لم يَصْدُقُ المثل الشعبي القائل: «رافق السعيد تسعد» على ما حدث معي خلال تواجدي برفقة وزيري النفط والكهرباء وبقية الطاقم الحكومي في الملتقى الوطني للحوار الاقتصادي، وعلى هامش الحوار سألني أحد الأصدقاء: هل كان الحوار غنياً؟.
أجبته: حسب معلوماتي فإن هذا الحوار يعتبر من أغنى الحوارات التي حدثت، لأن الأشخاص الذين كانوا يتصدرون المنصة لينظموا الحوار ويترأسوا الجلسات تقدر ثرواتهم بملايين الدولارات، والسادة الوزراء كانوا جالسين بجانبنا، فكيف سيناقش أهل الملايين مطالب الشعب؟!.
في الحوار توجه الكثير من الحضور بالأسئلة لوزيري النفط والكهرباء حول كيفية مواجهة الشتاء القادم، لكن الأجوبة لم تقنع ولم تدفئنا.
والسؤال الأهم كان ما هي طريقة إيصال الدعم لمستحقيه؟ وهذه المعادلة المستحيلة الحل.
بعض الأجوبة التي سمعناها من وزرائنا أوحت ــ عساي أكون من المخطئين ــ أن سبب فشل اقتصاد السوق الاجتماعي كان وجود عقبات في طريقه، لذلك يجب أن نزيل هذه العقبات!!!.
يعني لحد الآن لم نسمع أحداً يلقي باللوم على هذا الاقتصاد السوقي الاجتماعي.
أنهينا الملتقى الوطني للحوار الاقتصادي يوم /1/ تشرين الثاني، بدأت الطوابير بالتشكل أمام محطات الوقود الخاصة والعامة، مما اضطر وزير النفط إلى الظهور علينا في يوم /16/ تشرين الثاني ليخبرنا بأسرار خطيرة حول سبب الأزمة، وأن الوزارة ستضع آليات جديدة لتوزيع المازوت والغاز إلى جميع المواطنين دون عناء وانتظار أمام المحطات، وأتحفنا بأرقام ونسب مئوية لحجم الاستهلاك ونسب الزيادة وغيرها، إلا أننا لم نشعر بالدفء بعد هذا الكلام أيضاً.
في نفس التوقيت أكد وزير الكهرباء أن الطلب على الكهرباء زاد بشكل مفاجئ نحو /30%/، ولا أدري سبب المفاجأة، فإذا كان المواطن لا يجد مازوتاً ولا غازاً، فمن المؤكد أنه سيعتمد على الكهرباء للتدفئة، ليس اختراعاً جديداً للدولاب!!!.
الإطلالة الجديدة للتوأم الوزاري الحراري كانت عبر شاشة التلفزيون السوري يوم /20/ تشرين الثاني، أي بعد فشل الوزارتين في الجلوس معاً والاتفاق على آلية تقينا برد الشتاء وفواتير الكهرباء، ولربما لا يجتمع الوزيران إلا في المناسبات الرسمية: حوار وطني، مجلس الشعب، تلفزيون، إذاعة .... وطبعاً وزير النفط بدأ اللقاء عنيفاً متوجهاً باللوم للأخ المواطن، وهذا اللوم يدل على أن السيد الوزير يعيش في وزارته العاجية ولا يعرف كيف يعيش المواطن السوري، فكيف يقول: إن الحق على المواطن في أزمة المازوت فالمواطنون أرادوا جميعهم في يوم واحد وفترة واحدة أن يحصلوا على المازوت، مع أن المازوت متوفر منذ فترة طويلة، فلماذا لم يشتروا احتياجاتهم مسبقاً تجنباً للأزمة!!!.
ربما نسي وزيرنا الغالي أن أخاه المواطن لا يمتلك كتلة نقدية مدّخرة في البيت أو رصيداً مصرفياً يجعله يشتري المازوت في أي وقت يريد، وعاد الوزير لشرح الآليات والنسب المنتجة والمتوفرة ومعدلات الاستهلاك، ونحن من حقنا أن نسأل كل الحكومات: ماذا كان ينقصنا لننشئ مصفاة أو منشأة لتكرير النفط وإنتاج المازوت؟.
أما وزير الكهرباء فبشرنا بأننا لم نصل في تاريخ سورية في مجال الطاقة الكهربائية إلى هذه الذروة ولم تكن كل العنفات بالخدمة.
أما التصريح الأطرف لوزير الكهرباء فكان: مع دخول البرد بشكل مفاجئ وانخفاض درجات الحرارة بشكل كبير هذا العام مقارنة مع السنوات الماضية لجأ الأخوة المواطنون إلى استهلاك الطاقة الكهربائية.
وهذا تطور مهم في رؤيا السيد الوزير منذ تصريحه الماضي ــ قبل عدة أيام.
ويتفق الوزيران في حنينهما لاقتصاد السوق الاجتماعي، فوزير النفط يرى أنه يجب تعويم سعر المازوت، يعني باي باي للدعم الحكومي، أما وزير الكهرباء فرأيه أننا بحاجة لاستثمارات في قطاع الكهرباء ومشاركة القطاع الخاص في الاستثمارات لأنها ظاهرة صحية في كل أنحاء العالم.
مع الإطلالة القادمة للسيدين الوزيرين ربما تكون الأمور أكثر فأكثر دفئاً وحميمية ونكون قد تجاوزنا ولو نسبياً التهريب والخلل في التوزيع وبرامج التقنين والأزمات المفتعلة ونغني جميعاً مع المطربة الصاعدة ذات العيون الواعدة:
أنا ببعدك بردانة دق الماني دق الماني