك مجموعات مسلحة مناوئة للنظام. وأن هناك تمويلا لمنظمات سورية معارضة بما في ذلك قناة تليفزيون بردى، (راجع تصريحات تامارا واتس مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية في الواشنطن بوست 14 نيسان 2011)
جال ليون بانتا رئيس المخابرات الأمريكية على الحدود التركية السورية في 26 نيسان2011.
أعلنت الإدارة الأمريكية مرارا أن سوريا هي جزء من محور الشر مع إيران وكوريا الشمالية وبذلك حلت محل العراق بعد احتلالها عام 2003 بحجة أن أسلحة من شمال كوريا تهرب إلى حماس وحزب الله، فبعد أن كان محور الشر حسب خطاب بوش عام 2002 يشمل كوريا الشمالية والعراق وإيران بحجة مساعدة الإرهاب ومحاولة الحصول على سلاح دمار شامل أضاف جون بولتون وزير الخارجية الأمريكي المساعد و الذي أصبح فيما بعد سفير أمريكا في الأمم المتحدة ليبيا وسوريا وكوبا إلى محور الشر كما تحدث شاؤول موفاز وزير الدفاع الصهيوني عام 2006 عن محور الإرهاب بين سوريا وإيران.
اتهام المسئولين السوريين بضلوعهم في مقتل رفيق الحريري حتى أصبحت المحاكمة الدولية والإعداد لها قضية القضايا وتتابع رؤساء لجنة التحقيق الدولية من ميليس إلي براميرتز إلي بيلمار،ألم ينكشف زيف الادعاءات والشهود الزور؟ الم يتحول الاتهام فجأة من القيادات السورية إلى حزب الله ؟ وكل ذلك لأن حزب الله حقق أكبر انتصار تاريخي على الجيش الإسرائيلي في 2006 وذلك بمساهمة النظام السوري بشكل أساسي في هذا الدعم فاستحق هذا النظام جزءا مهما من شرف الانتصار.
والاستنتاج المنطقي أن سوريا جيشا وشعبا مستهدفة من قبل إسرائيل وأمريكا وحلفائهما في المنطقة. وذلك بإثارة القلاقل داخليا والفتن والقضاء على النظام من الداخل واستخدام نقاط الضعف في المجتمع السوري وأهمها السياسات الليبرالية واستئثار قلة بجزء مهم من الثروة واستغلال معاناة شرائح من المجتمع المتضررين اقتصاديا.
جاء في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في 18 نيسان الحالي نقلا عن الوثائق الدبلوماسية التي سربها موقع ويكيليكس مؤكدة تمويل الإدارة الأمريكية لعناصر داخلية سورية منذ عام 2006. ليس هذا فقط فالقوى الامبريالية تستخدم كل الأدوات المتاحة لها مثل أعداء النظام داخليا مثل عبد الحليم خدام والإخوان المسلمين والسلفيين الذين لهم علاقات معلنة مع الإدارات الغربية ومؤسساتها المخابراتية.ومثقفي الليبرالية الجديدة المنتمين فكريا على الأقل للمعسكر الإمبريالي والذين يسقطون القضايا الوطنية والاقتصادية الاجتماعية من مطالبهم والتركيز فقط على تداول السلطة وتعدد الأحزاب أي "الديمقراطية" حسب المقاس الغربي والمتناسقة مع ما يسمى باقتصاد السوق الحر.
من الواضح أن المناخ القائم يمثل بيئة تمكن المتآمرين من ركوب موجة الاستياء الشعبي المشروع لتحقيق أهداف سياسية لقوى الهيمنة الامبريالية , مدعومة إعلاميا بالأكاذيب وتضخيم بعض الحقائق أي إعلام دعائي يفتقد المهنية وخاصة الجزيرة التي بدأت منذ فترة بالتهديد والوعيد بالمحاصرة الإقليمية من قبل الناتو عبر تركيا واستخدام العقوبات الدولية باستخدام الأمم المتحدة وبان كي مون ومن هنا نفهم عمليات تهريب السلاح عبر الحدود ونفهم لماذا تتركز المواجهات العسكرية على مناطق الحدود الأردنية اللبنانية التركية والبحر .
ولذلك وأسرع من أي وقت مضى من الضروري إجراء إصلاح جذري وحقيقي وسريع ينقل سوريا إلى نظام تتمتع فيه جماهير الشعب بحريات واسعة ومشاركة سياسية فعالة وباقتصاد يخدم الكادحين ويقلل الفجوة بين الأثرياء والفقراء وبمراقبة شعبية جادة تحاصر الفساد والمفسدين، نظام يواجه المخططات الصهيونية والامبريالية والتآمر العربي الرجعي والإقليمي بدعم كبير من الشعب. هكذا نريد سوريا نموذجا عربيا يستخدم القوة الشعبية والتقدم العلمي والوحدة الوطنية لمواجهة التحديات كافة.