جميلة كانت تلك اللحظات التي أهديتك فيها كلمات غناها جو داسان في رائعته (et sit u n'existe pas) .. أتذكر .. عندما كان يقلنا القطار من مدينة فرنسية الى جنيف.. شعرت حينها بأني فاجأتك بها و كأنك كنت تسمعها لأول مرة.. كنا نعيد سماعها كما لو كنا قد أدمناها ..
في شوارع جنبف.. و أمام مبنى الأمم المتحدة .. كان يحلو لنا أن نلتقط صورا تذكارية لتبقى هي شاهدنا الوحيد على أننا كنا يوما ما سوية.. كنا يوما ما هناك.. أتذكر .. عندما رفعت يدك لتطال ذلك الكرسي العالي ذو الرجل المكسورة و المنصوب امام ذلك المبنى.. ربما ليوهموا المارة به بأنهم ' دعاة العدل و الإنسانية و كل صفات الخير التي يطلقونها على أنفسهم'
وقفنا أمام البوابة الحديدية و كل منا يبحث عن علم بلاده بين الأعلام المصفوفة .. فقط عندما كانت الاعين تلمح العلم يرفرف .. كانت القلوب ترفرف معها.. كم من عشرات الصور رحنا نسجل بها علما مزهوا يغرد في سرب من الاعلام.. أتذكر.. عندما كنت تقول لي بأنه يعجبك كثيرا النشيد الوطني السوري و كذلك العراقي و أيضا المصري و رحت أفتش عن كلمات نشيدك الوطني الذي كنت تردده بحماس مزهوا ببلد المليون شهيد (حينها كنت تصر بأنه بلد المليون و نصف المليون شهيد).. و مازالت تعلق في ذاكرتي بعض كلماته حين يقول ( يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كــما يطوى الكـــتاب .. يا فرنسا إن ذا يوم الـحــساب فاستعدي وخذي منــا الجواب) و كأنني أشتهي أن اصفع وجه فرنسا بكلمات تشبه هذه الكلمات
في تلك اللحظات.. ما كان يخطر لنا أيا مما عشناه بعد تلك اللحظات...
في تلك اللحظات .. لم نكن نحسب لبعد بعمر 3 سنوات و نيف.. كما لم نكن نظن للحظة بأن المحافل الدولية تريد ان ترفع في سمائها أعلاما لا تمثلنا.. و لا يرفرف القلب لرفرفتها..
لم يكن بحسابنا.. إننا قد نضيع حبا.. كما قد نضيع بلدا.. و إننا سنصارع من اجل حب حتى الموت كما سنصارع من اجل وطن حتى الشهادة...
هذه اللحظات ليست بطعم تلك اللحظات.. فتلك مفعمة بالأمل .. و هذه المفعمة بالأمل لا تتشابهان..
اننا نحتاج الحب في كل اللحظات.. خاصة عندما يصبح الوطن في خطر.. يكون الحب حينها قوة لنا في حماية الوطن..
في ايام قليلة سيهل عيد ميلادك.. و ستهل برفقته قرارات عربية و غربية ..
فأي هدية لك في عيد ميلادك.. و أي هدية للوطن في عيد صموده..
الحب وحده هديتي..
لكما اذن مني كل الحب.. وكل الوفاء