وسط قعقعة السلاح .. ورائحة البارود .. وممارسات الإرهاب والتطرف .. وكيل الاتهامات وثقافة الموت والدم .. أصبح الحوار مطلباً ملحّاً .. تريده الجماهير الشعبية وتصرّ عليه النخب..
تمت الدعوة إلى الحوار في معظم المحافظات السورية .. بحشد المحاورين معظمهم من لون واحد، وبعضهم ممن يغمض عين ويفتح الأخرى واقفاً في المنطقة الرمادية والبعض من (الجبهة) والذي اتخذ مواقف محاولاً إرضاء المعارضة.
ــ هل هي دعوة إلى تعلم لغة الحوار والإقناع وسماع الآخر وفتح باب الجدال والنقاش واللقاء مع كل القوى السياسية والثقافية بعد أن تراجع أسلوب الحوار لصالح أسلوب التصادم والتخوين؟
ــ هل هي دعوة لنقد الذات؟ .. نقد لكل الإجراءات والسياسات الاقتصادية المدمرة التي اتبعتها الحكومات السابقة .. والتي جعلت من البلد تربة خصبة للتآمر عليه من الداخل.
ــ هل هي دعوة لمحاربة الفساد بكل أشكاله؟ .. هذا الفساد الذي لم نستورده وإنما بدأ بفساد الإدارات والمؤسسات وفساد العلاقات القائمة بين الفرد ومؤسسته واستشرى كالسرطان مخرباً جسد هذا الوطن.
ــ هل هو دعوة للمزيد من الولاء والانتماء للوطن؟ .. في زمن كثر فيه عدم الوفاء والإخلاص للوطن لاسيما ممن جعلوا كراسيهم خشبة عبور لمزيد من النهب وجمع الثروة وبناء القصور وامتلاك المزارع.
ــ هل هو دعوة لإعادة بناء الإنسان وتربيته والاهتمام بتعليمه؟ .. لاسيما الأساسي منه .. وربط المدرسة بالبيت والبيئة قبل ربطها بالمنظمات .. وإدخال المفاهيم الأخلاقية والاجتماعية .. فمن المستغرب أن يقدم سوري على قتل أخيه والتمثيل بجثته وحرق مباني وسيارات الحكومة وقطع الطريق على المسافرين .. واغتيال الأطباء والعلماء.
ــ هل هو دعوة للعمل على إلغاء الإرهاب الثقافي، إلغاء الرقابة، والاهتمام بحرية الإبداع، وإعطاء مسافة كافية للمفكرين لإبداء الرأي المختلف واحترامه وإعلاء شأن الثقافة ورفع مستوى الوعي عند الجماهير حتى يعلو صوت الثقافة وسط هذا الزحام من الأميين؟.
ــ هل هو دعوة للتركيز على الخطاب الإعلامي وضرورة تطويره ودمقرطته، لما له من أهمية في تشكيل الرأي العام والارتقاء بالإعلام المقروء والمسموع على درجة أعلى في سلم الحرية الفكرية وفسحة أوسع من الديمقراطية وقدراً أكبر من الشفافية؟.
ــ هل هو دعوة للاهتمام بقضية البحث العلمي وتخصيص ميزانيات معقولة له (بدون سرقتها) حتى نواكب التطور التقني السريع والهائل؟.
ــ هل هو دعوة للتأكيد على تحقيق العدالة الاجتماعية التي غابت عن الخطابات والبرامج والمنابر، وتعزيز الكرامة الإنسانية؟ فالإنسان هو العنصر الأساسي في عملية النهوض البشري.
ــ هل هو دعوة لجعل الحوار ممارسة وليس كلاماً (كما كان سابقاً)؟ فوسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية ملأت أسماعنا وأبصارنا بالحديث عن حوار الأديان والطوائف .. وحوار المذاهب والثقافات .. حور السلطة والمعارضة .. حوار الشباب .. الندوات والجمعيات.
ــ هل هو دعوة لإسكات الشارع الذي أصابه ضجيج السلاح بالصمم وبريق الريالات والدولارات بالعمي؟.
ــ هل هو دعوة لفتح الطريق أمام مستقبل جديد لسورية .. مستقبل تسوده العدالة والحرية والعيش الكريم؟.
وأخيراً.. على مدى الشهور المنصرمة هتفت جماهير في بلدان عربية: الشعب يريد إسقاط النظام، أما نحن فنريد: وطن حر وشعب سعيد.