أثقلت شماعة الدين مؤخرا من قبل البعض حتى ناءت من كثرة التهم التي وجهوها له و هو منها براء. علقوا على تلك الشماعة كل ما وجوده من مشاكل في مجتمعنا من فقر و تخلف و جهل و جريمة و أراحوا أنفسهم من عناء العمل لحل تلك المشاكل لأن الحل بنظرهم ببساطة يكمن في إلغاء الدين من مجتمعنا و بالتالي فالحل عند غيرهم و ليس عندهم.
نسوا أن الدين يدعو إلى حسن الخلق و المحبة و حسن الجوار و صلة الأقارب, نسوا أن الدين يحرم السرقة و الرشوة و كل أنواع الكسب غير المشروع و يدعو للعمل الشريف, نسوا أن الدين يدعوا إلى الحرية الحقيقية الحرية التي لا تؤذي الغير و المقدسات و تنتهي عندما تبدأ حقوق الغير و ما أحوجنا لأن نحترم بعضنا.
نسوا أن الدين يصون المرأة و يحثنا أن نستوصي خيرا بزوجاتنا و أن خيرنا هو خيرنا مع زوجته و نسوا و نسوا و نسوا أو تناسوا. ربطوا الدين بأمور لا علاقة له بها كجرائم الشرف و الإرهاب و اضطهاد المرأة و بعض الفتاوى من بعض الجهال الذين لا يمثلون إلا أنفسهم, عيروا مجتمعنا بالتخلف عن ركب الحضارة و كأن الدين يحرم طلب العلم و يأمرنا بالتقوقع بالمساجد و ترك الدراسة و البحث العلمي.
و يبدو أن التعصب و الرغبة في لوم الآخرين و وسم كل من يخالفهم بالتخلف قد جعلتهم يغفلون و يتناسون الأسباب الحقيقية وراء مشكلاتنا و هي لا تخفى على أحد منا والدين منها بريء.
يقولون أن الدين يلغي الآخر و يقعون فيما يتهمونه به فيطالبون هم بإلغاء الدين من حياتنا, يقولون أن المرأة يجب أن تكون حرة و يسلبونها حريتها في ارتداء الزي الإسلامي إذا اختارت بنفسها.
يقولون الدين يخالف الديمقراطية و هم أقلية يخالفون رأي الغالبية المتدينة في بلدنا.
يتنطعون بحلول مستوردة من خارج بيئتنا و ثقافتنا فتارة تسمع من ينادي منهم بتشريع الدعارة لتنظيمها و تارة من يطالب بحقوق الشاذين و تارة من يدعو إلى تدريس الجنس في المدارس و تخفيف عقوبات القتل إلى آخر تلك الأفكار الخلبية
و لو نظرتم مرة واحد بعين الإنصاف إلى حالنا لوجدتم و بكل حيادية أن الدين ليس سببا بل حلا لكل مشاكل مجتمعنا.
نعم إن انتشار الرشوة في مختلف الدوائر الحكومية و الفساد المستشري حتى لا تكاد تتمكن من إنجاز معاملة واحد دون ان تدفع المعلوم للموظف المعني مما يتسبب بهدر المليارات من أموال الدولة سنويا و انتسار الاختلاس من المال العام بغير وجه الحق لا يتعلق بالدين لا من قريب و لا من بعيد و الدين يحرم الرشوة و يحث على الإخلاص في العمل و تحري الحلال و البعد عن الشبهات.
كما أن تفشي الجريمة و خروجها عن المألوف أحيانا (و لكم أن تقرؤوا صفحة الحوادث ) ليس له علاقة بالدين لا من قريب و لا من بعيد و كل من يمارس هذه الأعمال فهو بعيد كل البعد عن مبادئ الدين.
إن هجرة الأدمغة من أطباء و مهندسين و استنزاف الخبرات التي لا تعود من بلدنا كل يوم لا يمكن أن يكون الدين سببا فيها مطلقا.
نعم أيها الأخوة إن آخر ما يمكن أن يساعد في حل مشاكل جامعاتنا و تطويرها علميا هو منع النقاب فيها و ربما غاب عن بعض المعنيين أن بعض الجامعات التي تسمح بالنقاب في الخليج قد أصبحت تصنف ضمن قائمة أفضل الجامعات العالمية دون أن يعيقها النقاب أو الحجاب أما تطوير الجامعات فيتم من خلال تحديث المخابر و وضع خطط لتطوير المناهج و بالتأكيد لا علاقة للحجاب أو النقاب بذلك
الدين أيها ألأخوة ليس سبب هجرة الأدمغة من بلدنا و ليس سبب انقطاع الكهرباء المستمر و البطء في الإنترنت و العلمنة لن تساعد في خفض أسعار الخضر و البترول أو زيادة معدل رواتب الموظفين أو حل مشكلات الشباب المختلفة.
و من ذا الذي يقول أن تخلفنا في مجال التكنولوجيا سببه الدين و أننا بمجرد أن نطبق العلمانية في حياتنا سننافس اليابان و الولايات المتحدة و سنغدو في طليعة الدول المصدرة للتكنولوجيا العالية في العالم.
القائمة تطول و تطول و لكن كفى ... كفانا لغطا و كفانا لوما و كفانا كلاما بلا طائل و ليسأل كل منا نفسه سؤالا واضحا:
ما الذي قدمه أو ينوي تقديمه لخدمة بلده و تطويره في مجال عمله؟
دعونا نركز على الحل بدل التركيز على المشكلة.
دعونا نركز على ما يجمعنا بدل التركيز على ما بفرقنا و ربما كان هذا فعلا ما يفصلنا فعلا عن أن نتطور.
دعونا نتكافل فيما بيننا و لننحرك و ننشر ثقافة العمل و المحبة و العلم بيننا ولنبتعد عن ثقافة اللوم و الكراهية التي لن تجلب لنا سوى مزيدا من التفرقة و التخلف.